توقيت القاهرة المحلي 22:02:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غياب الرقابة.. يُفشل الدعم النقدى‬

  مصر اليوم -

غياب الرقابة يُفشل الدعم النقدى‬

بقلم: عماد الدين حسين

ما الذى يجعل كثيرا من المواطنين يخافون من اتجاه الحكومة الواضح لتطبيق الدعم النقدى، بدلا من الدعم العينى، الذى تعودوا عليه منذ عشرات السنين؟!‬
والسؤال الثانى: هل هناك فرق بين الدعم النقدى والعينى، طالما أن المواطن سيحصل على حقه فى كل الأحوال سواء كان نقديا أو عينيا كما تقول الحكومة؟.‬
نبدأ من السؤال الثانى والإجابة أن الحكومة تقول إن المواطن المستحق للدعم سوف يحصل على حقه كاملا إذا تم تطبيق الدعم النقدى، وحتى لو ارتفع معدل التضخم فإن الحكومة ستقوم بزيادة مبلغ الدعم النقدى لمواجهة الارتفاع الجديد فى سعر السلعة. ‬
نظريا أيضا فإن الدعم النقدى يبدو جيدا جدا للحكومة لأنه سيجعل الدعم يصل فعلا إلى مستحقيه، وسيتم تقليل التشوهات والعجز فى الموازنة العامة للدولة.‬
إذن: أين المشكلة وما هى إجابة السؤال الأول؟!‬
المشكلة ببساطة أن كل كلامنا السابق نظرى فقط، وأن غالبية تجارب المواطن مع الحكومة فى مثل هذا النوع من القضايا شديد السلبية.‬
وإجمالا يمكن تلخيص مخاوف المواطنين فى مسألة الدعم فى بعض الأسباب الجوهرية وهى:‬
السبب الأساسى الأول هو غياب الرقابة على الأسواق، بمعنى أنه قد نتفق نظريا فى أن الدعم النقدى مفيد للمواطن وللدولة وللموازنة، ولن يتضرر منه إلا المحتكرون والمضاربون والتجار الجشعون، وعمليا فإن عدم قدرة أجهزة الحكومة المختلفة على الرقابة على الأسواق سيطلق يد المحتكرين فى الاستمرار فى نفس سياستهم السابقة وسيرفعون الأسعار إلى مستويات فلكية، ما يؤدى إلى جعل المواطنين عاجزين عن تحملها، وبالتالى ندخل فى قلاقل ومشاكل وأزمات اجتماعية واقتصادية وسياسية لا يعلم خطورتها إلى الله.‬
نعلم أن الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها مصر، سواء كانت خارجية أو داخلية، وقد نتفق أو نختلف حول بعض التفاصيل، لكن لا أحد ينكر غياب الرقابة الفادح. وهناك مثال صارخ على هذا الأمر. فالحكومة أعلنت أكثر من مرة أنها اتفقت مع المخابز التى تبيع الخبز الحر غير المدعم على قواعد ومحددات السعر، خصوصا فى مسألة الوزن، وحددت سعرا واضحا لكل وزن، يراعى حق صاحب المخبز فى الربح الجيد، وحق المواطن فى الحصول على هذه السلعة الحيوية بالسعر العادل، لكن كل ذلك لم يطبق ورأينا أصحاب المخابز والفرشات يبيعون طبقا لهواهم ضاربين عرض الحائط بظروف الناس وكلام الحكومة، والسبب الجوهرى فى هذا الأمر هو أن الرقابة غائبة أو منعدمة أو ضعيفة لأسباب يطول شرحها.‬
مثال رغيف الخبز لمسناه فى العديد من الأزمات مثل تخزين سلع أساسية فى أوقات الأزمة مثل السكر والأرز والبطاطس، والنتيجة العملية لكل ما سبق هو أن المواطن يشعر أن الحكومة تتركه فريسة لجشع بعض التجار والمضاربين والمحتكرين من دون تحرك جاد منها.‬
السبب الجوهرى الثانى هو الخوف من عدم وجود بيانات ومعلومات كافية ومستحقة لدى الحكومة عن المستحقين للدعم.‬
الحكومة تقول إنها تملك هذه البيانات، والتجارب السابقة الكثيرة تقول إن بعض المصريين ماهرين تماما فى «ضرب الأوراق»، وإذا أضفنا عامل وجود بعض الموظفين منعدمى الضمير، فهناك سبب جوهرى حقيقى لقلق الناس من تطبيق الدعم النقدى.‬
شخصيا وحينما أفكر فى موضوع الدعم النقدى نظريا أقتنع به تماما لأنه فعلا يقضى على العديد من المشاكل ويجعل السلعة تباع بثمنها الحقيقى، وبعدها يصل الدعم النقدى إلى من يستحقه.‬
لكن عمليا وحينما أفكر فى واقع ضعف أجهزة الرقابة خصوصا مفتشى التموين، ومراقبى تعريفة المواصلات مثلا، أصل إلى تصور مرعب عن نتيجة ذلك فى اليوم التالى لتطبيق الدعم النقدى.‬
من أجل ما سبق فإننى أقترح على الحكومة قبل أن تفكر فى تطبيق الدعم النقدى على أرض الواقع، أن تتأكد أولا وأخيرا من معالجة هذه الهواجس خصوصا البيانات السليمة ومعها ضمان واضح وجلى وأكيد بأنها قادرة على رقابة الأسواق والضرب بيد من حديد على كل المحتكرين والمضاربين والجشعين حتى تبعث برسالة طمأنة للناس خصوصا الفقراء الذين تقول أحدث البيانات الحكومية أنهم يمثلون 35.4% من سكان البلاد. ومن دون ذلك فإن الأمر سيقود إلى كوارث لا حد لها.‬
نسأل الله أن يجنبنا إياها.‬

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غياب الرقابة يُفشل الدعم النقدى‬ غياب الرقابة يُفشل الدعم النقدى‬



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon