بقلم : عماد الدين حسين
«قولا واحدا حصة مصر من مياه النيل لن تقل»، هذه العبارة قالها الدكتور محمد عبدالعاطى وزير الرى والموارد المائية لمجموعة كبيرة من الكتاب ورؤساء التحرير والإعلاميين، ومحررى قطاع الرى، صباح يوم الإثنين الماضى، فى استراحة وزارة الرى بالقناطر الخيرية، وهو اللقاء الذى نظمه كرم جبر رئيس المجلس الأعلى للإعلام.
الوزير قال إن ملف سد النهضة ملف الدولة المصرية كلها، وقلق المصريين طبيعى، لكن شرط ألا يتحول إلى قلق مرضى.
كلام الوزير بأن حصة مصر لن تقل مطمئن إلى حد كبير، لكن المفارقة أن ملف التفاوض بشأن سد النهضة يكاد يكون متجمدا، وتعبيرا متجمدا، استخدمه الوزير يوم الإثنين الماضى حينما قال «هناك شبه تجمد للملف وأنه يعتبر الملف متأزما إلى أن يجد جديد».
عبدالعاطى قال أيضا إن القاهرة تلقت اتصالا من مستويات عدة ومن دول مختلفة لحل أزمة السد، لكن هذه الاتصالات لم تكن على مستوى طموحاتنا.
الوزير أكد على الموقف المصرى الثابت فى حال استئناف أى مفاوضات، والمتمثل فى أن يكون الهدف هو التوصل لاتفاق قانونى ملزم للملء والتشغيل، وأن تكون هناك آلية واضحة للتفاوض، وخلال مدة زمنية محددة مع وجود دور لمراقبين دوليين.
هذه هى القواعد الأساسية للموقف المصرى الثابت من قضية سد النهضة، كما عبر عنها وزير الرى.
لكن السؤال: هل هناك جدية لدى الطرف الإثيوبى؟!
الوزير ولأنه يعبر عن موقف رسمى للدولة المصرية، تحدث بدبلوماسية حينما تساءل قائلا: لا أعرف ولا أملك إجابة لهذا السؤال!!.
المؤكد أن الوزير يعرف ويملك إجابة، وسبق له تكرارها وتأكيدها أكثر من مرة فى السنوات السابقة، هو والعديد من المسئولين المصريين.
يعرف القاصى والدانى أن إثيوبيا تراوغ وتماطل وتناور، ثم بدأت مرحلة جديدة هى التحدى، بل والقول إنها لن تقبل أبدا أى اتفاق قانونى ملزم لملء وتشغيل سد النهضة، لأنها ترى ذلك تدخلا فى شئونها الداخلية ومساسا بسيادتها!!.
إذا ما الذى سيحدث فى ظل هذه الصورة التى عرضها محمد عبدالعاطى؟
الوزير قال إن على إثيوبيا أو الطرف الآخر كما وصفها، أن يثبت جديته، «واحنا فى كل الأحوال لن ننتظر وقوع ضرر بالغ لنا.. ومن يحدث ضررا بالغا عليه أن يتحمل مسئوليته».
الوزير قال إن «كل أجهزة الدولة المصرية تعمل فى هذا الملف على مدار الساعة، ووزارة الرى تعمل على الجزء الفنى، ومركزين فيه قوى وعارفين احنا عاوزين إيه وعايزين نوصل لإيه».
مرة أخرى ما قاله وزير الرى مطمئن للمصريين، لكن الجانب الآخر، يواصل منهج التسويف والتحدى الذى يصل أحيانا إلى التبجح، ضاربا عرض الحائط بكل القوانين والاتفاقيات وحقوق الدول المتشاطئة فى النهر الدولى الواحد العابر للحدود.
الوزير قال: «إننا لن ننتظر وقوع ضرر بالغ»، وهذا تعبير مهم لكنه غير واضح أو محدد، حتى يعرف المصريون ما هو الضرر البالغ، هل هو حجز ٥٪ أو ١٠٪ أو ٢٠٪ من حصتنا المائية مثلا، أم ماذا؟!
فى كل الأحوال أظن أن المهم أن نحاول امتلاك أكبر قدر من أوراق الضغط المختلفة، لكى نقول لإثيوبيا إنها لن تفلت بجريمتها.
إحدى هذه الأوراق المهمة أن نحافظ على التنسيق المستمر مع السودان الشقيق، خصوصا أن أحمد المفتى خبير التفاوض الدولى السودانى والعضو المستقيل باللجنة الفنية الأولى لسد النهضة قال قبل أيام إن الموقف الإثيوبى الحالى، واستمرار تشييده للسد، يعنى ضرورة توافق السودان ومصر على موقف واحد، لمواجهة الإصرار الإثيوبى على مواصلة الملء الأحادى للسد، متوقعا أن تواصل إثيوبيا التشييد فور انحسار المياه عن مواقع البناء، مدعية أن التشييد يعطيها الحق فى الملء الأحادى. وأنه لا معنى لتشييد سد لا يعقبه ملء.
المفتى تساءل: ماذا أعد كل من السودان ومصر لمجابهة ذلك الموقف؟ إن لم يكونا قد أعدا أى موقف، فإننا نحثهما على أن يشرعا فورا فى التوافق على موقف موحد، قبل أن تبدأ إثيوبيا فى مواصلة التشييد.
أضم صوتى إلى صوت أحمد المفتى.