بقلم:عماد الدين حسين
على مدى أيام الأحد والإثنين والثلاثاء، انعقد المؤتمر الاقتصادى بحضور كل أركان الدولة تقريبا يتقدمهم الرئيس عبدالفتاح السيسى، ويوم الأربعاء الماضى أعلنت الحكومة عن حزمة جديدة ومهمة من إجراءات الرعاية الاجتماعية لمساعدة المواطنين فى تخطى الظروف الصعبة، ويوم الخميس الماضى، أعلنت الحكومة التوصل مع خبراء صندوق النقد الدولى لاتفاق بشأن قرض جديد بقيمة إجمالية ٩ مليارات دولار، وفى اليوم نفسه قفز سعر الدولار فى البنوك إلى ما يقارب ٢٣ جنيها، بعد أن كان سعره ١٩٫٦٠ قرشا.
السؤال كيف نقرأ هذه التطورات وهل هى جيدة أم سيئة؟!
الإجابة تتوقف على المكان الذى يقف فيه كل منا وانحيازاته ومصالحه، ونوعية المعلومات أو الإشاعات التى يتعرض لها بصفة دائمة.
من وجهة نظر الحكومة فإن كل ما حدث لم يكن هناك مفر منه فتداعيات كورونا وأوكرانيا كانت عالية، وطالت مصر بصورة قاسية.
ومن وجهة نظر رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى، فإن الاتفاق مع الصندوق كان جزءا من توصيات المؤتمر الاقتصادى، الذى تناول ضرورة وجود سياسة مالية ونقدية واضحة. وأن الهدف هو تحقيق الاقتصاد المصرى الاستقرار والقدرة على الصمود فى الفترة المقبلة فى ظل الأزمة العالمية غير المسبوقة.
محافظ البنك المركزى حسن عبدالله يرى أن الاتفاق مع الصندوق سيعزز من الاستقرار الكلى والقدرة على مواجهة الصدمات الخارجية، وأن البنك بدأ فى تحسين وتعزيز كفاءة عمل السياسة النقدية، ورفع كفاءة سوق الصرف، والأهم إعادة بناء الاحتياطات الدولية على نحو تدريجى ومستدام خلال السنوات الأربع المقبلة، وكذلك خفض التضخم تدريجيا حتى يصل إلى حدود الرقم المستهدف وسيتم الإعلان عنه نهاية العام الحالى.
وزير المالية محمد معيط قال إن هدفنا تخفيض الدين الحكومى لأقل من ٨٠٪ من الناتج المحلى الإجمالى. فى حين أن د. هالة السعيد وزيرة التخطيط تقول إن الاتفاق مع الصندوق يدعم برنامج الدولة فى خطة الإصلاحات الهيكلية التى أطلقتها الحكومة لتحقيق نمو مستدام وتعزيز تنافسية وقدرة الاقتصاد المصرى وزيادة قدرته على التصدير وإفساح المجال للقطاع الخاص لدفع عجلة التنمية.
وجهة نظر الحكومة تقول أيضا إن أى تأخير فى تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى سيفاقم الأمور أكثر وأكثر.
فى المقابل فإن المواطن العادى الذى لا يفهم كثيرا فى المصطلحات الاقتصادية لن يتوقف عند «التضخم» و«العجز» و»الفائض الأولى» والكساد، والتضخم المستورد وكل ما يفهمه فى الاقتصاد، أو درجة حكمه على الأمور الاقتصادية هو مستوى معيشته، وهل ما يحصل عليه من دخل يلبى احتياجاته الأساسية. هذا المواطن سوف يحسب الأمر على النحو التالى: الحكومة أعلنت خطة إيجابية جدا حينما أطلقت حزمة إجراءات الحماية الاجتماعية يوم الأربعاء الماضى برفع الحد الأدنى للأجور إلى ثلاثة آلاف جنيه بدلا من ٢٧٠٠ جنيه، وصرف علاوة استثنائية قدرها ٣٠٠ جنيه للعاملين بالدولة وأصحاب المعاشات ورفع حد الإعفاء الضريبى إلى ٣٠ ألف جنيه سنويا وتثبيت أسعار الكهرباء للمنازل حتى نهاية يونية المقبل، وكذلك استمرار الدعم المالى للأسر على بطاقات التموين بشرائح تتراوح بين ١٠٠ ــ ٣٠٠ جنيه يستفيد منها عشرة ونصف مليون مواطن حتى نهاية يونية المقبل.
لكن هذا المواطن يعتقد أن ترك الجنيه للعرض والطلب خفّض من قيمته ١٧٪ أمام الدولار، وبالتالى فهو يخشى من ارتفاعات متتالية فى غالبية الأسعار خصوصا المستوردة من الخارج. هذا المواطن يقول إن قيمة الجنيه ما تزال تتراجع بوتيرة سريعة، فسعر الدولار قبل ٣ نوفمبر ٢٠١٦ كان نحو ثمانية جنيهات ونصف ارتفع بعدها إلى نحو ١٨ جنيها ثم استقر لفترة طويلة عن ١٥٫٦٠جنيه، ثم بدأ يتحرك منذ مارس الماضى حتى وصل صباح الخميس إلى ١٩٫٥ جنيه، ثم جاءت قفزته الأخيرة ليلامس حدود الـ ٢٣ جنيها. والنتيجة التى يخشى هذا المواطن حدوثها هى زيادات فى العديد من أسعار السلع.
تلك هى الصورة بشكل مبسط والحكومة تقول إنها تواجه ظروفا صعبة تتمثل فى ارتفاع أسعار السلع الأساسية المستوردة وكذلك البترول، والمواطن يقول إن المشكلة ليست فقط فى الظروف الخارجية لكن أيضا فى العديد من السلبيات الناتجة عن أخطاء حكومية.
هذه هى الصورة مبسطة، لكن السؤال المهم ما الذى سيحدث فى الفترة المقبلة وهل سترتفع الأسعار أم ستنخفض بعد قرارات الساعة الحادية عشرة من صباح الخميس الماضى؟!
سؤال أساسى سأحاول الإجابة عنه غدا إن شاء الله.