بقلم : عماد الدين حسين
يوم السبت قبل الماضى، ٢ أكتوبر كتبت فى هذا المكان تحت عنوان: «من الذى سمح بالتعديات؟»، تعليقا طلب الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة إزالة التعديات على أراضى ومنشآت وجسور الدولة خلال ٦ شهور.
وانتقدت فى المقال الهيئات والمؤسسات والأجهزة المحلية التى تقاعست عن أداء مهامها طوال السنوات الماضية، مما دعا رئيس الدولة إلى إمهالها شهورا فقط لإزالة التعديات قبل النشر بساعات.
بعد كلام الرئيس مباشرة عقدت لجنة استرداد أراضى الدولة برئاسة المهندس شريف إسماعيل، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، اجتماعا مهما حضره اللواء مجدى عبدالغفار مستشار رئيس الجمهورية للأمن ومكافحة الإرهاب، واللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية ومحافظو أسيوط والإسكندرية والإسماعيلية وممثلو جهات وأعضاء اللجنة.
ونعلم جميعا أن هذه اللجنة تقوم بعمل موجات متتالية لإزالة التعديات على أراضى الدولة منذ انطلاقها فى شهر مايو ٢٠١٧.
وخلال هذه الفترة نفذت اللجنة ١٨ موجة إزالات، وتمكنت من استرداد ٢٫٥ مليون فدان أراضى زراعية، و١٨٨ مليون متر مربع أراضى بناء، وطبقا للجنة فإن ذلك يمثل ٧٥٪ من إجمالى أراضى الدولة المعتدى عليها.
وفهمت من بيان اللجنة أيضا أن المرحلة الأولى من الموجة الأخيرة رقم ١٨ أسفرت عن استرداد ٥٫١ مليون متر مربع، و١٥ ألف فدان أراضى زراعية.
المهندس شريف إسماعيل كشف عن أن إجمالى عقود التقنين التى تم تسليمها حتى الآن بلغ ٣٧ ألف عقد، وهناك ٤٤ ألف حالة تنتظر التعاقد، إضافة إلى ٦٤ ألف حالة طلب تقنين.
اللجنة طلبت من المحافظين اتخاذ إجراءات عاجلة عن جهود التقنين وزيادة أعداد اللجان وسرعة البت فى الطلبات ووضع حوافز للموظفين المسئولين عن التقنين، أو محاسبة المتقاعسين عن العمل، ومراعاة البعد الاجتماعى فى التسعير، ومدة سداد المقدم والأقساط.
المعلومات والأرقام والبيانات الواردة فى هذا التقرير الصادر عن هذه اللجنة القومية تبعث على التفاؤل، لأنه إذا صح أنه تم استرداد ٧٥٪ من الأراضى المعتدى عليها، فهو أمر مهم جدا، ويعنى أن اللجنة قطعت ثلاثة أرباع المهمة الموكلة إليها.
لفت نظرى فى تقرير اللجنة الصادر أن اللجنة تمكنت من استرداد ٢٫٥ مليون فدان أراضى زراعية. وهذا رقم يستحق التوقف والاندهاش، لأن ٢٫٥ مليون فدان تمثل تقريبا ربع مساحة الأراضى المزروعة فى مصر، سواء كانت زراعية قديمة فى الوادى والدلتا، أو أراضى صحراوية مستصلحة.
وهذا الرقم يكشف لنا إلى أى حد تمكنت مافيا الفساد والإهمال من التوغل والتوحش طوال العقود الماضية. علما بأن ربع هذه المساحة مايزال تحت أيديهم طبقا لبيان اللجنة.
وبالطبع وكما ندين الفاسدين والمعتدين على أراضى ومنشآت الدولة، فينبغى أن نلوم أكثر أولئك الذين سهلوا لهم جريمتهم، وحصل معظمهم على مقابل ضخم نظير هذه التسهيلات.
والخاسر الأكبر هو المجتمع بأكمله، مقابل استفادة الفاسد والمفسد فقط.
سألت قبل ذلك فى هذا المكان أكثر من مرة وقلت: إذا كنا قد عاقبنا بعض من تم ضبطهم من المخالفين والمعتدين، ألا توجد طريقة لمعاقبة الذين سهلوا وقوع هذه المخالفات والاعتداءات، ألا يمكننا أن نتحرى عنهم ونحضرهم للعدالة ونصادر أموالهم، بعد التأكد الكامل قانونا أنهم ارتكبوا هذه الجرائم؟!.
سؤال أيضا: هل يمكن أن تكشف اللجنة عن موقف الـ ٢٥٪ من المخالفات التى لم يتم تسويتها وتقنينها بعد؟ وإذا استبعدنا الذين قدموا طلبات تقنين، فما هو موقف الباقين، وهل هناك مخالفون خصوصا من الحيتان الكبار يرفضون التصالح وإعادة حقوق الدولة؟!.
أتمنى أن تقوم اللجنة بتوضيح كل هذه الحقائق، وفضح الرافضين للتصالح ووقف اعتداءاتهم، وأتمنى أن توضح لنا اللجنة لماذا تعثرت عملية إزالة الاعتداءات طوال هذه الفترة ولم تنتهِ طوال أكثر من أربع سنوات، وهل الأمر يرجع لمشاكل تقنية أم قضائية أم مالية أم أمنية أم اجتماعية، الأمر الذى دفع الرئيس السيسى إلى تحديد مهلة تنتهى خلال ستة شهور لحسم وإنهاء هذه القضية.؟!