بقلم : عماد الدين حسين
أتمنى أن تحسم الحكومة الجدل الدائر بشأن اللائحة التنفيذية، لقانون «تنظيم انتظار المركبات فى الشوارع، أو ما عرف شعبيا فى البداية باسم قانون «قانون السايس»، وأن تكون الأمور واضحة، حتى لا تتفاجأ الحكومة بزيادة منسوب الغضب الشعبى، فى قضية تشغل بال عدد كبير من المصريين.
وسائل التواصل الاجتماعى، وفى ظل غياب معلومات واضحة، تقول إن كل مواطن يملك سيارة سيكون ملزما بدفع ٣٠٠ جنيه شهريا مقابل وقوف سيارته أمام منزله. وهذا الكلام إذا تم تطبيقه بالشكل الذى يتم الترويج له ستكون له عواقب وخيمة على الاستقرار العام.
ولكى أعرف الحقيقة، فقد سألت زميلى شريف حربى مندوب «الشروق» فى وزارة التنمية المحلية فقال لى الآتى:
رئيس الجمهورية أصدر القانون رقم 150 لسنة 2020، بشأن تنظيم انتظار المركبات فى الشوارع فى 17 يوليو 2020، وذلك بعد موافقة مجلس النواب عليه نهائيًا خلال شهر يونيو 2020.
وفى 17 يناير من العام الحالى، أصدر وزير التنمية المحلية، اللواء محمود شعراوى، اللائحة التنفيذية للقانون. وبدأت الوزارة تجارب تطبيق القانون فى عدد من الأحياء بمحافظتى القاهرة والجيزة، ولكن حدث خطأ فى تطبيق القانون من قبل بعض الجهات المسئولة فى عدد من الأحياء، حيث تم طرح جانبى الشوارع للمواطنين أمام وحداتهم السكنية، مقابل إيجار شهرى يتراوح ما بين 300 و 400 جنيه، وفقًا لطبيعة كل حى، وهذا يتنافى تمامًا مع اللائحة التنفيذية للقانون.
المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية، الدكتور خالد قاسم، قال إن اللائحة التنفيذية للقانون تنص على تشكيل لجنة عليا بكل محافظة بواسطة المحافظ، لتقوم بتحديد المناطق الفضاء التى تصلح لانتظار السيارات، عقب حصرها بواسطة الحى، علاوة على تحديد الشوارع التى تصلح أيضًا للانتظار، حتى لا يتسبب اصطفاف السيارات بها فى إعاقة حركة المرور.
قاسم قال لـ«الشروق»، إنه ليس كل الشوارع بالأحياء تصلح للاستغلال فى انتظار السيارات، حتى لا تتسبب فى تعطيل حركة المرور. وعقب الانتهاء من تحديد وحصر الشوارع والمناطق الفضاء التى تصلح لانتظار السيارات، من قبل اللجنة العليا بكل محافظة، سيتم طرح تلك الشوارع والمناطق الفضاء على شركات مساهمة لها مركز مالى وفنى ولا يترك للأفراد بشكل عشوائى. وكل محافظة ستقوم بنشر أسماء الشوارع والمناطق الفضاء بكل منطقة على بوابتها الإلكترونية التى تصلح للانتظار، وستقوم اللجان العليا بتحديد نقاط محددة على المساحات فى الشوارع، مع وضع لافتات إرشادية تبين للمواطنين المساحات المستغلة لاصطفاف السيارات.
قاسم يقول أيضا إنه لا يجوز لأى مواطن مزاولة مهنة «السايس» إلا عقب الحصول على رخصة من اللجنة العليا بالمحافظة عن طريق الشركات المتعاقدة.
انتهى كلام زميلى شريف حربى، ومن الواضح وجود خطأ فى التطبيق التجريبى للائحة التنفيذية، واللواء شعراوى، قال فى بيان، إنه سيتم دراسة سلبيات التطبيق ومدى ملاءمته مع اللائحة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتصويب أى سلبيات بما فى ذلك محاسبة المسئولين عن التطبيق الخاطئ.
هذه هى الصورة، ومن المؤسف صدور قوانين دون دراسة كافية، ونقاش مجتمعى حقيقى، أو صدورها مدروسة، لكنها لم تشرحها جيدا للرأى العام حتى يفهمها ويستوعبها ويطبقها جيدا، وخير نماذج لذلك، قوانين إزالة تعديات البناء، والشهر العقارى.
والنتيجة التى تتكرر دائما هى مزيد من الاحتقان الشعبى.
ما الذى كان يمنع الجهات المسئولة من البداية أن تشرح للناس حقيقة الأمر، ولماذا لم تقل للناس مثلا إن حكاية الـ٣٠٠ جنيه لكل سيارة غير دقيقة، وسيتم تطبيقها فقط فى الميادين والشوارع الرئيسية، وليس الشوارع الجانبية؟
لماذا لم تشرح الأجهزة المحلية كل التفاصيل لمن يهمهم الأمر من المواطنين، وإن كل ما قيل كان من باب التجريب مثلا؟
أسئلة كثيرة كان ينبغى أن تتم الإجابة عليها، بدلا من ترك الناس نهبا لشائعات المتربصين، الذين يقولون إنه لا هم للحكومة إلا جباية الأموال من الناس بالحق وبالباطل!!
هذا المنطق لم ينجح أكثر من مرة سابقا، فلماذا يتم تجربته مرة أخرى، وبصورة تسىء للحكومة ولسمعتها، وتجعلها تخسر هذه الخسارة المجانية، خصوصا أنها تتراجع فى معظم المرات، لكن بعد أن تكون قد دفعت ثمنا باهظا؟!
أتمنى أن تصدر الحكومة، أو وزارة التنمية المحلية، بيانا واضحا شافيا وبسيطا، يشرح الأمور للمواطنين، بصورة تزيل هذا اللبس وتلك الحيرة.