بقلم : عماد الدين حسين
تسعى الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمى إلى عقد قمة لدول جوار العراق وبعض دول المنطقة نهاية هذا الشهر فى بغداد، والهدف تهدئة الصراعات والنزاعات والمعارك المختلفة التى تستنزف طاقة المنطقة ويدفع العراق ثمنا كبيرا لها.
السؤال: ما هى فرص نجاح مثل هذه القمة؟!
للموضوعية فإن فكرة عقد هذه القمة أمر طيب جدا من حكومة الكاظمى، ومجرد انعقادها هو خطوة مهمة، للغاية. لكن فرص النجاح أمر صعب جدا، ويحتاج من الدول الاقليمية والكبرى ان تتخلى عن اطماعها، وأن تقبل بالحصول على جزء من أى كعكة وليس كامل الكعكة، وهو أمر صعب التحقيق.
الكاظمى أرسل مبعوثين خصوصا وزيرى الخارجية والدفاع لدول المنطقة، ليدعوها لحضور القمة، وكذلك بعض دول لا تجاور العراق مباشرة مثل مصر والإمارات وقطر. وهناك احتمال أيضا بدعوة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية الفاعلة. ونتذكر أن وزير دفاع العراق عناد حسون زار القاهرة يوم الأحد الماضى، والتقى بالرئيس عبدالفتاح السيسى.
نظرة سريعة على علاقات دول جوار العراق ببعضها البعض تكشف حجم الأزمة التى تعيشها المنطقة.
دول جوار العراق هى إيران وتركيا وسوريا والأردن والسعودية والكويت، ولو تمكنت العراق من مجرد جمع قادة هذه الدول وجها لوجه فى بغداد، فإنها ستكون قد حققت اختراقا دبلوماسيا كبيرا، يمكن أن يقود إلى حلحلة للعديد من الأزمات المستعصية، والتى تفاقمت فى السنوات الماضية بصورة خطيرة.
السعودية لديها مشاكل صعبة جدا مع إيران، لكن الرياض بدأت تستعيد علاقتها الجيدة مع العراق. وتركيا لها مشاكل ضخمة جدا مع كل المنطقة تقريبا ما عدا قطر، وقواتها تحتل جزءا من الشمال السورى، وتقصف شمال العراق بصورة شبه منتظمة. وسوريا لديها مشكلة داخلية كبرى، إضافة لخلافات مع السعودية وبالطبع مع تركيا.
ومصر لديها مشاكل مع تركيا التى تدخلت فى الشأن المصرى بصورة غير مقبولة منذ عام ٢٠١١، وكذلك فى الشئون الداخلية للعديد من الدول العربية ومنها سوريا والعراق.
العراق لديه علاقات قوية مع سوريا، والبلدان واجها عدوا مشتركا هو داعش والعديد من التنظيمات المتطرفة. وللبلدين علاقات أكثر من وثيقة مع إيران.
العراق تمكن من تجاوز الكثير من المطبات والعقبات والتحديات، لكنه ما يزال يواجه الإرهاب الأسود، كما أنه لم يتمكن حتى الآن من التغلب على عقبة الميليشيات المسلحة التى تهدد هيبة الدولة ويحاول ان يقرب بين ايران ودول الخليح خصوصا السعودية والإمارات. لكن سوريا ما تزال غير قادرة حتى الآن على فرض سيطرتها على بعض مناطق البلاد بسبب الدعم التركى والأمريكى للعديد من التنظيمات المتطرفة أو المتمردة.
إيران أيضا لديها العديد من المشاكل والأزمات مع غالبية دول الخليج وبعض الدول العربية. وبالتالى فإن مجرد تصور وجود الرئيس الإيرانى، أو حتى أى مسئول كبير ووجود الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى مكان واحد مع قادة ومسئولى دول الخليج ومصر وسوريا والأردن، سيكون حدثا فريدا.
مرة أخرى أمر القمة لم يحسم ويتأكد بصورة نهائية، وإذا عقدت فسيكون السؤال هو بأى مستوى من التمثيل سوف تشارك الدول المدعوة، وهل ستقبل بقية الدول الحاضرة وجود الرئيس السورى بشار الأسد؟. وبعدها سيكون السؤال الأساسى: هل هناك رغبة حقيقية من دول الإقليم فى الدخول فى مرحلة تهدئة بديلا لسياسة المحاور والصراعات والسؤال الأهم: هل دول الجوار العربية ستقتنع بعلاقات مع الدول العربية، تقوم على أساس المصالح المشتركة، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية، أم أنها تتعامل مع المنطقة العربية باعتبارها «الرجل المريض»، الذى يفترض أن يتم تقسيم كعكته؟!
وماذا ستفعل إسرائيل التى ستكون أبرز المستائين والمتضررين من عقد هذه القمة، وأخيرا هل ينجح الكاظمى فى تحويل العراق إلى ساحة للمصالحة بين العرب وكل من تركيا وإيران، بدلا من كونه ساحة للصراع بينهما؟!
لننتظر قليلا ونرى كيف ستسير الأمور؟