توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إثيوبيا.. من كان بيته من زجاج

  مصر اليوم -

إثيوبيا من كان بيته من زجاج

بقلم: عماد الدين حسين

من المهم ومن الواجب ومن الضرورى ألا نترك إثيوبيا فى حالها، ما دام أنها قررت الاستمرار فى رفض التوصل إلى اتفاق قانونى وملزم لإدارة سد النهضة، بعد أن أعلنت أنها أكملت ملء السد قبل أسابيع.

‎حصة وحق مصر من مياه النيل أمر لا نقاش فيه، ويفترض أن يصل هذا الأمر الواضح والقاطع إلى كل من يهمه الأمر فى المنطقة خصوصًا دول حوض النيل.

‎مياه النيل المفترض أنها تحتل مرتبة متقدمة جدًا فى أولويات الأمن القومى المصرى، إن لم تكن تحتل المرتبة الأولى بجانب التهديد الإسرائيلى الوجودى، حتى مع وجود اتفاق للسلام معها منذ عام ١٩٧٩.

‎وفى هذا الإطار ينبغى أن نشيد بالخطاب الذى وجهه وزير الخارجية بدر عبدالعاطى، أمس الأول الأحد، إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ردًا على تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد بشأن المرحلة الخامسة من ملء سد النهضة، وحجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام، واستكمال بناء الهيكل الخرسانى للسد، وكلها أمور ترفضها مصر جملة وتفصيلًا.

‎خطاب الخارجية المصرية يؤكد رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة للقانون الدولى، كما أنها خرق صريح لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان فى مارس ٢٠١٥، والبيان الرئاسى لمجلس الأمن فى ١٥ سبتمبر ٢٠٢١.

‎الخطاب يكشف عن أن انتهاء مسار المفاوضات بشأن السد بعد ١٣ عامًا من التفاوض، بعد أن اكتشف الجميع بأن أديس أبابا تريد وجود غطاء تفاوضى لأمد غير منظور لتكريس الأمر الاقع. الخطاب يقول إن السياسات الإثيوبية غير القانونية ستكون لها آثارها السلبية الخطيرة على مصر والسودان.

‎من أهم نقاط الخطاب أن مصر مستعدة لاتخاذ كل التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه؟

‎ومن الملفت للنظر أن هذه الفقرة كانت واضحة بنفس المعانى تقريبًا فى اجتماع اللجنة العليا لمياه النيل التى اجتمعت برئاسة رئيس مجلس الوزراء د. مصطفى مدبولى، الأسبوع الماضى، وأكدت حق مصر فى الدفاع عن أمنها المائى، واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق ذلك على مختلف الأصعدة.

‎من يتابع أزمة سد النهضة سوف يكتشف أن مصر تعاملت بحسن نية شديد جدًا وبأخوة منذ تفجر الأزمة فى أبريل ٢٠١١، بعد شهرين فقط من ثورة ٢٥ يناير، ومن الواضح أن هذا المنهج والمنطق لم تفهمه إثيوبيا بالصورة الصحيحة، وبحسن النية المصرى والرغبة العارمة لدينا للتوصل إلى اتفاق يحفظ حقوق الجميع، حق إثيوبيا فى التنمية وحق مصر فى الوجود، وهو المعنى الذى قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال تحدثه للبرلمان الإثيوبى فى ٢٥ مارس ٢٠١٥، مؤكدًا أن النيل هو مصدر الحياة لـ٩٠ مليون مصرى، وأنا بينكم الآن لنكسب معًا ونصنع مستقبلًا مزدهرًا للجميع ومصر تقف بكل عزم بجانب الأشقاء فى إثيوبيا انطلاقًا مما أكده الزعيم جمال عبدالناصر، «وأن مصر الزاخرة بالموارد والطاقات على استعداد لاستثمار كل طاقتها مع الاشقاء فى إثيوبيا».

‎الآن عدد سكان مصر يزيد على ١٠٦ ملايين نسمة ومواقف مصر ظلت سلمية وتعاونية، لكن الذى اتضح للجميع هو أن إثيوبيا ضربت بكل ذلك عرض الحائط، ومارست سياسة الخداع والتسويف والمراوغة والكذب حتى اكتمل بناء السد، وبعدها أعلنت بكل صلف وتبجح أن النيل الأزرق صار بحيرة إثيوبية، ولم يعد نهرًا دوليًا للجميع. وبالتالى يحق لمصر أن تفعل كل ما فى وسعها لضمان حقوقها طبقًا للقانون الدولى ومواثيق الأمم المتحدة.

‎لا ندعو إلى الحرب أو الدمار، كما يعتقد بعض العامة، لكن فى جعبة مصر الكثير كى تؤكد لإثيوبيا أنها سوف تدفع ثمنًا باهظًا، بسبب إصرارها على الاستمرار فى سياسة العنجهية والإضرار بحقوق مصر المائية.

‎من المهم إظهار العين الحمراء لإثيوبيا بكل الصور المتاحة حتى لا تبدأ فى بناء مزيد من السدود على النيل الأزرق.

‎بيت إثيوبيا من زجاج هش وقد سبق تهشيمه أكثر من مرة على يد دول كثيرة بالمنطقة. وأحد أكبر أخطاء قادة إثيوبيا الآن أنهم لم يقرأوا التاريخ جيدًا بما فيه التاريخ الحديث. تعتقد إثيوبيا أنها صارت قوة إقليمية مهيمنة، وأن على الجميع أن يخضعوا لها، وعلى القوى الكبرى خصوصًا أمريكا أن تتعامل معها باعتبارها شرطى المنطقة، لكنها تنسى أن الذى بيته من زجاج ينبغى عليه ألا يرمى الآخرين خصوصًا الجيران بالحجارة، لأنه أول من سوف يتهشم بها!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إثيوبيا من كان بيته من زجاج إثيوبيا من كان بيته من زجاج



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon