بقلم : عماد الدين حسين
خلال فترة ستطول أو تقصر فإن رقم هاتفك قد يصبح هو بطاقة رقمك القومى الشامل، الذى تُنجز عبره كل المعاملات، وليس فقط مجرد الاتصال بمن تريد أو تبادل الرسائل معه. وبدلا من الرقم القومى الموجود معنا الآن فى البطاقة، فإن الرقم الآخر سيكون أقرب إلى الـIP، وسيكون متصلا بالإنترنت، ومن خلال هذا الرقم، ستتم كل معاملات الإنسان.
هذا ليس حلما أو خيالا، ولكن بعض الدول الأوروبية بدأت تطبيقه فعلا. سيتم وضع شريحة صغيرة جدا تحت الجلد متصلة بالإنترنت وتكون بمثابة رقم الهاتف.
حينما يدخل الإنسان إلى مقر عمله سيتم قراءة هذه الشريحة ويكون ذلك بمثابة تصريح الدخول. وحينما يستقل وسيلة المواصلات مثل القطار أو الأتوبيس، فسوف يقوم الجهاز الموجود بقراءة الشريحة. وهكذا فإن هذه الشريحة ستكون هى مفتاح تعامل المواطن مع كل الهيئات والمؤسسات من أول تبادل الاتصالات نهاية بإنجاز المعاملات.
قبل أيام وحينما نظمت «الشروق» مؤتمرا بعنوان «التحول الرقمى» والذى تضمن أيضا تأبين الصديق المرحوم أحمد عواد، قال المهندس هانى محمود وزير الاتصالات الأسبق ومستشار رئيس الوزراء للإصلاح الإدارى، إن العلماء فى الخارج يعملون على إنجاز برامج متقدمة ستغير وجه الحياة إلى حد كبير. مثلا ومن خلال «إنترنت الأشياء»، فإنه حينما تدخل المنزل وتكون عطشانا فإن «تطبيقات إنترنت الأشياء»، سوف تجعل الثلاجة تشعر بعطشك، وتخرج لك كوبا من المياه. وحينما تكون متعبا فإن جهاز الموسيقى، سيشغل لك الموسيقى الهادئة التى تريح أعصابك.
فى ظل إنترنت الأشياء سيكون بمقدور الطبيب الموجود فى إنجلترا مثلا أن يجرى عملية جراحية لمريض فى جنوب إفريقيا أو أى مكان من دون تدخل بشرى كبير.
بالمناسبة فإن الكثير من التطبيقات صارت موجودة فى عالمنا منذ سنوات، ونعلم جميعا عن الساعات الموجود بها تطبيقات طبية ذكية متعددة ومتصلة بالإنترنت، وتقوم بقراءة كل المؤشرات الطبية من قياس النبض وضغط الدم ومؤشرات أخرى كثيرة، وترسل بياناتها مباشرة إلى طبيبك الخاص المسجل لديها، وبالتالى يمكن لهذا الطبيب أن يتدخل فى التو واللحظة، ويخبرك أنه من الضرورى التوجه بسرعة إلى المستشفى أو العيادة.
البيوت الذكية توفر مثل هذه الخدمات منذ زمن طويل فى أوروبا وأمريكا وغيرها. وقد سبق أن شاهدت نموذجا لذلك فى إحدى الشركات الفرنسية فى باريس قبل أكثر من ثمانى سنوات، حيث تضاء الكهرباء آليا بمجرد دخولك المنزل، وفى الحجرة التى تتواجد فيها، واللوحة الذكية الموجودة فى المنزل تخبرك عن المطاعم الموجودة فى زمام المنطقة والوجبات المتاحة، والثلاجة تتصل بالسوبر ماركت لإحضار الخضراوات والفواكه واللحوم والأجبان أولا بأول.
الآن وكما فهمت من المهندس هانى محمود فإن بعض العلماء يعملون على سوفت وير يكون قادرا على تحويل المشاعر والأحاسيس والعواطف إلى أشياء ملموسة.
على سبيل المثال، هذا البرنامج يجعلك تعرف مزاج المدام فى المنزل، وهل هو فى أفضل حالة، فتخرج من العمل إلى المنزل وأنت هادئ الأعصاب، أم متعكر و«البوز» جاهز وممدود عشرة أشبار، فتذهب إلى مقابلة زميل أو صديق بدلا من العودة للمنزل!
طبعا سيسأل سائل من بعض القراء المصريين ساخرا: يعنى حضرتك هل انتهت كل مشاكلنا حتى تحدثنا فى هذا الموضوع، وهل لدى غالبية المصريين منازل مجهزة حتى تكون ذكية، بحيث تطلب الثلاجة من السوبر ماركت إحضار البضائع؟!
ولهؤلاء أقول قد يكون لديكم حق فى السخرية، لكن تذكروا أنكم جميعا سخرتم من كل الأشياء المشابهة فى الماضى، وفى النهاية صار لدى كل واحد منكم أكثر من هاتف جوال وأكثر من خط، ولديكم بعض التطبيقات على هواتفكم.
سيأتى وقت قد يكون قريب جدا ويكون كل ما نعتبره خيالات واقعا ملموسا على الأرض!