بقلم : عماد الدين حسين
نكتب كثيرا ونلوم أنفسنا على بعض السلوكيات الخاطئة ومنها مثلا عدم الالتزام بارتداء الكمامة توقيا للإصابة بفيروس كورونا الذى قلب حياة العالم رأسا على عقب منذ بداية العام الماضى.
كنت أعتقد وغيرى كثيرون أن المصريين هم أكثر شعوب العالم فى عدم الالتزام بارتداء الكمامة. لكن ما رأيته فى أكثر من دولة زرتها خلال الشهور الماضية، أكد لى أننا لسنا وحدنا من يفعل ذلك.
دخلت واحدا من أكبر المساجد فى طشقند عاصمة أوزبكستان يسمى «حضرة الإمام»، وهو مسجد كبير ويسع أكثر من ١٥٠٠ شخص يوم الجمعة قبل الماضى.
المصلون يجلسون شبه متلاصقين بجوار بعضهم البعض، من دون وجود أى تباعد بينهم، ونسبة من يرتدى الكمامة منهم لا تزيد عن ١٠ ٪ على أقصى تقدير.
بالمناسبة نسبة الإصابات الرسمية المعلنة فى أوزبكستان بفيروس كورونا هى ١٨٤ ألف إصابة و١٣٠٩ حالات وفاة، مقارنة بـ ٣٢٥ ألف حالة إصابة و ١٨ ألف حالة وفاة فى مصر.
وعندما سألت البعض عن سر عدم ارتداء الكمامة قال لى كلاما مشابها من ذلك الذى نسمعه فى مصر، من عينة أن الله هو الحافظ، وأن نسبة الإصابات قليلة عموما، رغم أننى عرفت أن سفيرا لدولة عربية كبيرة كان قد أصيب بالفيروس قبل ثلاثة أسابيع، وكذلك أسرة مصرية جاءت من أجل إنجاز بعض الأعمال فأصيبت بالكامل.
فى اليوم التالى ذهبت ومجموعة من الأصدقاء فى فريق المراقبة الدولية على الانتخابات الرئاسية ــ التى جرت فى أوزبكستان يوم الأحد الماضى، وفاز بها الرئيس شوكت ميرضاييف بنسبة ٨٠٪ ــ إلى قصر الموسيقى الذى يشبه دار الأوبرا المصرية.
هو مبنى فخم جدا، وكان يعرض مجموعة من الفقرات الفنية المتميزة للفرقة السيمفونية القومية الأوزبكية، بصورة رائعة ومبهرة.
نسبة الالتزام بارتداء الكمامة كانت حوالى ٥٠٪، ومن الملاحظ أن عددا كبيرا من الحاضرين من المراقبين الدوليين، وهم خليط من سياسيين وإعلاميين وبرلمانيين وشخصيات عامة دولية، إضافة إلى العديد من المسئولين الأوزبكيين وأسرهم.
إذا علينا ونحن نلوم أنفسنا كثيرا هنا فى مصر على عدم ارتداء الكمامة، وهو أمر مطلوب أن نتذكر أننا لسنا وحدنا فى ذلك. ولكن هناك العديد من الشعوب المتقدمة جدا أيضا لا تفعل ذلك فى كثير من الأوقات.
أقول ذلك ليس لالتماس العذر لعدم ارتداء الكمامة، ولكن فقط للإدراك بأن هناك غيرنا من لا يطيق «خنقة الكمامة» رغم أن ذلك قد يكلفه صحته وربما حياته.
وباستثناء عدم ارتداء الكمامة فقد رأيت العديد من السلوكيات والمشاهد الإيجابية فى أوزبكستان سواء فى طشقند العاصمة أو مدينة سمرقند التاريخية، التى زرتها ليومين. قضيت فى طشقند ثلاثة أيام، وكان معى الصديقان محمود مسلم وأحمد المسلمانى معظم الوقت، وكذلك النائب المعروف عبدالهادى القصبى ود. مجدى زعبل.
زرنا منزل السفيرة المصرية أمانى فهمى. وفى المسافة من الفندق إلى مقر سكنها، رأيت الشوارع متسعة جدا وفى غاية النظافة، وحاولت أن أجد حتى ورقة ملقاة على أى رصيف فلم أنجح.
وخلال جولات كثيرة سيرا على الأقدام رأيت الأشجار تملأ الشوارع، والقطارات نظيفة وسريعة ووسائل المواصلات كذلك تلتزم بقواعد المرور بصورة واضحة ولا مجال للفوضى والبلطجة وحتى الأمطار التى تهطل بغزارة، فإنها تذهب عبر مصارف إلى البحيرات والأنهار ولا تسبب مشاكل كما يحدث فى دول أخرى.
سلوكيات الناس شديدة التهذيب ويتميزون بالطيبة الشديدة، وكلما عرفوا أننا من مصر زادت مودتهم لنا، وجميعهم يقولون لنا إننا أهم وأكبر دولة عربية وإسلامية بالنسبة لهم، ويتمنوا أن يزيد دور الأزهر كثيرا، وكذلك العلاقات الشاملة فى جميع المجالات، ويقدرون تماما زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لطشقند عام ٢٠١٨، خصوصا أن مصر كانت أول دولة عربية تحتفل باستقلال أوزبكستان عن الاتحاد السوفييتى قبل ٢٩ عاما.
فى نهاية الزيارة اكتشفت أن هناك إمكانية كبيرة لتنمية العلاقات بين البلدين بصورة كبيرة لما فيه مصلحة الشعبين.