بقلم : عماد الدين حسين
يوم الأحد الماضى استمعت إلى حديث شيق عن التحول الرقمى وتكنولوجيا المعلومات من أربعة من كبار الخبراء فى هذا المجال هم د. هانى محمود وزير الاتصالات الأسبق ومستشار رئيس الوزراء الحالى للإصلاح الإدارى والمهندس خالد العطار نائب وزير الاتصالات، والمهندس أحمد منصور الأمين العام للبريد المصرى، والمهندس أحمد مكى رئيس شركة «بنية». اللقاء كان فى إطار المؤتمر الذى نظمته «الشروق» حول التحول الرقمى، والذى شمل أيضا تأبين الزميل الراحل أحمد عواد.
أهمية هذا المؤتمر أنه يؤكد على ضرورة رفع وعى الناس بالتحول الرقمى، فهو موضوع لم يعد يخص العاملين فى قطاع الاتصالات، أو حتى النخبة والمهتمين بعالم التكنولوجيا.
هو موضوع يخص كل سكان العالم، لأنه إن آجلا أو عاجلا، فإن كل شخص سيكون محكوما عليه أن يجيد التعامل مع العالم الرقمى وإلا سيجد نفسه معزولا.
خالد العطار قال إن التحول الرقمى أصبح من ضرورات الحياة للوصول إلى مجتمعات معرفية، تعتمد على استخدام البيانات لتصحيح المسار ورفع القدرات التنافسية للدول وتحقيق رفاهية المواطنين.
مصر بدأت عملية التحول الرقمى منذ عام ٢٠١٥ مع تجميع قواعد بيانات الجهات الحكومية، ودراسة تنفيذ مشروعات عملاقة مثل التأمين الصحى الشامل.
الهدف نبيل لكن هناك عقبات وتحديات مثل هجرة العقول المتميزة للخارج، وضرورة وجود بيانات حكومية أكثر انضباطا للقضاء على منظومة الفساد. لكن تظل المشكلة الأكبر هى طبيعة الثقافة والموروث لدى المواطن المصرى وكذلك الموظفين الذين ما يزالون يتمسكون بأهمية المستند الرسمى المدون عليه ختم النسر!!، وهؤلاء أعداء للتحول الرقمى من دون قصد، لكن هناك لوبيات تعتقد أنها سوف تخسر من هذا التغيير، وبالتالى تحاول عرقلته بكل الطرق.
نحتاج أيضا إلى إعادة هيكلة منظومة الخدمات المقدمة لدى الجهات الحكومية لاستيعاب التطبيقات الذكية الجديدة، وإتاحة الخدمات عبر أكثر من منفذ للمواطن.
المهندس أحمد مكى قال إن السؤال لم يعد هل هناك تحول رقمى أم لا، لكن السؤال حول كيف يتم تطبيقه. بعد أن حددت الدولة توقيت تنفيذه منذ أكثر من ثلاث سنوات، باستراتيجية متكاملة للتحول الرقمى. أما عن كيف، فهناك فرصة كبيرة للشركات لتطوير البنية التحتية التى تعد أهم محاور تنفيذ التحول الرقمى.
مكى لفت نظرى لنقطة مهمة، وهى أنه أمام الشركات المصرية فرصة عظيمة، ليس فقط للعمل داخل البلاد، ولكن على المستوى الإفريقى، بحيث تقود هى عملية إنشاء البنية التحتية التكنولوجية هناك، بعد أن كانت شركة المقاولون العرب، تقود عملية إنشاء البنية التحتية التقليدية قبل عقود. والمطلوب الآن هو ضرورة توطين صناعة الألياف الضوئية، وهى حجر الزاوية فى البنية التحتية المعلوماتية.
المهندس أحمد مكى لفت النظر إلى نقطة مهمة جدا، وهى أن التحول الرقمى لن ينجح إلا بتعاون وثيق بين الحكومة والقطاع الخاص، وهو ما يراه متحققا بالفعل.
البريد المصرى يلعب دورا مهما فى تنفيذ عملية التحول الرقمى والشمول المالى من خلال فروعه التى تزيد عن ٤٢٠٠ فرع على مستوى الجمهورية. البريد المصرى يقدم أكثر من ١٥٠ خدمة بريدية وحكومية ومالية، ومنها خدمات مجتمعية، ويظل التحدى الأكبر هو كيفية توعية المواطنين لتقديم الخدمة عن طريق القنوات البديلة.
وعرفنا من المهندس أحمد منصور، أن الهيئة القومية للبريد بدأت تطوير مراكز لوجستية وسيارات متنقلة وماكينات صرافة لعدد ١٧٥٠ ماكينة، و تخطط لإضافة حوالى ٣٠٠٠ ماكينة أخرى خلال العام المقبل.
المهندس هانى محمود وضع يده على نقطة مهمة جدا، وهى ضرورة تغيير ثقافة المواطن المصرى للحصول على الخدمات الرقمية.
هناك تحد مهم وهو أن تكلفة تنفيذ بعض خدمات التحول الرقمى كبيرة جدا، وقد تصل للمليارات، لكن من حسن الحظ أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، قال إن الدولة مستعدة لتوفير ١٠٠ مليار دولار للوصول إلى حياة رقمية متطورة.
فى عام ٢٠٣٠ سينقسم العالم إلى قسمين ليس بين اشتراكيين ورأسماليين أو حتى شمال وجنوب، ولكن بين مجتمعات ودول نجحت فى التعايش مع مقتضيات التحول الرقمى وأخرى فشلت فى ذلك، ورأى المهندس هانى أن مصر ستكون فى القسم الأول.
والسؤال: هل تقترب التكنولوجيا الذكية بحيث يخرج لنا من الثلاجة كل ما نتمناه من مأكولات لدى عودتنا للمنزل ونسمع الموسيقى التى نحبها إذا كنا مهمومين، ولا نعود للبيت إذا اكتشفنا أن مزاج المدام متعكر و«بوزها» طوله متر؟!
الفكرة الأخيرة لم تعد خيالا بل قابلة للتطبيق وإلى نقاش لاحق!!