بقلم : عماد الدين حسين
ظهر يوم الأربعاء الماضى، كنت أزور المستشار عزت أبوزيد عمر لتهنئته بتوليه منصبه الجديد رئيسا لهيئة النيابة الإدارية فى مقر الهيئة فى مدينة أكتوبر.
انتهت الزيارة وقابلت ضيوفا ومستشارين أجلاء هناك، وحينما غادرت المكان، وقرب ميدان الحصرى رأيت مشهدا مهما، أثلج صدرى وهو أن الأجهزة المحلية تقوم بمصادرة التكاتك الموجودة فى هذا الشارع الرئيسى بسبب مخالفة العمل فى أماكن غير مصرح لهم بها.
فى هذا اليوم لاحظت أيضا شيئا غريبا وهو عدم وجود أى تكاتك فى الشارع الرئيسى الممتد بمحاذاة مسجد الحصرى، حتى ميدان النجدة والمحور المركزى، وهو أمر أراه غريبا، هذه الأيام.
فى اليوم السابق له أى الثلاثاء ظهرا شاهدت مشهدا غريبا إلى حد كبير، وعكس المشهد الأول تماما. حشود ضخمة من التكاتك خلقت لنفسها مكان انتظار فى مواجهة مبنى البرلمان ومجلس الوزراء فى تقاطع شارع الفلكى مع شارع مجلس الشعب.
أى مراقب للشارع المصرى يعلم يقينا أن مستوى فجور سائقى وأصحاب التكاتك وصل إلى مستوى غير مسبوق، ولم يعد مفاجئا لأحد أن نجد أحد التكاتك يسير على كورنيش النيل، بل وبصورة عكسية فوق الطريق الدائرى فى بعض نقاطه الرخوة قرب البساتين أو مسطرد ومدينة السلام.
لكن لا أستطيع أن أتخيل أن يتم ترك هذه التكاتك تعيث فسادا فى منطقة مربع الوزارات.
قبل أيام أيضا شاهدت العديد من قطعان التكاتك تقف أمام مقر وزارة الإنتاج الحربى فى شارع إسماعيل أباظة وخلفها مباشرة محطة مترو سعد زغلول.
فى هذا الشارع توجد العديد من الوزارات والهيئات والمؤسسات من أول وزارة التعليم العالى وهيئة البحث العلمى ووزارة الإسكان ووزارة التعليم ثم الإنتاج الحربى والخزانة العامة والضرائب العقارية وضريح سعد، وخلف هذه المنطقة مباشرة مجلسا النواب والوزراء ووزارة الصحة.
حينما شاهدت موقف التكاتك فى هذه المنطقة، تخيلت أن هناك ضيفا أجنبيا يزور إحدى هذه الوزارات أو الهيئات أو المؤسسات، وكيف سيكون رد فعله حينما يجد هذه الحافلات السوداء، أمام هذه المؤسسات المهمة، ناهيك بالطبع عن الخطورة الأمنية لوجود هذه الفوضى فى هذه الأماكن شديدة الحساسية، التى يتردد عليها يوميا العديد من المسئولين الكبار، سواء كانوا مصريين أو أجانب؟.
سيقول البعض وهل ما يشغلك فقط هو منظرنا أمام الأجانب ولا تهتم بحق المواطن المصرى العادى أن يسير فى شوراع بها احترام لقواعد المرور العادية؟.
للأسف الإجابة هى أن بلطجة أصحاب التكاتك صارت أمرا مفروغا منه فى غالبية محافظات الجمهورية لا فارق بين منطقة شعبية وأخرى راقية، ويتعامل معها غالبية الناس باعتبارها قدرا لا فكاك منه.
قلت قبل ذلك وأكرر أن التكاتك ما دخلت مكانا إلا وأفسدته وجعلت أعزة أهله أذلة.
هى التى تسببت فى أخطر أزمة تواجه مصر، حينما أغرت صغار الصنايعية بالعمل عليها بدلا من أن يكونوا أسطوات المستقبل، هى تسببت فى فوضى مرورية وأخلاقية غير مسبوقة.
هى تسببت فى إصابة كثير من الناس باليأس من أى إصلاح للشارع المصرى سواء على مستوى المرور أو الشتائم والبذاءات، وتكريس مستوى منحط من التعامل.
لا أعمم ولا أتهم سائقى التكاتك، فجزء كبير منهم يسعى خلف لقمة عيشه، ولم توفر له الدولة فرص عمل مناسبة، وأتهم بوضوح الحكومات المتعاقبة بالتسبب فى هذه المأساة وربما هناك لوبى خطير يستفيد من استمرار هذه الأزمة. وبالتالى فاللوم الحقيقى على من ترك هذه الأزمة لتنشأ من الأساس ثم تكبر وتتفاقم وتصل إلى هذا المستوى.
وإلى أن نصل إلى حل شامل لهذه الأزمة الخطيرة، لماذا لا نطبق القانون الذى ينص على منع سير التكاتك فى المناطق والشوارع الرئيسية، بحيث يقتصر عملها على المناطق النائية أو التى لا تصلها المواصلات العامة أو الخاصة؟.
الموضوع مهم وحله قد يصلح الكثير من أزمات الشارع المصرى. وللحديث بقية.