توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوهام آبى أحمد

  مصر اليوم -

أوهام آبى أحمد

بقلم: عماد الدين حسين

منذ أسابيع قليلة كان آبى أحمد رئيس الوزراء الإثيوبى يعيش ظروفا صعبة للغاية، استمرت شهورا هددت وجوده وحياته ونظامه السياسى، حينما اقتربت قوات المعارضة من العاصمة أديس أبابا، وبمجرد أن التقط أنفاسه وفك هذا الحصار، وعادت قوات التيجراى إلى إقليمها وتراجع جيش تحرير أوروميا، تذكر آبى أحمد أن هناك شيئا يمكن أن يجعله بطلا فى نظر بعض شعبه وهو موضوع سد النهضة.
يوم الخميس الماضى فوجئنا بآبى أحمد يزعم أن سد النهضة مفيد لمصر والسودان داعيا البلدين إلى ما أسماه «تغيير خطاباتهما» ليركز على بناء السد والتعاون والتعايش والتنمية لشعوب الدول الثلاثة.
أحمد قال على تويتر تحت عنوان «سد النهضة كموقع للتعاون»: «إن بلاده تتطلع للحصول على الطاقة كمدخل للتنمية، وأن السودان سوف يستفيد من السد لأنه سيقلل الفيضانات ومن شح المياه فى أوقات الجفاف وسيفيد مصر أيضا لأنه سيمنع تبخر المياه».
من حق آبى أحمد أن يسعى لتنمية بلاده عبر توليد الطاقة من السد، لكن الخلاف الجوهرى هو كيف يمكن أن تنمو وتتقدم إثيوبيا، بما لا يضر بمصر والسودان؟
تلك هى المشكلة ببساطة التى يتجاهلها أحمد وبقية قادة إثيوبيا.
إذا كان هو يؤمن فعلا بحق البلدان الثلاثة فى التنمية والتعاون فهناك شىء بسيط جدا كان ينبغى أن يفعله هو وكل قادة إثيوبيا الذين سبقوه، وهو توقيع اتفاق قانونى ملزم لملء وتشغيل سد النهضة.
هذا هو مربط الفرس، أما غير ذلك فهو مواصلة المنهج الإثيوبى المستمر منذ أكثر من عشر سنوات، والمتمثل فى الكذب ثم المراوغة والمماطلة والتعنت وأخيرا البلطجة والفتونة والتحدى والحلول المنفردة.
آبى أحمد وقبله هيلى ميريام ديسالين وميليس زيناوى لم يؤمنوا أبدا بالتعاون والشراكة مع مصر والسودان. جميعهم تملكتهم روح الكراهية والبغض تجاه البلدين خصوصا مصر، وهو أمر لا يمكن تفسيره بالمنطق أبدا. مفهوم التعاون كما يفهمه أحمد يتمثل فى أن تنعم إثيوبيا بكل ثمار التنمية المتمثلة فى الطاقة المتولدة من السد، وأن تحجز المياه خلف السد وتستخدمها ليس فقط فى توليد الكهرباء، بل فى الزراعة والرعى، ثم لا تلتزم بتمرير حصة مصر القانونية من مياه النيل أو تتفق معها على كيفية تقسيم المياه خلال سنوات الجفاف أو الجفاف الممتد. هى باختصار تريد تحويل السد إلى اداة لمحاصرة وتعطيش مصر وابتزازها.
طبقا لما سمعناه من قادة إثيوبيا أنفسهم فإنهم يتعاملون مع النيل الأزرق باعتباره نهرا إثيوبيا خالصا وليس لمصر أو السودان أى حق فيه. ونتذكر جميعا أن وزير الرى الإثيوبى قال لدى انتهاء عملية الملء الأول للسد فى يوليو قبل الماضى. «النيل صار بحيرة إثيوبية خالصة.. هو ملكنا الآن».
خلال العام الماضى تعثرت إثيوبيا فى عملية إكمال بناء السد لأسباب متنوعة منها نقص التمويل، ثم دخلت فى حرب أهلية دامية خصوصا مع إقليم التيجراى. وحينما كان آبى أحمد ونظامه فى أضعف أحواله ومهدد عسكريا، حاول كثيرا استخدام ورقة سد النهضة لتوحيد الإثيوبيين، وادعى أكثر من مرة أن السودان وأطرافا خارجية يتدخلون لمصلحة التيجراى، لكن هذه المحاولات فشلت جميعا، إلا أن قوى إقليمية تدخلت لمساندته وإعادة تعويمه بطريقة غير مفهوم هدفها الحقيقى حتى اللحظة!
والآن وبعد أن استقرت أحوال آبى أحمد العسكرية إلى حد ما، وتراجعت قوات التيجراى إلى إقليمها، علينا أن نتوقع تسخينا ملحوظا فى ملف سد النهضة فى الفترات القادمة من الآن وحتى الصيف المقبل حينما يحين موعد عملية الملء الثانى الفعلية أو الملء الثالث نظريا، باعتبار أن الملء الثانى فى الصيف الماضى لم يتم فعليا إلا ببضعة مليارات من الأمتار المكعبة.
آبى أحمد سوف يستخدم سد النهضة كثيرا لمحاولة توحيد شعبه والايهام بأنه انتصر عسكريا على خصومه الداخلين، علما أن ما حدث فى إثيوبيا من انقسامات وصراعات وحروب وعمليات قتل واغتصاب يصعب ــ إن لم يكن يستحيل ــ أن يمر بسهولة.
ما فعله آبى أحمد أنه وضع بذور تفتيت بلاده فى الأرض. والأمر مجرد مسألة وقت ليس إلا.
وأوهامه عن تعطيش مصر وابتزازها لن تنجح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوهام آبى أحمد أوهام آبى أحمد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon