توقيت القاهرة المحلي 22:01:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العلاقة بين التضخم وسعر الفائدة

  مصر اليوم -

العلاقة بين التضخم وسعر الفائدة

بقلم: عماد الدين حسين

مرة أخرى نسأل: ماذا يعنى ارتفاع معدل التضخم، ولماذا تلجأ معظم الدول إلى رفع أسعار الفائدة لمواجهة هذا التضخم؟!

التضخم يعنى فى أبسط تعريفاته وجود أموال كثيرة فى أيدى المواطنين، مقابل سلع قليلة فى السوق، وبالتالى حينما يندفع الناس للشراء، ترتفع أسعار السلع بنسب متزايدة، فماذا تفعل الحكومات والدول عبر البنوك المركزية فى هذه الحالة؟!

أحد الحلول الأساسية هو رفع سعر الفائدة حتى تقنع المواطنين الحائزين للنقود بوضعها فى البنوك مقابل سعر فائدة مرتفع، وبالتالى تقل النقود ويحدث التوازن مرة أخرى، وينخفض التضخم.

لكن بطبيعة الحال فإن التضخم يعنى أيضا من زاوية أخرى «وجود نقود لكن مع عدم وجود سلع» وبالتالى فالحل السحرى لكل المعضلات والمشكلات والأزمات الاقتصادية خصوصا التضخم، هو زيادة الإنتاج خصوصا الزراعى والصناعى وبالتالى زيادة الصادرات وهو ما يعنى بداهة وجود استثمارات محلية وأجنبية، تقود بدورها إلى توافر وزيادة ما تمتلكه أى دولة من العملات الصعبة، التى تعود بدورها إلى التوسع أكثر فى الاستثمار، وخير نموذج على ذلك هو التجربة الصينية وبعض التجارب الآسيوية فى العشرين عاما الماضية.

السؤال الذى يسأله كثيرون، لماذا تضطر غالبية الدول إلى رفع أسعار الفائدة بمجرد أن تفعل أمريكا ذلك؟!

وربما يكون السؤال الأساسى والأول هو: ولماذا لجأت أمريكا من البداية إلى رفع سعر الفائدة فى الأسبوع الماضى للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، وتنوى رفعها ثمانى مرات خلال ثلاث سنوات لتصل إلى ٣٪؜ أو أكثر؟!

السبب ببساطة أن أمريكا تشهد تضخما هو الأعلى منذ أربعين عاما، وهو تضخم يضرب العالم كله تقريبا بنسب مختلفة. هذا التضخم له أسباب كثيرة داخلية وخارجية لكل بلد، لكن هناك سببان أساسيان يشترك فيهما كل العالم تقريبا.

 فى أوائل عام ٢٠٢٠ ضربت كورونا العالم كله، فأصابته بحالة من الشلل، وتوقفت قطاعات اقتصادية كثيرة عن العمل بسبب الإغلاقات المتكررة، ولذلك اضطرت الدول الغنية إلى توزيع إعانات للفقراء والعاطلين، أو حزم لتحفيز القطاعات الاقتصادية المختلفة، بسبب ذلك صارت هناك نقود كثيرة فى أيدى الناس، لكن من دون وجود إنتاج فى الأسواق.

وحينما بدأت تأثيرات كورونا تقل إلى حد كبير، اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، وتعطلت سلاسل الإمدادات أكثر وزادت أسعار العديد من السلع خصوصا الحبوب، وكذلك ارتفعت أسعار البترول إلى مستويات شبه قياسية، ناهيك عن عودة كورونا مرة أخرى إلى الصين المنتج والمصدر الأكبر فى العالم.

هذه العوامل الرئيسية مع عوامل مختلفة فى كل دولة على حدة قادت إلى مستويات مرتفعة من التضخم أى أموال كثيرة مع إنتاج أقل. فماذا تفعل الدول فى هذه الحالة؟!

الحل الأسهل والمجرب والتقليدى هو رفع أسعار الفائدة كى يتم إغراء الناس بإيداع أموالهم فى البنوك للحصول على نسبة فائدة مرتفعة، بدلا من وجودها فى أيديهم، وهكذا يحدث التوازن فى السوق مرة أخرى.

سعر الفائدة فى أمريكا نحو ١٪ وهو نفس المستوى فى غالبية البنوك الأوروبية، ولهذا السبب فإن كبار المغامرين وصناديق الاستثمار والتقاعد تحصل على قروض دولارية بسعر فائدة مخفض من أمريكا وأوروبا وتقرضه لبنوك الأسواق الناشئة مثل تركيا وجنوب أفريقيا والأرجنتين ومصر وغيرها من الدول، وتغير الدولار إلى العملات الوطنية لهذه الدول وتضعها كودائع لمدد قصيرة من ثلاثة شهور إلى عام، لكى تحصل على سعر الفائدة المرتفع الذى يصل إلى ٢٠٪ أحيانا، وبعد نهاية المدة تحصل على العائد المرتفع، ثم تحصل على دولارتها المضاعفة وتخرج من هذه السوق، وهذه الظاهرة يطلق عليها «الأموال الساخنة»، وهى أحد المصادر الأساسية لتوفير العملات الصعبة للأسواق الناشئة، فى ظل ضعف الاستثمار المباشر وتراجع الصادرات.

وبالتالى فإنه حينما تقوم الولايات المتحدة برفع سعر الفائدة بأى نسبة حتى لو كانت قليلة فإن غالبية هذه الأموال الساخنة تعود إليها حيث الاستقرار وعدم المخاطرة، وبالتالى فإن الأسواق الناشئة تضطر إلى رفع سعر الفائدة بنسبة أكبر حتى تجذب الأموال الساخنة مرة أخرى، إضافة لهدف أساسى وهو القضاء على «الدولرة» بخفض الفائدة على الدولار لأقل مستوى ممكن، وإقناع مواطنيها بوضع أموالهم بالعملة المحلية فى البنوك الوطنية للحفاظ على قيمتها. طبعا هناك أضرار كثيرة لرفع سعر الفائدة أهمها أنها تجعل الناس يفضلون وضع أموالهم كودائع فى البنوك بدلا من استثمارها فى مشروعات وبالتالى توجه ضربة صعبة للاستثمار فى ظل الفائدة المرتفعة على القروض، لكن بالطبع فإن صانع القرار يواجه معضلة كبرى فى الاختيار بين تحقيق أهداف وأولويات عاجلة مختلفة ومتضاربة.

وللحديث بقية..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلاقة بين التضخم وسعر الفائدة العلاقة بين التضخم وسعر الفائدة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 10:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

رأس شيطان ضمن أفضل 10 مناطق للغطس في العالم

GMT 21:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى عبد الغني توجّه رسالة إلى محمد صلاح

GMT 17:26 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 20 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:09 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا ترد على رسالة طالب جامعي بطريقة طريفة

GMT 11:06 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وكالة فيتش ترفع التصنيف الائتماني للبنوك المصرية

GMT 19:10 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أسعار الكتاكيت في مصر اليوم الجمعة 25 سبتمبر 2020

GMT 15:28 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تعيين تركي آل الشيخ رئيسًا للاتحاد العربي لكرة القدم

GMT 16:33 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

جلوس صيف 2016 تتألق باللون الرمادي

GMT 17:06 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

لطيفة تطرح كليبها "الأستاذ" برفقة شقيق أمير كرارة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon