توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يوسف وسوناك.. وبريطانيا.. من الذي فاز؟

  مصر اليوم -

يوسف وسوناك وبريطانيا من الذي فاز

بقلم - عماد الدين حسين

صباح يوم الأربعاء الماضى، تلقيت أكثر من رسالة من زملاء وأصدقاء حول مغزى فوز حمزة يوسف المسلم الباكستانى الأصل بمنصب رئيس وزراء إسكتلندا، بعد شهور قليلة من فوز ريشى سوناك الهندوسى الهندى الأصل بمنصب رئيس وزراء بريطانيا.

التعليقات التى جاءت فى هذه الرسائل وتكررت على العديد من وسائل التواصل الاجتماعى العربية، معظمها يدور حول أن «بريطانيا لعبت جولة بالكوكب، وقيادتها ومصيرها الآن فى أيادى مهاجرين من دول استعمرتها سابقا»، وفى ختام الرسالة تأتى الحكمة: «وتلك الأيام نداولها بين الناس» ثم تعليقات أخرى تقول إن أحفاد المهاجرين خصوصا ذوى الأصول الآسيوية، وبالأخص من شبه القارة الهندية فى طريقهم للسيطرة على مفاصل بريطانيا العظمى سياسيا، بعدما سيطروا على بعض دول العالم اقتصاديا. وهذه التطورات تعنى أن عدالة السماء تحققت أخيرا فى بريطانيا، وأن هذه الدول التى استعمرت العديد من البلدان سوف تتذوق طعم التقسيم!

والغريب أن بعض المحسوبين على المثقفين العرب كتب وتداول هذه التعليقات.

طبعا من حق كل شخص أن يحلم ويتخيل ويتمنى ما يشاء، لكن عليه أن يتأكد أولا أنه يعيش فى الواقع الفعلى، وليس الافتراضى المتخيل.

وقبل الرد والاستطراد فى التحليل نشير إلى أن حمزة يوسف يبلغ من العمر ٣٧ عاما وهو أول مهاجر باكستانى مسلم يتولى هذا المنصب المهم. وهو ما يتزامن أيضا مع تولى ليوفار أوكار من أصل هندى أيضا منصب رئاسة الوزراء فى أيرلندا، إضافة إلى التطور الأهم وهو تولى ريشى سوناك منصب رئيس الوزراء فى بريطانيا فى ٢٥ من أكتوبر الماضى.

وبالمناسبة فإن زعيم المعارضة فى إسكتلندا هو أنس سروار وهو مهاجر باكستانى أيضا، كما أن وزير داخلية بريطانيا سويلا برامزمان من أصل هندى وعمدة لندن صادق خان من أصل باكستانى.

ما لا يدركه بعض المهللين فى العالم الثالث هو أن فوز هؤلاء الآسيويين وإذا كان بالطبع يشير إلى مهاراتهم وإمكانياتهم العالية، لكنه فى الأساس يشير إلى النظام المنفتح والمتطور والواثق من نفسه الذى يسمح لابن أو حفيد مهاجر أن يتولى أعلى منصب فى البلاد.

الذين هللوا لفوز يوسف حمزة ينسون أن مطالبته بالاستقلال لا ترجع إلى كونه هنديا أو باكستانيا، بل تعود إلى أنه ينتمى للحزب الوطنى الإسكتلندى الحاكم وبرنامجه الأساسى هو ضرورة الاستقلال عن بريطانيا والعودة للانضمام للاتحاد الأوروبى الذى خرجت منه بريطانيا ورفضته إسكتلندا، لكن الأخيرة مجرد حكومة محلية فى التاج البريطانى.

وبالتالى فحمزة يطالب بالاستقلال شأنه شأن كل أعضاء حزب الأغلبية من الإسكتلنديين البيض غير المهاجرين. هؤلاء المهللون يتجاهلون أن سوناك ذا الأصل الهندوسى يعارض استقلال إسكتلندا لأنه ينتمى إلى حزب المحافظين البريطانى الذى قاد عملية الخروج من الاتحاد الأوروبى.

موضوع الاستقلال من عدمه لا يتعلق من بعيد أو قريب بهندى وباكستانى بل بسياسات وبرامج أحزاب وأصوات ناخبين ليس لها صلة بالمرة بالأشخاص أو العرق أو الدين أو اللون.

إذًا حمزة أو سوناك لا يمثلان الهند أو باكستان، أو عرق أو دين أو حضارة معينة، بل يمثلان أصوات الناخبين التى حصلا عليها فى الانتخابات.

من حق الهند أو باكستان أن تفرحا لأن بعض أحفاد المهاجرين منها يتولون مناصب مهمة.

أخشى أن أصدم كل من هللوا وأقول لهم إن هذا الصعود لأبناء مهاجرين آسيويين أو من أى قارة أخرى، فى بلد مثل بريطانيا، هو ببساطة أمر يصب فى مصلحة بريطانيا ونظامها السياسى، وليس فى صالح الأفكار شديدة السطحية بأن الأحفاد جاءوا لينتقموا من الماضى الاستعمارى البغيض.

أعارض تماما الماضى الاستعمارى لبريطانيا، لكن من الموضوعية القول إن فوز سوناك وحمزة وأمثالهما بهذه المناصب المهمة، هو أفضل دليل يمكن أن تستخدمه بريطانيا للقول إن لديها نظاما سياسيا مستقرا وديمقراطية وتعددية ومساواة حقيقية، تجعل ابن وحفيد المهاجر يتولى أرفع المناصب.

ما لا يدركه الهواة والسطحيون أن النظام السياسى فى غالبية البلدان الغربية قوى، ولن يؤثر فيه انتخاب هذا أو ذاك. هناك السيستم أهم من الأشخاص، وأوباما من الأصول الإفريقية ومثله ترامب من ذوى الميول العنصرية حكما أمريكا وكل منهما ذهب لحال سبيله وبقيت أمريكا.

والسؤال الصعب هل هناك أنظمة سياسية فى العالم الثالث تتيح لبعض المهاجرين أو الأقليات أن يتولوا مناصب قيادية فيها؟!

حينما سألت هذا السؤال لأحد الأصدقاء رد ساخرا: علينا أن نضمن أولا أن يحصلوا على الجنسية!!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوسف وسوناك وبريطانيا من الذي فاز يوسف وسوناك وبريطانيا من الذي فاز



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon