توقيت القاهرة المحلي 20:43:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المتطرفون والمصيدة الأمريكية

  مصر اليوم -

المتطرفون والمصيدة الأمريكية

بقلم : عماد الدين حسين

هناك كاريكاتير طريف يصور الولايات المتحدة والتنظيمات المتطرفة وهما يمارسات اللعبة الشعبية الشهيرة «الاستغماية». كل طرف يعطى الطرف الثانى ظهره، ويقول الأمريكى المسلح: «خلاويص»، فيرد المتطرف المسلح أيضا: «لسه»!!!.

من رسم هذا الكاريكاتير يريد أن يقول إن كل ما يحدث بين الطرفين منذ زمن طويل مسلسل أو تمثيلية متفق عليها، فى حين أن الشعوب المغلوبة على أمرها تدفع الثمن طوال الوقت، ولا أحد يتعلم من الدرس.
السؤال: هل يعكس هذا الكاريكاتير شديد السخرية الواقع فعلا، أم أنه خيالى، ويتبنى فقط نظرية المؤامرة؟!

ظنى أن هذا الكاريكاتير يعبر إلى حد ما عما حدث على أرض الواقع منذ عقود طويلة، لكن ربما يكون الخلاف: هل ما يحدث نتيجة اتفاق مسبق بين الطرفين، أم أنه مجرد تقاطع مصالح بين الطرفين، أو ربما أن طرفا واحدا يسخر الطرف الثانى لتحقيق أهدافه، من دون أن يدرى هذا الطرف الآخر أنه مجرد دمية فى يد أمريكا. لكن فى النهاية فإن النتيجة واحدة على الأقل بالنسبة لنا كعرب وكمسلمين وهى أن الولايات المتحدة استخدمت تيار الإسلام السياسى وقبلها بريطانيا كأداة أو سلاح لتنفيذ أهدافها الاستراتيجية، حتى لو حدث تقاطع وصراع بينهما فى بعض الفترات.
نتذكر أن الاتحاد السوفييتى تدخل فى أفغانستان، ونصب حكومة موالية له فى عام 1979، وبعدها استغلت الولايات المتحدة هذا الخطأ السوفييتى القاتل، وجندت كثيرا من الحكومات العربية والإسلامية لمحاربة الاتحاد السوفييتى فى أفغانستان.

استمرت هذه الحرب عشر سنوات تقريبا، وكانت أحد الأسباب فى تفكك الاتحاد السوفييتى نفسه، وانهيار سور برلين وسقوط الكتلة الشرقية الشيوعية.
أمريكا أقنعت بعض السذج أنها تساند المسلمين ضد «الملحدين»، وهكذا رأينا بدايات تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن الذى استقطب آلاف الشباب المسلمين، وأقنعهم بأنهم يجاهدون فى سبيل الله لتحرير بلد «مسلم» من احتلال بلد «ملحد»، ورأينا حكومات عربية عديدة ترسل آلاف الشباب ومليارات الدولارات للمساهمة فى هذا «الجهاد»!!!.
أمريكا استخدمت ما يسمى بـ «المجاهدين» وقتها فى مهمة محددة وهى استنزاف الاتحاد السوفييتى، وعندما انتهت المهمة، ألقت بهم فى سلة المهملات. ثم بدأ هؤلاء «المجاهدون» يتصارعون فيما بينهم فى حروب ومعارك أهلية، ثم استداروا لإزعاج أمريكا، ونفذوا هجمات ضد أهداف أمريكية فى أفريقيا والخليج، ثم هجمات 11 سبتمبر 2001، التى قادت إلى غزو أمريكا لأفغانستان فى أكتوبر 2001، وإسقاط حكومة طالبان، والقبض على العديد من قادة «القاعدة» واعتقالهم فى جوانتانامو، وبعدها قتلوا أسامة بن لادن نفسه فى باكستان عام 2011.

فى نفس هذا العام كان التوجه الأمريكى هو دعم نسخة جديدة من الإسلام السياسى، فى المنطقة العربية تحت حجة أنه «معتدل» مقارنة بالنموذج المتطرف المتمثل فى «القاعدة» وأخواتها.
الولايات المتحدة وبريطانيا، ودول أوروبية أخرى قررت الاستثمار فى «الإسلام السياسى»، لكن بعد سنوات قليلة اكتشف الجميع أن السيناريو لم ينجح، والأخطر اكتشاف أن الفوارق بين النسختين «المتطرفة» و«المعتدلة»، ليست كثيرة جدا كما اعتقدوا، خصوصا بعد الأعمال الإرهابية السافرة التى نفذها «داعش» أو «النص نص» التى نفذها «الإخوان»، قبل ان يتباهوا بعمليات إرهابية سافرة.
المصالح تقاطعت بين طالبان والقاعدة وبين أمريكا فى أفغانستان، لكنها لم تتقاطع أبدا بين أمريكا و«القاعدة» فى سوريا مثلا، أو مع الإخوان فى أى مكان.

أمريكا قررت الخروج من أفغانستان بعدما انهزمت فعليا وأدركت بوضوح أنه يصعب عليها تماما بناء الدولة الديمقراطية التى تحلم بها هناك وبعد أن تم استنزافها ماليا وبشريا.
صحيح أنها انهزمت هزيمة مُذلة فى أفغانستان، وهربت بصورة مزرية هى وأعوانها وعملاؤها، لكن ذلك لن يمنع أنها ستحاول أن تعيد استخدام ورقة طالبان لتحقيق أهداف أخرى، منها مثلا مناكفة روسيا بحجة أنها تقمع المسلمين فى الشيشان وأنجوشيا وسائرالمناطق ذات الأغلبية المسلمة، أو ــ وهذا هو الأساس ــ مناكفة الصين، بحجة أنها تقمع أقلية الإيجور المسلمة فى تركستان الشرقية. وقد تكون هذه الصفقة مقابل أن تعترف أمريكا والغرب بحكم طالبان وتسهيل حصولها على الدعم الدولى اقتصاديا وسياسيا. عموما سوف ننتظر ونرى، هل يقع المتطرفون مرة أخرى فى المصيدة أم ماذا هم فاعلون؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتطرفون والمصيدة الأمريكية المتطرفون والمصيدة الأمريكية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon