بقلم: عماد الدين حسين
صباح الأحد الماضى شهدت جامعة الدول العربية بالتعاون مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية إطلاق تقرير «تمويل التنمية المستدامة فى مصر»، وهو تقرير يمكن أن يشكل مدخلا مهما لحل كثير من مشاكلنا الاقتصادية.
حضرت جانبا من مناقشات اليوم الأول بدعوة كريمة من الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط.
ومن حسن حظى أننى حضرت جلسة الدكتور محمود محيى الدين المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، وهو أيضا الذى أشرف على فريق الخبراء الذى أعد التقرير. محيى الدين واحد من ألمع خبراء الاقتصاد فى العالم بحكم خبراته الواسعة من أستاذ جامعى إلى وزير فى مصر قبل ٢٠١١، إلى العديد من المناصب الدولية فى منظمات وهيئات دولية رفيعة المستوى وآخرها صندوق النقد الدولى، كل ذلك ممزوج بثقافة سياسية واقتصادية وأدبية رفيعة المستوى، تجعله وجها مصريا وعربيا مشرفا فى المحافل الدولية، وهو قبل ذلك وبعده سليل واحدة من أهم العائلات السياسية فى مصر طوال مائة عام.
هذا التقرير تم البدء فى إعداده فى يونيو ٢٠٢٠ بالتعاون بين جامعة الدول العربية ووزارة التخطيط، وهو التقرير الأول من نوعه فى المنطقة، وهدفه تحليل مصادر تمويل التنمية والعوامل المساعدة التى يجب توافرها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
أهمية التقرير ــ كما ورد فى أوراقه ــ أنه يستند إلى الإطار الدولى لتمويل التنمية المقرر فى ٢٠١٥، ويتسق مع تعهد تحقيق أهداف التنمية المستدامة فى ٢٠٣٠، الذى انعقد بقمة خاصة فى الأمم المتحدة وحضرها الرئيس عبدالفتاح السيسى، إضافة إلى أن التقرير استفاد من مخرجات مبادرة تمويل التنمية فى فترة كوفيد ١٩ وما بعدها.
والتقرير يتوافق مع رؤية مصر ٢٠٣٠ ويأخذ بعين الاعتبار أن أهداف مصر فى ٢٠٣٠ تتطلب تمويلا ضخما، وبالتالى هناك ضرورة لتكامل كل مصادر التمويل.
وأخيرا فإن التوصيات والمقترحات ترتكز على أسس البرنامج المصرى للإصلاح الاقتصادى، وتساند أولويات الدولة المصرية وتدعم مبادرة «حياة كريمة» كأكبر مبادرة من نوعها.
وخلال النقاش عرفنا أن ٢٤ خبيرا وباحثا شاركوا فى إعداد التقرير، وهم يعملون فى مجالات التنمية والاقتصاد والتمويل والاستدامة. وهناك العديد من الجهات الحكومية والدولية أسهمت برأيها فيما ورد بالنسخ الأولية للتقرير.
التقرير يحتوى على العديد من الأبواب منها مثلا: حالة أهداف التنمية المستدامة فى مصر لرشا رمضان، والبيانات وأنواعها لمازن حسن وإنجى أمين، وإطار التمويل الوطنى المتكامل لضياء نور الدين ورهام مرسى، وأولويات الموازنة العامة وإعدادها لخالد زكريا أمين وإسراء عادل الحسينى، والحماية الاجتماعية كأولوية فى الموازنة العامة، لولاء طلعت، ودور قطاع الأعمال لمعتز يكن، ودور القطاع المالى لنهى عمارة، وإدارة الدين فى مصر وتمويل أهداف التنمية المستدامة لسارة الخشن، والتجارة كمحرك للتنمية المستدامة والنمو لسهير زكى، والعلوم والتكنولوجيا والابتكار والرقمنة لماجد غنيمة وخالد السيد، وتوطين التنمية المستدامة لسوزان المساح، والتعاون الإنمائى الدولى لروضة سعيد على، والتوجهات المستقبلية لداليا الهوارى وميرال شحاتة، وإضافة إلى وجود هؤلاء الدكاترة وهم المؤلفون الأساسيون للتقرير، فهناك دعم بحثى من أساتذة آخرين منهم أحمد الديب وأميرة بشرى ويونسان كوين ونور عبدالباقى ونشوى شعبان وعهود وافى.
خلال الجلسة الافتتاحية تحدث السفير أحمد أبوالغيط الأمين العام للجامعة وقال إن الاحتفال بإطلاق هذا التقرير ضمن فعاليات الأسبوع العربى للتنمية المستدامة أمر ذو دلالة، وهو ثمرة جهد مشترك تعاونت فيه كفاءات مخلصة لتضع بين يدى صانعى القرارات دليلا لفهم واقع التمويل المستدام على المستوى الوطنى، إضافة إلى أنه يقدم المنهجيات والتوصيات اللازمة لرسم مستقبله.
وقال أبوالغيط أيضا إن نجاح خطط التنمية المستدامة بعد كورونا مرهون بمدى قدرتنا على التفكير بشكل مبتكر لتوفير موارد مالية مستدامة.
الدكتورة هالة السعيد تأخرت قليلا لحضورها اجتماعا مع الرئيس عبدالفتاح السيسى ود. مصطفى مدبولى، وجاءت فى منتصف الجلسة، لكن كلمة الوزارة ألقاها نيابة عنها د. أحمد كمالى. وقال فيها إن مصر تنبهت لأهمية تمويل التنمية المستدامة، وهى تقدم تقريرا طوعيا للأمم المتحدة منذ عام ٢٠١٨، تحدد فيه بعض معوقات التنمية وعلى رأسها موضوع التمويل الذى يؤرق الدول النامية والمتقدمة بدرجات متفاوتة.
كل باب وفصل فى هذا التقرير يستحق نقاشا مفصلا نظرا لأهمية ورؤيته المستقبلية، وكذلك تعليقات د. محمود محيى الدين، وأرجو أن أعود لاحقا لبعض المحاور فى هذا التقرير.