بقلم: عماد الدين حسين
مع من يفترض أن تتحاور الحكومة أو النظام فى الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى إفطار الأسرة المصرية فى الأسبوع الأخير من شهر رمضان الكريم؟
سيقول قائل إن الحوار يفترض أن يشمل كل القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية فى مصر. وحجة هؤلاء أن مصر تحتاج نقاشا عاما مفتوحا وشاملا لكل القضايا والموضوعات، وأن الحوار لا ينبغى أن يقتصر على مجموعة صغيرة من الأحزاب والقوى السياسية.
وأظن أن الحكومة أحسنت حينما وجهت الدعوة للأحزاب والنقابات والهيئات والمؤسسات والجمعيات وكل من يريد أن يشارك فى الحوار.
البعض سيقول إن هذا «التوسع» فى المدعوين، سوف يؤدى إلى تمييع الحوار وإفراغه من مضمونه، وكان الأفضل أن يكون عدد المدعوين قليلا حتى يسهل الوصول إلى نتائج سريعة ملموسة بدلا من استهلاك الوقت فى «مكلمات» لن تقود لأى تقدم.
لكن هناك وجهة نظر سليمة أيضا تقول إنه من الحكمة أن يشارك الجميع، وتتاح لهم فرصة النقاش وإبداء الرأى، لكن بشرط ألا يؤدى ذلك إلى «سيولة الحوار» مما يجعله غير ذى جدوى.
والحل من وجهة نظر هذا الفريق أن يبدى كل من يريد رأيه فى كل قضايا الوطن بكل حرية، وأن يقترح جدول الأعمال والتوصيات وآليات التنفيذ.
لكن وفى مرحلة ثانية يتم جمع هذه الأفكار الكثيرة الآتية من الجميع وفرزها وتصنيفها وتبويبها، لكى يتم مناقشتها فى مستوى أضيق.
وبعد أن يدلى كل هؤلاء برأيه يمكن أن تبدأ المرحلة التى يشارك فيها الخبراء والمختصون والقوى السياسية الرئيسية مناقشة أكثر تفصيلية للقضايا محل الحوار، خصوصا تلك التى تحتاج للوصول إلى توافق وطنى بشأنها.
لكن النقطة الجوهرية التى يكاد يتفق عليها كثيرون هى ضرورة أن تكون كل القوى الأساسية فى مصر ممثلة فى هذا الحوار. بشرط ألا تكون مارست العنف والإرهاب أو شجعت عليه.
إذا تحقق هذا الشرط، فيمكن القول أن نجاح الحوار صار مضمونا بنسبة كبيرة.
السؤال هل مصطلح القوى الأساسية يعنى فقط الأحزاب والقوى السياسية؟!
الإجابة هى لا، بل يعنى كل القوى الحية فى مصر، وفى مقدمتها النقابات المهنية واتحاد الصناعات والغرف التجارية وجمعيات رجال الأعمال والمستثمرين والنقابات العمالية واتحادات الفلاحين وممثلو المؤسسات والهيئات والأندية الفاعلة. ومع هؤلاء ضرورة مشاركة التيارات الفكرية المختلفة الموجودة فى المجتمع، حتى نضمن وجود أكبر توافق وطنى ممكن بين القوى السياسية والفكرية والاجتماعية فى المجتمع.
لا أتحدث عن أشخاص بعينهم بل عن قوى سياسية واجتماعية واقتصادية موجودة بالفعل ويمكنها أن ترشح ممثلين يعبرون عن وجهة نظرهم.
إذا من المهم أن نضمن مشاركة كل القوى الأساسية فى المجتمع لأن من شأن ذلك ضمان نجاح الحوار، بل وهذا هو الأهم تكوين تحالف سياسى اجتماعى جديد، يضمن أساسا للمستقبل.
ومن أجل ضمان ذلك، ينبغى ألا تنشغل الدولة والحكومة بالقوى التى لا تملك إلا لافتة وربما اسما براقا يتردد فى الإعلام من دون واقع جماهيرى حقيقى على الأرض. علينا ألا ننشغل بالمؤسسات والأحزاب الكرتونية الأنبوبية، بل بقوى اجتماعية واقتصادية وفكرية حقيقية، حتى تكون المخرجات معبرة فعلا عن هموم الواقع وبالتالى نضمن الحصول على نتائج وحلول حقيقية، تمثل دفعة للبلد بأكملها إلى الأمام.
على السادة المسئولين عن تنظيم هذا الحوار أن يبذلوا كل الجهد من أجل وجود كل القوى الفاعلة فى المجتمع المصرى والمؤمنين بالقانون والدستور والدولة المدنية.