بقلم: عماد الدين حسين
التجارة من العوامل المساعدة لتمويل عملية التنمية سواء كانت عادية، أو مستدامة.
وبالتالى نسأل: ما هو شكل الميزان التجارى المصرى، وحجم الصادرات وترتيب مصر فى المحاور السبعة لمؤشر الابتكار العالمى، وعدد براءات الاختراعات؟
الإجابة عن هذه الأسئلة المهمة جدا موجودة فى التقرير المهم الذى أشرف عليه د. محمود محيى الدين، وأصدرته جامعة الدول العربية بالاشتراك مع وزارة التخطيط فى الأسبوع الماضى.
طبقا لبيانات البنك المركزى فإن الصادرات المصرية فى عام ٢٠١٤ ــ ٢٠١٥ بلغت ٢٢٫٢ مليار دولار، فى حين بلغت الواردات ٦١٫٣مليار دولار، وبالتالى فإن العجز فى الميزان التجارى بلغ ٣٩٫١ مليار دولار بالسالب، وفى العام المالى ٢٠١٩ـ ٢٠٢٠ زادت الصادرات إلى ٢٦٫٤ مليار دولار، وبلغت الواردات ٦٢٫٨ مليار دولار، وبالتالى فإن العجز فى الميزان التجارى بلغ ٣٦٫٥ مليار دولار، علما بأن هذه الصادرات تتضمن المواد البترولية. وعلى سبيل المثال فإنه فى عام ٢٠٢١، كانت الصادرات البترولية ١٢٫٩ مليار دولار وغير البترولية ٣٢٫٣٤ مليار دولار فى حين بلغت الواردات غير البترولية ٧٦٫٨ مليار دولار، طبقا لبيانات مجلس الوزراء والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، ومن الواضح أن الفجوة بين الصادرات والواردات لاتزال كبيرة رغم المحاولات الدءوبة فى السنوات السبع الماضية للحد من الاستيراد.
الصادرات المصرية بلغات ١٦٫٢٪ إلى الناتج المحلى الإجمالى عام ٢٠٠٠ ثم انخفضت إلى ١٣٫٢٪ عام ٢٠٢٠، وهى نسبة ضعيفة جدا، خصوصا إذا عرفنا أنها ٤٩٫٨٪، و٦٢٫٤٪ فى كمبوديا و٥٣٫٩٪، و١٠٦٫١٪ فى فيتنام فى نفس الفترة الزمنية وبالنسبة للواردات فهى ٢٢٫٨٪ عام ٢٠٠٠ و٢٠٫٨٪ عام ٢٠٢٠ وفى كمبوديا ٥٧٫٥٪ و٦٣٫٩ وفى فيتنام ٦١٫٨٪ و١٠٣٪ فى نفس الفترة أيضا. والقراءة السريعة لهذه الأرقام توضح لنا كم نحن متأخرون فى هذا المجال مقارنة بدول لم تكن تصنف مطلقا فى عداد المتقدمة، أو حتى المتوسطة حتى عهد قريب.
وطبقا لتصنيف الصادرات من السلع فإن الوقود والزيوت والمنتجات المقطرة بلغت ١٨٪ واللآلى والأحجار الكريمة والمعادن ١١٪ والمواد البلاستيكية ٦٫٥ والأجهزة الكهربائية ٥٫٨٪ والفواكه والمكسرات ٥٫٤٪ وأخرى ٥٣٫٣ فى حين أن تصنيف الواردات كان ١٢٪ للوقود والزيوت و٨٫٧٪ للآلات والمعدات و٧٫٧٪ للحبوب و٧٫٧٪ للمركبات و٦٫٦٪ للأجهزة الكهربائية و٥٧٫٣٪ أخرى.
من العوامل المساعدة فى عملية التنمية أيضا ترتيب مصر فى المحاور السبعة لمؤشر الابتكار العالمى. نحن وطبقا للمنظمة العالمية للملكية الفكرية فى المركز الـ٧١ فى مخرجات المعرفة والتكنولوجيا، والمركز الـ٩٢ فى البنية التحتية، والمركز الـ٩٣ فى رأس المال البشرى والبحث العلمى، والمركز الـ٩٦ فى تطور السوق، والمركز الـ١٠٤ فى المخرجات المبتكرة، والمركز الـ١٠٦ فى تطور بيئة الأعمال، والمركز الـ١١٤ فى المؤسسات. وكما سمعت الدكتور محيى الدين فى كلمته فإن المعرفة لا تقل أهمية عن الأموال، بل هى التى تجلب الأموال.
ومن الواضح أننا متأخرون جدا فى هذه المؤشرات ونحتاج لتطوير أنفسنا، لكن المؤكد أن هناك خطوات جادة للإصلاح يقودها قطاع الاتصالات، حيث زادت الاستثمارات فى هذا القطاع وصار يسبق المغرب وعمان والجزائر، لكنه خلف الإمارات والسعودية.
من المؤشرات أيضا عدد براءات الاختراعات لكل مليون نسمة حيث بلغت فى مصر ٢٢٫٢ عام ٢٠١٥ ثم تراجعت إلى ٢١٫٧ عام ٢٠١٩، فى حين أنها بلغت فى إندونيسيا ٣٥٫٤ و٤٢٫٤، وفى جنوب إفريقيا ١٣٥٫٤ و١١٨٫١، وفى البرازيل ١٤٧٫٨ و١٢٠٫٣، وفى المغرب ٢٩٫٥ و٧٤٫٩، وهذه الأرقام لا تحتاج إلى شرح خصوصا إذا علمنا أن متوسط عدد براءات الاختراع فى الدول ذات الدخل المتوسط بلغت ٢٩٫٤ فى ٢٠١٥، و٣٢٫١ فى ٢٠١٩، وبالتالى فنحن لم نصل حتى إلى هذا المستوى للأسف الشديد.
تقول الدراسة تحت عنوان استضافة مصر لقمة المناخ «كوب ٢٧» فى نوفمبر المقبل إن هناك فرصة لإدارة التحول العادل والكف من خلال المشاركة فى تنفيذ مشروعات مبادرة حياة كريمة، واستعراض تطورها، وما يتم فى تجربتها المتميزة من استثمارات ضخمة يمكن أن يرفع أداء رأس المال البشرى والبنية الأساسية والتكنولوجية، وعلى المستوى العالمى ضرورة التركيز على الاستثمارات وليس القروض فى عملية التمويل. وعلى المستوى الإقليمى البحث عن المشروعات ذات العائد المشترك على إفريقيا، ومثال ذلك أن جنوب إفريقيا حصلت فى قمة جلاسجو الأخيرة على ٨٫٥ مليار دولار كتمويل من أجل التحول العادل للطاقة... علينا أن نخاطب العالم بلغة يفهمها.