توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مبارك والعشوائية و«استقرار القبور»

  مصر اليوم -

مبارك والعشوائية و«استقرار القبور»

بقلم: عماد الدين حسين

ما هى أسوأ وأخطر أخطاء نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك؟!

فى ظنى أن الأخطاء كثيرة وفادحة بحكم أنه ظل فى الحكم ثلاثين عاما، لكن أحد أكبر الأخطاء هو «استقرار القبور» الذى ندفع ثمنه حتى الان. هذا النوع من الاستقرار كان هدفه الجوهرى الحفاظ على بقاء النظام بأى ثمن حتى لو كان هذا الثمن هو تدمير البلد.

لا أتحدث عن شخص حسنى مبارك يرحمه الله، ولكن أتحدث عن سياساته وانحيازاته التى أوصلت مصر إلى أن تسقط بكل سهولة فى أحضان المتطرفين والظلاميين والإرهابيين.

حسنى مبارك ونظامه قتلوا السياسة تماما وقدموا البلد فى النهاية على طبق من ذهب للجماعة، التى كانوا يقولون لنا دائما إنها محظورة .

قد يسأل سائل: وما مناسبة هذا الكلام؟!

المناسبة هى إطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسى للمشروع القومى للأسرة المصرية صباح يوم الإثنين الماضى، من العاصمة الإدارية، وما قاله الرئيس وكبار المسئولين والخبراء فى هذا اليوم عن الحال الصعبة التى وصلت إليها مصر فى العديد من المجالات من أول الفوضى والغش نهاية بتدهور أحوال الصحة والتعليم.

لا يعنى هذا أن نظام مبارك لم يحقق شيئا، نعم هو أنجز فى بعض المجالات، لكن قياسا إلى الثلاثين عاما التى حكم فيها، وقياسا على صورة مصر التى تركها حينما تنحى عن الحكم وقياسا على مستوى غالبية الخدمات خصوصا التعليم والصحة، فإن أخطاءه كانت أكبر كثيرا من إيجابياته.

مرة أخرى لا أكتب ذلك للدخول فى جدل مع أنصار مبارك ومحبيه، ولكن لمحاولة رصد واقع أليم وصلنا إليه بفعل السياسات التى طبقها.

كانت هناك فرص عظيمة يمكن لهذا النظام أن يستغلها لبناء بلد حديث ومتقدم، لكن للأسف الشديد فإن حالة الخواء التى أوجدها هى التى جعلته ينهار بسرعة البرق فى ٢٨ يناير ٢٠١١.

هل كانت هناك مؤامرات وتدخلات خارجية؟

نعم كان هناك، وكانت فى المنطقة بأكملها، لكن المؤامرة الخارجية لا تنجح إلا فى بيئة ممهدة لذلك.

تسلم مبارك مصر وهى الرائد والقائد فى المنطقة العربية، بعد ٨ سنوات فقط من أعظم انتصار عسكرى مصرى فى أكتوبر ١٩٧٣، وتركها وهى فى حال غير الحال تماما. واستلمها والتعليم لم يكن قد وصل إلى الحالة التى وصلها فى نهاية حكمه وكذلك الصحة ومعظم الخدمات.

بعد أقل من عشر سنوات من حكمه تنازلت غالبية الدول الأجنبية الكبرى عن ديونها خصوصا أمريكا ونادى باريس، مكافأة لمشاركة مصر فى حرب تحرير الكويت عام ١٩٩١.

استلم مبارك حكم مصر وبها قوى سياسية قوية إلى حد ما، لكنه تركها ولم تكن بها قوة فعلية إلا جماعة الإخوان والسلفيين وأنصارهما.

من أكبر أخطاء مبارك انتشار العشوائيات فى كل مصر وليس فقط فى القاهرة الكبرى ودفعنا وسوف ندفع أثمانا باهظة لها وستحتاج عشرات السنوات لإصلاحها، هذه العشوائية فى البناء انتقلت إلى العشوائية فى مجالات كثيرة، ومنها عشوائية الإنجاب التى انتهت إلى أن هناك ٢٫٥ مليون نسمة يضافون للسكان سنويا من دون أن تكون هناك موارد كافية لهم.

لو أن السياسة الاقتصادية لمبارك زادت سعر الوقود خمسة قروش كل عام ورغيف الخبز قرشا واحدا سنويا، ما اضطرت مصر إلى تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى المؤلم فى نوفمبر ٢٠١٦، وما كان الناس قد شعروا بغلاء الأسعار الناتج عن برنامج الإصلاح الاقتصادى.

 انشغل النظام بتأمين نفسه، ولولا سياسات نظام مبارك ما وجدت قضية البناء العشوائى.

ولولاه ما كانت قصة الاستيلاء على مئات الألوف من الأفدنة بتراب الفلوس لاستصلاحها للزراعة، لكنها أصبحت فجأة فيللات وقصورا وكومبوندات فاخرة.

مجمل هذه السياسات الخاطئة كانت السبب الرئيسى فيما وصلت إليه مصر حتى الآن، خصوصا فى التعليم والصحة، وعدم وجود إستراتيجية واضحة للتنمية، خصوصا ظل الانفجار السكانى الذى التهم كل قصص النجاح التى تحققت سواء فى عهد السادات أو مبارك أو حتى فى السنوات السبع الأخيرة.

اهتم نظام مبارك بتأمين نفسه فقط، وشراء ولاء الناس بالدعم وترك الحابل على النابل، وكانت النتيجة أن البلد بأكمله سقط لقمة سائغة فى حضن المتطرفين لولا ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبارك والعشوائية و«استقرار القبور» مبارك والعشوائية و«استقرار القبور»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon