بقلم : عماد الدين حسين
ما الذى يعنيه سقوط أفغانستان فى يد حركة طالبان بالنسبة لنا كمصريين وعرب ومسلمين؟!
سؤال ينبغى أن يشغلنا جميعا، حتى لا نتفاجأ بتداعياته.
الإعلامى الكبير إبراهيم عيسى كتب قبل أيام على حسابه على تويتر الآتى: «الإخوان فى طريقهم إلى أفغانستان، خلال شهور وربما أسابيع، الإخوان الهاربون والمطاردون من شعوبهم، سيلجأون إلى طالبان، وستتحول كابول، برعاية دول داعمة للإخوان وطالبان إلى مقر التنظيم العالمى الجديد».
من الخطأ الكبير ونحن نناقش تداعيات الانسحاب الأمريكى المهين والمريب من أفعانستان، أن نضع أنفسنا كعرب وكمسلمين فى السلة الأمريكية، أو السلة الطالبانية، بل علينا أن نضع مصالحنا فى المرتبة الأولى.
فإذا كانت أمريكا غزت أفغانستان عام ٢٠٠١ من أجل مصالحها، وانسحبت منه أيضا من أجل مصالحها أو وقف خسائرها، فعلينا نحن العرب أن نبحث أيضا عن مصالحنا.
الولايات المتحدة غزت أفغانستان للقضاء على تنظيم القاعدة، كما تقول، لكنها انسحبت منها والتنظيم ومعه بقية التنظيمات المتطرفة أكثر قوة وانتشارا، فكرا وواقعا، للأسف الشديد.
انتصار طالبان هو خبر سعيد جدا لكل المتطرفين فى العالم، على الأقل سوف يجدون ملاذا آمنا فى هذه الدولة بدلا من حالة المطاردة التى يعيشون فيها. نعلم ونرى أن المتطرفين من كل الفئات تلقوا ضربات موجعة فى السنوات الأخيرة، واندحروا فى العراق وسوريا وسيناء وليبيا إلى حد ما، وأخيرا تونس، بل إن الدول التى كانت تدعمهم بالمال والتخطيط والأهم بالمأوى، اضطرت إلى التخلى عنهم بصورة حتى لو كانت شكلية، حرصا على مصالحها.
لكن انتصار طالبان الأخير قد يقود إلى حل المعضلة التى واجهت المتطرفين والدول التى تدعمهم.
على سبيل المثال فإن الإخوانى أوالقاعدى أو الداعشى الذى طلب منه أن يغادر الدول التى كانت تدعمهم، سيجد فى أفغانستان ملاذا آمنا، يتحرك فيها كيفما يشاء. نفس هذه الدول التى طلبت من المتطرفين أن يوقفوا برامجهم التحريضية ضد بلدانهم الأصلية، سوف يجدون فى الأرض الأفغانية حلا مناسبا، حتى لو كان مؤقتا. لكن يبقى الملاذ الآمن هو أفضل هدية يتلقاها المتطرفون من كل المنطقة، فى حين أن مشكلة التمويل سهلة إلى حد كبير، حيث يمكن نقل الأموال بعشرات الطرق، لكن حرية الحركة والتنقل والإقامة أو الإيواء تمثل مشاكل كبيرة.
إذا استمرت طالبان فى نفس سياستها التقليدية المتشددة، وإذا استمرت فى إيواء المتطرفين من كل حدب وصوب، وهو أمر يبدو منطقيا، فيمكن أن نتوقع من الآن تحولها إلى القاعدة الأساسية لكل المتطرفين فى العالم، يأوون إليها ويحرضون على شعوبهم وينطلقون فيها لتنفيذ العمليات الإرهابية أو التحريضية، ثم يعودون مرة أخرى إلى نفس المكان الآمن.
صعود طالبان، وإذا استمرت بنفس سياستها القديمة، يعنى عودة مصطلحات «الذاهبون إلى أفغانستان، والعائدون منها»، وليس مستبعدا أن تكون أفغانستان تحت حكم طالبان، هى الحل الأمثل لإيواء كل المتطرفين بمن فيهم المعتقلون فى سوريا والعراق الذين ترفض كل بلدانهم استقبالهم خصوصا الأوروبية. بحيث كما قال البعض فإن هذا السيناريو يعنى تحول أفغانستان إلى المكان الذى يتواجد فيه «منتخب الإرهاب الدولى»!!
صعود طالبان يعنى إعطاء نسبة أكسجين عالية جدا لكل المتطرفين العرب والمسلمين، بعد أن عانوا من ضيق التنفس طوال الفترة الماضية، وبعد أن انقطع عنهم معظم الدعم ممن كانوا يشغلونهم.
صعود طالبان يحتم على الدول العربية، خصوصا المتأثرة بالتطرف والمتطرفين، أن تنسق فيما بينها بصورة جادة حتى تتمكن من بناء استراتيجية حقيقية لمواجهة هذا التطور الدراماتيكى، الذى تسببت فيه أمريكا منذ عام ١٩٧٩ وحتى هذه اللحظة.