توقيت القاهرة المحلي 05:19:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جرائم فردية.. أم ظواهر اجتماعية؟!

  مصر اليوم -

جرائم فردية أم ظواهر اجتماعية

بقلم - عماد الدين حسين

ما الذي يدفع طالباً أن يذبح زميلته في إحدى كليات جامعة المنصورة شمالي القاهرة، وما الذي يدفع قاضياً أن يقتل زوجته بصورة بشعة، ويدفنها في حديقة فيلته الخاصة، وما الذي يدفع أماً لقتل أطفالها الثلاثة، وما الذي يدفع ابناً إلى قتل أبيه وإخوته في إحدى محافظات الصعيد؟!

هذه الأسئلة ومثلها شغلت الرأي العام المصري في الأيام والأسابيع الأخيرة، وصارت هي «التريند» في وسائل التواصل الاجتماعي، بل وشغلت حيزاً كبيراً من اهتمامات وسائل الإعلام المصرية التقليدية، ووجدت صدى أكبر في وسائل إعلام عربية، بل ودولية.

صار معروفاً لكثير من المتابعين للشأن المصري أن طالباً في كلية الآداب بجامعة المنصورة ذبح زميلته نيرة أشرف أمام الجامعة وفي وضح النهار لأنها رفضت أن تتزوجه أو تبادله المشاعر والعواطف، ويوم الثلاثاء الماضي أصدرت إحدى محاكم الجنايات حكماً بإحالة أوراق القاتل إلى المفتي، في أسرع حكم من نوعه على ما أظن، ربما لأن الجريمة بشعة، وربما لأنها واضحة وأدلتها لا تحتمل اللبس أو التشكيك، وربما أيضاً لأن القضية شغلت الرأي العام بصورة كبيرة. وصار معلوماً أيضاً أن قاضياً متهماً بقتل زوجته التي تعمل مذيعة في إحدى الفضائيات المصرية غير المعروفة لكثيرين.

المذيعة اختفت من ثلاثة أسابيع والمتهم تم القبض عليه قبل أيام قليلة، والذي فجّر القضية أحد الشهود الذي رأى عملية القتل، وأقر بكل التفاصيل وربما يكون قد ساعد القاتل.

وفي الحادثة الثالثة قتلت أم أطفالها الثلاثة في محافظة الدقهلية بحجة أنها تريد لهم أن يذهبوا للجنة ولا يتعذبوا في هذه الدنيا وكتبت لزوجها خطاباً تقول فيه إنها أرسلت الأولاد إلى الجنة!! وفي الحادثة الرابعة فإن الابن قتل أباه وأشقاءه الأربعة وحاول قتل أمه في محافظة قنا لخلافات على الأموال والميراث!!

الجرائم تقع وتتم منذ بدء الخليقة، حينما قتل قابيل أخاه هابيل، والمؤكد أن هذه الجرائم سوف تستمر إلى أن تقوم الساعة، لأنها جزء من طبيعة بعض البشر، وتعكس الصراع بين الخير والشر الموجود في النفس الإنسانية.

لكن ورغم أن الجرائم تقع وسوف تستمر في الوقوع، إلا أن ما يحيّر ويربك ويقلق جانباً كبيراً من المصريين هو أن هذه النوعية من الجرائم غير معهودة وصارت تتكرر على فترات قصيرة، وبالتالي فإن كثيرين يسألون: لماذا؟!

الإجابات تختلف، وتتنوع. البعض يرجع كثرة هذه الجرائم إلى ابتعاد الناس عن الدين.

والبعض يرجع الظاهرة إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت الناس تتأثر ببعضها البعض، وجعلت التقليد أمراً شائعاً.

والبعض يرجع الظاهرة إلى تراجع دور منظومة القيم التقليدية، خصوصاً دور العبادة والمدرسة والجامعة ومؤسسات المجتمع المدني، والبعض يرجع الأمر إلى غياب أو تراجع دور الأسرة في التربية، وأنها تركت ذلك لوسائل التواصل الاجتماعي لتربي الأجيال الجديدة بقيمها الخاصة.

وفي ظني الخاص أن كل عامل من العوامل السابقة يصلح أن يكون سبباً، لكن أغلب الظن أن السبب الجوهري هو العوامل السابقة مجتمعة، ويأتي في مقدمتها التأثير الخطير لوسائل التواصل الاجتماعي، التي صارت تلعب دوراً خطيراً في غالبية المجتمعات، وليس فقط المجتمع المصري.

«السوشيال ميديا» يفترض أنها وسائل تواصل اجتماعي وفقط، وليست وسائل إعلام أو تربية أو منظومة قيم، لكن تراجع دور من يقومون بالإعلام أو التربية التقليدية، جعل «السوشيال ميديا» تتقدم وتأخذ زمام القيادة.

الآباء والأمهات والأسرة عموماً وفي ظل الأزمات الحياتية المتوالية ابتعدوا كثيراً عن أمور أبنائهم، والأبناء صار الهاتف المحمول هو من يعلمهم ويزرع فيهم منظومة القيم الخاصة والجديدة، والتي قد تتعارض كثيراً مع القيم التقليدية.

الخبر السيئ للمجتمعات العربية عموماً، أن هذه الظواهر الغريبة عن مجتمعاتنا مرشحة للاستمرار، وربما تتكاثر، لأن الأسباب التي تقود إليها مستمرة ومؤثرة.

ثم علينا ألّا ننسى خطر تزايد إدمان المخدرات بين بعض الشباب. والأخطر الضغوط العالمية، خصوصاً من الدول الغربية على تبني قيم وأفكار اجتماعية مغايرة للقيم والتقاليد العربية والإسلامية. وهو أمر قد نتأثر به في الفترة المقبلة.

ما لم نتمكن من بلورة حلول ونماذج وقيم تتصدى لذلك فسوف نعاني كثيراً، والمؤكد أن المنع وحده لن يكون كافياً للتعامل مع هذه الظواهر الجديدة.

نأمل أن يكون ما حدث مجرد حوادث متفرقة، وليست مؤشراً على نوعية جديدة من الجرائم قد تتكرر في العديد من المجتمعات العربية في الفترات المقبلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جرائم فردية أم ظواهر اجتماعية جرائم فردية أم ظواهر اجتماعية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 04:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم
  مصر اليوم - القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon