توقيت القاهرة المحلي 23:43:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوروبا وأمريكا والغاز.. والصداقة المفقودة

  مصر اليوم -

أوروبا وأمريكا والغاز والصداقة المفقودة

بقلم - عماد الدين حسين

«أقول لأصدقائنا الأمريكيين والنرويجيين بروح الصداقة.. أنتم رائعون، تزودونا بالغاز لكن لا يمكن ولا يعقل أن تبيعوه لنا بأكثر من أربعة أضعاف السعر الذى تبيعونه للمصانع لديكم، أقول لكم وبحق الصداقة، لا تفعلوا ذلك، خصوصا بعد أن غررتم بأوروبا، فهذا لا يطابق المعنى الذى نفهمه ونعطيه للصداقة».

الكلام السابق قاله نصا الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون يوم الجمعة الماضى فى مؤتمر صحفى على هامش اجتماع المجموعة السياسية الأوروبية». وأضاف: «إن الشتاء القادم سيكون أصعب على الأوروبيين فيما يتعلق بإمدادات الغاز مضيفا أن الاتحاد الأوروبى سوف يضع آليات للتضامن المالى، وضرورة الخروج بسرعة من الوقود الأحفورى وإنتاج أكثر للطاقة المتجددة والنووية، وأن أوروبا ستكثف محادثاتها مع الموردين خصوصا مع الدول الآسيوية بشأن صفقات شرائه، وكذلك إطلاق عملية منسقة لضمان أمن خطوط أنابيب الغاز تحت الماء».
نعلم جميعا أن أوروبا دفعت الثمن الأكبر حتى الآن للحرب الروسية ــ الأوكرانية المشتعلة منذ ٢٤ فبراير الماضى، وغالبية دولها تعتمد على الخارج فى تدبير احتياجاتها النفطية خصوصا روسيا التى تزود ألمانيا بـ ٤٦٪ من احتياجاتها من الغاز، وتفعل الأمر نفسه مع دول القارة بنسب تبدأ من ١٠٪ إلى ٦٠٪.
ونعلم أيضا أن أمريكا والغرب فرضوا عقوبات قاسية على روسيا منذ غزوها لأوكرانيا. وقبل أيام توقف ضخ الغاز الروسى إلى ألمانيا وبعض الدول الأوروبية عبر خط «نورد ستريم» بسبب تفجير مجهول حسب قول موسكو، وتواطؤ روسى حسبما يقول الغرب.
المهم أوروبا تحاول بكل الطرق تعويض الغاز والنفط الروسى من أطراف أخرى خصوصا فى الخليج العربى أو منطقة شرق المتوسط أو من الولايات المتحدة، لكن كلام الرئيس الفرنسى ماكرون يقول إن واشنطن تحاول استغلال الأزمة وتحقيق مكاسب اقتصادية هائلة لشركاتها على حساب روح الصداقة مع أوروبا.
كلام ماكرون يعيدنا إلى الانقسام الأوروبى بشأن التعامل مع النفط الروسى. أوروبا كما يقول ماكرون متفقة على رفض الغزو الروسى ولكنها منقسمة إلى دول منتجة أو مستهلكة للنفط والغاز، وبالتالى فإن الدول المستهلكة لا تريد فرض مقاطعة كاملة على روسيا حتى تضمن وصول الغاز الروسى إليها، فى حين أن الدول المنتجة مثل النرويج وبريطانيا وغيرهما يريدون مقاطعة النفط والغاز الروسى.
ونعلم أن الولايات المتحدة هى التى كانت وما تزال تتزعم هذا الاتجاه، حتى قبل اندلاع الأزمة الأوكرانية، بل طالبت ألمانيا بوضوح أكثر من مرة بعدم الاعتماد على الغاز الروسى، وعدم إعطاء رخصة تشغيل خط «نورد ستريم ٢» حتى لا يتحول الاقتصاد الألمانى والأوروبى لرهينة للطاقة الروسية.
بل وحينما ثار الجدل عن المسئول عن تفجير خطى نورد ستريم قبل أيام، خرجت فيديوهات مصورة للعديد من المسئولين الأمريكيين طوال السنوات الـ ١٥ الماضية تؤكد أن واشنطن لن تسمح بأى حال من الأحوال بتشغيل واستمرار هذا الخط، لكن واشنطن تنفى بالطبع ضلوعها فى تفجير الخطين مقابل السواحل الدنماركية.
المهم ما قاله ماكرون يطرح قصة خطيرة وهى احتمال أن تكون واشنطن لا تريد فقط عدم الاعتماد الأوروبى على النفط والغاز الروسى، بل والإفساح لشركاتها لبيع النفط والغاز لأوروبا بأسعار مرتفعة. ورغم ذلك وحينما سألت خبيرا فى مجال الطاقة قال لى إن ماكرون غير موفق فيما يقوله لأن أى شركة أمريكية حينما تبيع الغاز فى الولايات المتحدة، فهى تبيعه بسعر التكلفة زائد هامش الربح، لكن إذا تم تصديره فإنه يتصاغف مرات كثيرة لسبب جوهرى وهو أن الغاز حينما يتم تصديره مسالا عبر ناقلات بحرية فإنه يتكلف كثيرا سواء فى النقل أو التأمين أو التحوط أو الأهم فى تحويله مرة أخرى من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية إضافة إلى تكلفة محطات الإسالة والتخزين.
حرصت على أن أبدأ بما قاله ماكرون لأنه يوضح بجلاء ما يدور فى أذهان العديد من الأوروبيين الذين يعتقدون أن أمريكا سعت بكل الطرق إلى إغراق بوتين وروسيا فى المستنقع الأوكرانى حتى تستنزف روسيا، وتوجه إليها ضربة غير مسبوقة، لكن الذى يدفع الثمن الفعلى للصراع الأمريكى ــ الروسى، وتاليا للصراع الأمريكى ــ الصينى هى أوروبا أولا، وبقية دول العالم الثالث، وفى مقدمتهم مصر للأسف الشديد باعتبارنا نستورد معظم احتياجاتنا الأساسية من الخارج. وبالتالى السؤال الذى يهمنا من كل هذه القصة هو: متى نتعلم الدرس ونبدأ فى الاعتماد على أنفسنا قدر الإمكان حتى لا نكون كالأيتام على موائد اللئام، وما أكثر اللئام فى المنطقة والإقليم والعالم؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا وأمريكا والغاز والصداقة المفقودة أوروبا وأمريكا والغاز والصداقة المفقودة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon