بقلم - عماد الدين حسين
نتحدث كثيرا عن دعم الصناعة كمدخل رئيسى لمواجهة معظم المشكلات الاقتصادية، لكن السؤال: ما الذى يعوق الانطلاق؟
يوم الأحد قبل الماضى كانت هناك جلسة عامة مهمة جدا لمجلس الشيوخ بناء على طلب مناقشة عامة من النائب تيسير مطر وأكثر من عشرين عضوا عن استيضاح سياسة الحكومة حول التحديات التى تواجه الصناعة ووضع الحلول لزيادة الإنتاج والتصدير والاستثمار بوجه عام بحضور أحمد سمير وزير التجارة والصناعة.
المناقشات بدأت من الحادية عشرة والنصف تقريبا واستمرت حتى الثالثة والنصف عصرا من دون توقف فى واحدة من أطول جلسات المجلس منذ زمن.
كان هناك ما يشبه الإجماع بين كل المتحدثين على أن هناك مشكلة حقيقية.
اتفق على ذلك المتحدثون من حزبى «مستقبل وطن» و«حماة وطن» والأحزاب المحسوبة على المعارضة مثل التجمع مرورا بأحزاب الوفد والشعب الجمهورى، نهاية بالنواب المستقلين.
المناقشات أدارها بكفاءة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس المجلس وحتى أثناء إعطائه الكلمة للنواب كان يدلى ببعض الملاحظات المهمة المتعلقة بموضوع المناقشة خصوصا إشارته إلى ضرورة مناقشة الجزر المنعزلة.
لفت نظرى خلال المناقشات مجموعة من الملاحظات المهمة، وجميعها تصب فى عنوان العراقيل التى تواجه الصناعة المصرية وتمنعها من تبوؤ المكان الطبيعى فى قيادة الاقتصاد المصرى.
المشكلات التى عرضها النواب قد يبدو بعضها بسيطا، وبعضها معقد لكنها جميعا قد تفسر لماذا لا تشكل الصناعة المصرية أكثر من ١٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى، ولماذا تظل الصادرات المصرية أقل من نصف الواردات، الأمر الذى يفسر مشكلة العملة الصعبة التى يعانى منها الاقتصاد المصرى حاليا.
النائب هانى سرى الدين سرد قصة تبدو غريبة للغاية، وهى أن إحدى عضوات مجلس الإدارة فى شركة مهمة فى سيناء، حان موعد تجديد عضويتها، لكن تجمد الأمر لنحو شهرين، والسبب أن الشركة طلبت الموقف التجنيدى لزوجها. لم يكن الأمر مفهوما وما هى العلاقة بين تجديد التعيين فى الشركة والموقف التجنيدى للزوج!!
حينما انتهت الجلسة قابلت الدكتور هانى سرى الدين وسألته عن القصة تفصيلا فأكدها لى بالأسماء والوقائع.
ما يهمنى من هذه القصة أنه قد يكون مهما استكمال أوراق محددة بشأن تعيينات فى مواقع معينة، لكن من المهم أيضا أن ندرس الأمر فى إطار مدى تسهيله أو تعويقه للاستثمار الصناعى.
النائب إيهاب وهبة استعجب من أن الحكومة «بياعة أرض» والمفارقة أن المستثمر يدفع معظم نفقاته قبل بدء المشروع، وهو أمر غير موجود فى معظم دول العالم التى تشجع فعلا الاستثمار الصناعى.
النائب ياسر الهضيبى من الوفد وصف هيئة التنمية الصناعية بأنها هيئة التعطيل الصناعية.
النائب الدكتور محمد صلاح البدرى حكى أيضا عن مجموعة من صغار المستثمرين حاولوا إقامة مصنع فى الصعيد وتعطل المشروع لسنة وأربعة شهور بسبب الخلاف على ولاية الجهة الإدارية والحكومية، وحينما سأل المستثمرين عن تطورات الموضوع قالوا له: «الحمد لله قفلنا وانتقلنا لدولة عربية بسبب التعقيدات الروتينية».
هو استرسل قائلا إن فكرة تعدد الولاية الحكومية على المشروعات واحدة من أكبر المشكلات والعقبات التى تواجه أى مستثمر جاد وتجعل البعض يصاب باليأس.
البدرى الطبيب المعروف ابن محافظة المنيا قال إن هناك مشكلة جوهرية تواجه الاستثمار الصناعى، فأى مستثمر جاد إذا ذهب إلى البنك للاقتراض من أجل تأسيس مصنعه سوف يجد أن سعر الفائدة ٢٧٪ على الأقل والرسوم والضرائب سوف تصل النسبة إلى ٣٨٪ فما هى نسبة المكسب التى سوف يحصل عليها، وبكم سوف يبيع السلعة مقارنة لو وضع أمواله فى وديعة بفائدة مرتفعة أو يشترى بها أذون خزانة بفائدة أعلى، بدلا من وجع الرأس والروتين والتعقيدات والمشكلات.
كل ما سبق هى مشاكل تواجه شخصا يريد أن يبدأ فى تأسيس مشروعه الخاص الصناعى، فى حين أن الواقع الفعلى أن غالبية الواقع والإجراءات تحارب الصناعة ولا تشجعها.
غالبية المتحدثين خلال الجلسة سألوا وزير الصناعة عن استراتيجية الوزارة للنهوض بالصناعة والتصدير ولماذا تأخر إصدارها.
والنائب أحمد عكاشة من تنسيقية شباب الأحزاب قال إن أى وزارة لا تعمل بخطة استراتيجية هى مجرد وزارة تسيير أعمال.
السؤال كيف رد الوزير أحمد سمير وهل كان رده مقنعا؟!