توقيت القاهرة المحلي 19:37:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العالم لن يحارب دفاعا عن فلسطين

  مصر اليوم -

العالم لن يحارب دفاعا عن فلسطين

بقلم - عماد الدين حسين

بعض العرب يسأل: متى يتحرك المجتمع الدولى لوقف المجزرة التى تنفذها دولة الاحتلال الإسرائيلى بحق السكان المدنيين فى قطاع غزة وبيوتهم ومؤسساتهم ومستشفياتهم، وذلك فى أعقاب عملية المقاومة الفلسطينية «طوفان الأقصى» ضد مواقع الجيش الإسرائيلى ومستوطناته فى ٧ أكتوبر الحالى؟
ولهؤلاء نقول إنه لا يوجد مصطلح دقيق اسمه المجتمع الدولى. هو مصطلح فضفاض لأنه يفترض أن العالم كله ــ أو على الأقل القوى الكبرى والفاعلة فيه ــ يتفق على موقف واحد بشأن قضية معينة، وهو أمر مستحيل تماما.
وعلى سبيل المثال يندر أن تتفق الدول الخمس الكبرى الأعضاء فى مجلس الأمن على أى موقف موحد فى القضايا والأزمات الكبرى، وبالتالى يستحيل صدور قرار ملزم من مجلس الأمن طبقا للفصل السابع من الميثاق، وحتى إذا صدر أحيانا فإنه يحتاج إلى إرادة وآليات للتنفيذ. وبالتالى لا يوجد مصطلح دقيق اسمه المجتمع الدولى فى مثل هذا النوع من القضايا، والأدق هو وجود خلافات وانقسامات دائمة بين غالبية القوى العالمية الكبرى لأن مصالحها ومواقفها متباينة ومتناقضة بحكم حالة التنافس الدائم بينها بحثا عن النفوذ والسيطرة.
السؤال الثانى يردده بعض العرب بحسن نية شديد وهو: إذا كانت أمريكا ثم بريطانيا قد أرسلت حاملة طائرات ووفرت كامل الدعم لإسرائيل فى عدوانها على غزة، فلماذا لا تقوم روسيا والصين وإيران وتركيا وبقية الدول العربية والإسلامية بتقديم الدعم العسكرى المضاد للمقاومة الفلسطينية لتمكنها من التصدى للعدوان الإسرائيلى وحرب الإبادة التى يشنها منذ ٧ أكتوبر الماضى؟!
الإجابة ببساطة أن لكل دولة أولويات مختلفة، وعلى سبيل المثال فإن الصين تتحمل بصبر استراتيجى غير مسبوق انفصال تايوان عنها منذ عام ١٩٤٩. ولا تتخذ إجراءات ضد أمريكا ردا على دعهما لتمرد هذه الجزيرة على البر الصينى خصوصا إمدادها بالأسلحة المتقدمة وزيارات المسئولين الأمريكيين المستمرة.
والصين أيضا لم تعلن رسميا تأييدها للغزو الروسى لأوكرانيا رغم علاقتها المتميزة مع موسكو، والسبب أن مصالحها مع أمريكا والغرب لاتزال هى الأهم حتى الآن.
إذا كانت هذه هى سياسة الصين فالمؤكد أنها لن تتدخل لمحاربة إسرائيل وتحدى أمريكا من أجل عيون العرب! لكن موقفها السياسى من العدوان الإسرائيلى كان داعما للفلسطينيين. نفس الأمر ينطبق على روسيا، فهى مشغولة أساسا بالمعركة فى أوكرانيا. صحيح أنها تؤيد غالبية المواقف العربية، لكنها مثلا لا تتصدى للمقاتلات الإسرائيلية التى تهاجم وتعتدى على الأهداف السورية كل أسبوع تقريبا منذ سنوات، رغم وجود قواتها فى سوريا دعما لنظام الرئيس بشار الأسد. والدولتان روسيا والصين تستفيدان كثيرا من معركة غزة لأنها تجعل أمريكا والغرب ينشغلان عنهما ولو لفترة قليلة.
تركيا وهى دولة إقليمية كبرى وتعلن ليل نهار دعمها لفلسطين بل ولديها علاقات متميزة مع حركة حماس ذات الجذور الإخوانية، لكن أنقرة وحتى تحت حكم حزب العدالة والتنمية القريب من نفس الجذور الإخوانية، لم ولن تخاطر بقطع علاقاتها القوية مع إسرائيل، وأقصى ما فعلته طوال العشرين عاما الماضية هو الشجب والتنديد ثم سحب سفيرها من إسرائيل حينما هاجمت القوات الإسرائيلية السفينة التركية «آفى مرمرة» فى ٣١ مايو ٢٠١٠، وأصابت عشرات المتضامين مع غزة.
ربما تكون إيران هى الدولة الأكثر دعما عسكريا وماليا للمقاومة الفلسطينية، لكن فى النهاية أيضا لها حسابات معقدة كثيرا، فهى مثلا تتعرض لضربات إسرائيلية كثيرة فى سوريا، ولا تستطيع الرد المباشر، وهى تدرك أنها ربما تكون غير جاهزة الآن للدخول فى مواجهة مباشرة مع إسرائيل والغرب.
ونفس الأمر ينطبق على سوريا دولة المواجهة التى تحتل إسرائيل جزءا من أرضها وهو هضبة الجولان، فتجد سوريا نفسها منشغلة بالصراع ضد المعارضة وضد قوى إرهابية متعددة مدعومة من تركيا وأمريكا، فإذا كانت غير قادرة على صد الهجمات الإسرائيلية على أراضيها كل يوم، فهل تدخل المعركة دفاعا عن غزة أو فلسطين؟!
بقية الدول العربية خصوصا المؤثرة منها دخلت فى اتفاقيات سلام وتسوية وتطبيع مع إسرائيل ابتداء من مصر عام ١٩٧٩ والأردن ١٩٩٤ والسلطة الفلسطينية ١٩٩٣ واتفاقيات إبراهام مع المغرب والسودان والإمارات والبحرين ابتداء من ٢٠٢٠، وهى تقول إنها انتهجت الطريقة السلمية للتسوية مع إسرائيل وإن حماس وبقية فصائل المقاومة لا تستشيرها حينما تشن عمليات ضد إسرائيل، وبالتالى فلا يمكن أن تورطها فى حرب أو صراع مفتوح.
هذه هى الصورة الواقعية على الأرض، وقد تكون صادمة للكثيرين، لكن علينا ألا ننساها ونحن نفكر فى تصورات أو حلول عاطفية. كنا نتمنى أن تحدث لكن الواقع أصعب مما نتخيل ويحتاج إلى عمل كثير لتغييره.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العالم لن يحارب دفاعا عن فلسطين العالم لن يحارب دفاعا عن فلسطين



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 13:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم "إبادة غزة"
  مصر اليوم - جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم إبادة غزة

GMT 14:45 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان
  مصر اليوم - أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 12:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد امام يعتبر والده "الزعيم" هو نمبر وان في تاريخ الفن
  مصر اليوم - محمد امام يعتبر والده الزعيم هو نمبر وان في تاريخ الفن

GMT 07:02 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الفرنسي هيرفيه رونار يعود لتدريب منتخب السعودية

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 17:24 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

جهاز مبتكر ورخيص يكشف السرطان خلال ساعة

GMT 05:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 02:31 2021 الإثنين ,22 آذار/ مارس

طريقة عمل اللازانيا باللحمة المفرومة

GMT 00:00 2023 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كولر يدرس تصعيد شباب الأهلي بعد تألقهم مع منتخب الشباب

GMT 02:52 2021 الجمعة ,11 حزيران / يونيو

ياسمين صبري تبهر متابعيها بـ إطلالة جديدة

GMT 02:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

مسعود أوزيل يغادر لندن للانضمام إلى صفوف فناربخشة التركي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة لا ينبغي تقديمها للأطفال في فصل الشتاء تعرّفي عليها

GMT 02:48 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على السيرة الذاتية للفنانة عبير بيبرس

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف السعودية الصادرة الثلاثاء

GMT 00:30 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

شقيق جيجي حديد وبيلا حديد ينافسهما في مجال عرض الأزياء

GMT 10:43 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نجمة صينية ترتدي فستان زفاف ساحرًا من مئات الطبقات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon