بقلم - عماد الدين حسين
الكثير منا لا يدركون أن هناك مئات الآلاف من المصريين يعملون فى الأردن الشقيق.
لا يوجد رقم رسمى ثابت لعدد المصريين العاملين هناك، والتقديرات تتراوح ما بين نصف مليون إلى ٩٠٠ ألف عامل، وبالتالى فرقم تحويلاتهم السنوية لمصر مختلف عليه أيضا، لكن الشىء المؤكد أن المصريين يتمتعون هناك بأفضل معاملة ممكنة مقارنة ببعض الدول الأخرى.
وخلال زيارتى للأردن فى الأسبوع الماضى ضمن وفد صحفى من كتاب ورؤساء تحرير التقينا بالعديد من كبار المسئولين الأردنيين وفى مقدمتهم رئيس الوزراء بشر الخصاونة ووزراء كثيرون بينهم وزير الإعلام فيصل الشبول والخارجية أيمن الصفدى، إضافة للسفير المصرى المتميز فى عمان محمد سمير وكبار مساعديه خصوصا نائب السفير مجدى الدرينى، وبالتالى أتيح لنا مناقشتهم فى معظم ظروف عمل المصريين هناك.
العمالة المصرية بالأردن تعمل فى العديد من المهن، لكن المهن الأساسية لهم هى الزراعة والبناء والمطاعم.
شهاداتهم الأساسية هى الدبلومات الفنية، وأحيانا لم يكملوا تعليمهم.
بصفة عامة فإن المجتمع الأردنى يعامل العمالة المصرية بقدر كبير من الاحترام والتقدير، لا توجد نظرة التعالى والفوقية.
هى عمالة منتجة جدا، بمعنى أن غالبيتهم يعملون بمفردهم، أى أن أسرهم تعيش فى مصر، وليس معهم، كما هو الحال فى العمالة المصرية بالسعودية مثلا، وبالتالى فإن معظم ما يكسبونه يحولونه إلى أهاليهم فى مصر، ويساهمون بدور مهم فى إنعاش الاقتصاد المصرى. وبعض التقديرات الاقتصادية تقول إنهم العمالة الأكثر إفادة للاقتصاد الوطنى بعد العمالة المصرية الموجودة فى السعودية.
مساء الإثنين قبل الماضى التقينا نحن الوفد الصحفى المصرى مع وزراء الداخلية والعمل والصحة والتخطيط والإعلام والاقتصاد الرقمى والشئون القانونية، وجميعهم أكدوا معانىَ محددةً، وهى أن العمالة المصرية هادئة ومنتجة وصارت جزءا من النسيج الاجتماعى الأردنى، ولا تسبب أى مشاكل.
فى هذا العشاء الاحتفالى كان موجودا أيضا السفير المصرى فى عمان محمد سمير، الذى حكى لى العديد من القصص التى تؤكد على معنى واحد وهو أن العلاقات القوية بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك عبدالله، وبين الحكومتين، تنعكس إيجابا على أوضاع العمالة المصرية. هو قال إن الجزء الأكبر من أعمال القسم القنصلى فى السفارة موجه لخدمة كل ما يتعلق بالعمالة.
وقد شهدت بنفسى وفاة أحد المصريين الصعايدة فى حادث مرورى، وقامت السفارة بشحن الجثمان على نفقتها إلى القاهرة.
وذات يوم حضر أحد أصحاب الأعمال الأردنيين إلى السفارة مع أحد المصريين لشحن جثمان للقاهرة، السفير ظن أن الأردنى هو ابن المتوفى من شدة تأثره، لكنه اكتشف فى النهاية أنه ابن صاحب المزرعة، وعاش زمنا طويلا مع المصرى المتوفى وتعامل معه باعتباره فى منزلة والده.
وزير القوى العاملة الأردنى نايف زكريا نفى تماما وجود استهداف للعمالة المصرية، بل قال إن هناك تنظيما شاملا للعمالة بصفة عامة حتى نضمن حقوقها خصوصا فيما يتعلق بالتأمينات.
وقمنا فى الفترة الأخيرة بتحديد عدد العمالة الأجنبية فى المزارع والمخابز والمقاولات، وقلنا إنه يحق لأى صاحب عمل يشغل ٨ أردنيين أن يستقدم وافدا، والعمالة المصرية لها دور كبير فى بناء الأردن واقتصاده. وشخصيا ــ كما يقول الوزير ــ تدخلت بنفسى قبل فترة فى حل مشكلة خمسة مصريين حجزت صاحبة مشحمة أردنية جوازات سفرهم وتم إنذارها وتغريمها.
وزير الداخلية الأردنى مازن الفراية قال إن العمالة المصرية هى المفضلة أردنيا، ومشاكلها فى الحدود الدنيا، أما وزير التخطيط ناصر سلطان فقال إنه لم يسمع عن مشاكل للعمالة المصرية، فى حين أن وزير الاقتصاد الرقمى أحمد الهناندة قال إنه قبل الأزمة الأردنية كان تصنيف العمالة هو: «أردنى فلسطينى مصرى» الآن تغيرت المعادلة قليلا وحل العامل السورى قبل المصرى، لأن عدد اللاجئين السوريين وصل إلى ١٫٥ مليون شخص، مؤكدا أن الشركات الأردنية تستعين كثيرا بالخبرة المصرية فى تكنولوجيا الاتصالات.
تحية لكل عامل مصرى يعمل بجد واجتهاد ويتغرب من أجل أسرته ووطنه، وتحية للشعب الأردنى الذى يتعامل مع المصريين باحترام وأخوة حقيقية.