بقلم - عماد الدين حسين
كيف نقرأ البيان الختامى للقمة العربية الإسلامية المشتركة وغير العادية التى انعقدت فى فندق الريتز بالعاصمة السعودية الرياض يوم السبت الماضى لمواجهة العدوان الإسرائيلى الوحشى على قطاع غزة والمستمر منذ عملية «طوفان الأقصى» فى صبيحة ٧ أكتوبر الماضى وحتى هذه اللحظة؟
ونعلم أنه تم دمج القمتين العربية والإسلامية فى يوم واحد، وهى فكرة جيدة، لأنه فى النهاية خرج بيان واحد من ٥٧ دولة عربية وإسلامية يقول لإسرائيل: نحن نرفض عدوانك ونرفض كل مخططاتك لتصفية القضية الفلسطينية.
تقييم مخرجات القمة سيكون حسب الزاوية التى تقف فيها، وانتمائك ودرجة وعيك السياسى والأهم مدى فهمك للواقع العربى والإسلامى والتباين الكبير الذى يعانى منه منذ سنوات طويلة.
غالبية الفلسطينيين، خصوصا من يعيش منهم فى غزة، لن تعجبهم المخرجات، لأنهم لا يقبلون بأقل من إعلان كل الدول العربية والإسلامية الحرب على إسرائيل، أو فى الحد الأدنى قطع العلاقات معها فورا، وإدخال المساعدات للفلسطينيين فى قطاع غزة من دون التنسيق معها.
غالبية الفلسطينيين ومعهم جانب كبير من المواطنين العرب والمسلمين الذين يشاهدون فظائع العدوان الإسرائيلى فى بث حى على الهواء سيرون مخرجات القمة الطارئة معتدلة ولا تبعث بأى رسالة قوية لإسرائيل وكل من يساندها.
لكن الفريق الواقعى الذى يدرك الحال الصعبة التى وصلت إليها الأمتان العربية والإسلامية سينظر للقمة باعتبارها وجهت رسالة سياسية قوية من كل الدول العربية والإسلامية، خصوصا أن بعض الدول التى وقعت على هذا البيان تربطها علاقات مع إسرائيل.
من وجهة نظر هؤلاء أيضا فإنه حينما تبعث ٥٧ دولة عربية وإسلامية أى أكثر من ربع أعضاء الأمم المتحدة بهذه الرسالة القوية فهى إشارة مهمة ستصل لكل من يهمه الأمر خصوصا أمريكا وأوروبا وكل من أيد إسرائيل فى عدوانها، وهذه الملاحظة سمعتها مباشرة من الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد أبوالغيط.
وإضافة إلى ما ورد من كلمات إدانة قوية للعدوان الإسرائيلى فإن من سيقرأ ديباجة البيان الختامى المكون من ٣١ بندا سيلاحظ أننا لأول مرة منذ زمن بعيد نقرأ أن القضية الفلسطينية هى القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية، وأن السلام الإقليمى لن يتحقق بتجاوز القضية الفلسطينية، وأن إسرائيل لن تنعم بالسلام ما لم ينعم به الفلسطينيون، وأن القمة تحذر من التداعيات الكارثية للعدوان الإسرائيلى، والذى يرتقى لجريمة حرب جماعية، وكذلك وصف إسرائيل بالاحتلال الاستعمارى.
أما أهم ما لفت نظرى فى البنود فكان رفض القمة لتوصيف هذه الحرب الانتقامية الإسرائيلية باعتبارها دفاعا عن النفس تحت أى ذريعة. وهذا بند مهم يرد على كل الدعاوى المؤيدة لإسرائيل..
وكذلك البند الثالث الذى يدعو لكسر الحصار على غزة وإدخال المساعدات إليها، لكن من المهم أن نعرف كيف سيتم تنفيذ القرار.
أيضا فإن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال القمة قد تحولت إلى بنود كثيرة فى البيان الختامى خصوصا دعم مصر فى كل خطوات مواجهة تبعات العدوان، وإدانة تهجير ١٫٥ مليون فلسطينى من الشمال للجنوب، والرفض الكامل والمطلق والتصدى الجماعى لأية محاولات للنقل الجبرى الفردى أو الجماعى أو التهجير القسرى أو النفى لأى فلسطينى خارج أرضه واعتبار ذلك خطا أحمر وجريمة حرب.
أيضا كانت هناك مطالبة جميع الدول بوقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى سلطات الاحتلال.
هناك أيضا بند مهم جدا وهو الطلب من المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية استكمال التحقيق فى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى تستخدمها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى، واستنكار ازدواجية المعايير فى تطبيق القانون الدولى.
ومن القرارات المهمة أيضا إعادة التأكيد على التمسك بالسلام كخيار استراتيجى واعتبار منظمة التحرير هى الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى.
وأخيرا فإن البند رقم ٢٧ يقول إن عدم حل القضية الفلسطينية منذ ٧٥ عاما هو الذى أدى إلى تدهور الوضع الراهن، وهذا البند يعنى عمليا أن القمة تتضامن تماما مع المقاومة الفلسطينية، وعدم التعامل معها كتنظيم إرهابى كما تريد إسرائيل والغرب.
البيان الختامى احتوى على نقاط كثيرة مهمة وجديرة بالتأمل لكن الأهم على الإطلاق الآن هو كيفية وقف المجزرة الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة.