بقلم - عماد الدين حسين
قلتُ كثيرا من قبل وأكرر الآن، إننى أتمنى أن يتحول الحوار الوطنى إلى مؤسسة قائمة بذاتها ومستمرة، ولا تعنى فقط بالمشكلات والأزمات والتحديات المعروفة، بل أن تبحث فى موضوعات كثيرة متغيرة تُعرض عليها لكى تصبح هى الترجمة العملية لمصطلح الحوار الوطنى إلى أن تتمكن المؤسسات الفعلية من الاضطلاع بكامل دورها وواجبها.
الحوار الوطنى ومنذ أن دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى ٢٦ أبريل ٢٠٢٢، وإلى أن تم تعليق أعماله قبل بدء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كان مجلس أمنائه مكونا من ٢١ عضوا، بمن فيهم المنسق العام ضياء رشوان ورئيس الأمانة الفنية المستشار محمود فوزى و١٩ عضوا يمثلون شخصيات مؤيدة للحكومة وأخرى للمعارضة وبينهما خبراء مستقلون.
ظنى أن الحوار الوطنى ومنذ انطلاقته وحتى تعليق أعماله، قد أدى دورا مهما ووطنيا بصورة لم يتوقعها كثيرون، خصوصا فى المساهمة فى الإفراج عن ٢٠٠٠ محبوس وفتح المجال العام إلى حد ما وليس بصورة كاملة، كما أنه لعب دورا كبيرا فى الوصول بمشهد الانتخابات الرئاسية إلى نسبة المشاركة غير المسبوقة ٦٦٫٨٪.
أتخيل أن النسخة أو الانطلاقة الجديدة للحوار الوطنى والمتوقع أن تكون قريبا، قد تشهد العديد من التغيرات ليس فى الأهداف، ولكن بالأساس فى الوسائل، مع تحديثات فرضتها الانتخابات الرئاسية الأخيرة التى خرج منها فائزون وكذلك خاسرون.
بطبيعة الحال فإن الحوار الوطنى سوف يستأنف مناقشة القضايا التى لم يتمكن من استكمالها بسبب تعليق جلساته، أو بسبب عدم الوصول إلى توافق بين المشاركين بشأنها خصوصا فى نظام الانتخابات النيابية، وقضية الديون والحبس الاحتياطى وقانون تداول المعلومات.
لكن أعتقد ــ وطبقا لتقديرات من متابعين وليس معلومات محددة من مصادرــ، فإن مجلس أمناء الحوار الوطنى، قد يتم توسيع المشاركة فيه، بحيث يشمل بالأساس ممثلين لكيانات منتخبة، ومنها على سبيل المثال النقابات والاتحادات المهنية وقد يناقش مثلا بعض مشروعات القوانين قبل إرسالها إلى البرلمان حتى تخرج فى أفضل صورة وتزيد من مستوى التوافق والرضا الشعبى عن هذه القوانين.
وأعتقد أيضا أن الفترة المقبلة سوف تشهد مزيدا من تمثيل الأحزاب التى شاركت فى الانتخابات وحققت حضورا لافتا وبالتحديد الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى وحزب الشعب الجمهورى وقد يمثلان الصورة الجديدة للمعارضة إلى حد ما.
وحينما تناقشت مع أحد المتابعين لمجريات الحوار الوطنى قال لى أعتقد أن الصيغة السابقة التى قام على أساسها تمثيل المعارضة قد تشهد تغيرات، فالحركة المدنية التى كانت قائمة قبل الانتخابات الرئاسية لم تعد قائمة الآن بشكلها السابق.
نعلم أن انقسامات شديدة قد شهدتها الحركة المدنية بحيث إنها عجزت عن الاتفاق على مرشح واحد، أو حتى رؤية واحدة، بل دخلت أحزاب رئاسية فيها فى صراعات وخناقات وصل بعضها إلى النيابات والمحاكم.
ونعلم أيضا أن ثلاثة من ممثلى أحزاب الحركة أعلنوا ترشحهم، وهما جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور وأحمد طنطاوى من حزب الكرامة، ولم يكملا المسيرة لعدم اكتمال أوراقهما الرسمية، وفريد زهران رئيس الحزب المصرى الديمقراطى، وأكمل وخاض الانتخابات وحقق حضورا لافتا ومميزا.
والتقديرات أن الحوار الوطنى وبعده الانتخابات الرئاسية قد أفرزا واقعا سياسيا جديدا يصعب تجاهله فى الفترة المقبلة، وبالتالى وحسب تعليق لمصدر سياسى مهم فإن «الشرعية فى الفترة المقبلة لمن خاض الانتخابات وشارك واحتك بالجماهير وحصل على أصواتها، أما بقية «الشرعيات الوهمية» التى كانت قائمة قبل الانتخابات، فلن يعول عليها كثير، خصوصا أن معظمها كان مستمدا مما يعتقد أنها «شرعية وسائل التواصل الاجتماعى» وليس من المشاركة السياسية الطبيعية.
مرة أخرى كل ما سبق ليس معلومات مؤكدة، بل قراءة فى المشهد الراهن معززا بالحديث مع بعض المصادر شديدة الاطلاع.