توقيت القاهرة المحلي 10:49:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحكومات الغربية.. والحقيقة العارية

  مصر اليوم -

الحكومات الغربية والحقيقة العارية

بقلم - عماد الدين حسين

مرة أخرى أكرر أن أحد أهم ما كشفت عنه القمة الدولية التى عقدت يوم السبت الماضى فى العاصمة الإدارية لمناقشة العدوان الإسرائيلى على غزة منذ يوم ٧ أكتوبر الماضى، هو أنها جعلت المواقف علنية وظاهرة ومفضوحة خصوصا لبعض الحكومات الغربية.
بمعنى أوضح أنه من الآن وصاعدا فلا يمكن لنا أن نسمح للحكومات الأوروبية المنحازة أن تحدثنا عن دفاعها عن حقوق الإنسان، أو المساواة أو العدالة أو القيم الإنسانية.
ما فعلته غالبية الحكومات الغربية أنها انحازت بالكلية إلى الموقف الإسرائيلى الظالم والفاجر وبذلت كل الجهود من أجل تبرير العدوان، بل ودعمه بكل الطرق خصوصا حينما استخدمت حق الفيتو ضد مشروعى قرارين روسى وبرازيلى فى مجلس الأمن لوقف العدوان ضد المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية.
المتابع الجيد لتطورات القضية الفلسطينية منذ عام ١٩٤٨ وحتى الآن، سوف يكتشف أن جوهر المواقف لغالبية الحكومات الأوروبية الكبرى لم يتغير من الانحياز لإسرائيل واحتلالها للأرض العربية المحتلة. ولولا هذا الانحياز والدعم المكشوفين ما استمر وجود إسرائيل فى المنطقة بضع سنوات.
ولعل الكلمة المهمة والمفتاحية التى لم ينتبه لها كثيرون قالها الرئيس الأمريكى جو بايدن قبل أيام وهى «أن إسرائيل إن لم تكن موجودة لاخترعناها».
هذا يعنى أن هذا الكيان الاستيطانى العنصرى يلعب دورا وظيفيا مهما للغرب فى المنطقة، ويذكرنا بما قاله نابليون بونابرت حينما جاء للمنطقة غازيا عام ١٧٩٨، كاشفا عن رغبة أوروبا فى خلق كيان يشق ويفصل شرق العالم العربى عن غربه.
من المهم جدا أن تصل حقيقة المواقف الأوروبية إلى الأجيال العربية الجديدة حتى لا تصدق أن القارة العجوز «جنة الله فى الأرض»، ومن المهم أن تعرف الأجيال الجديدة الحقيقة لكى تصدر أحكاما صحيحة، وتدرك أن ما تسمعه من كلمات وتعبيرات ومواقف شىء، والواقع على الأرض شىء مختلف تماما.
وتفصيلا فإن غالبية الدول الغربية تعطينا محاضرات كل يوم عن حقوق الإنسان وضرورة احترامها، فى حين أنها تنتهك هذه الحقوق كل يوم فيما خص الشعب الفلسطينى وغالبية الشعوب العربية وكذلك القارة الأفريقية، بل إنها دعمت على مر التاريخ الحديث وما تزال غالبية المستبدين فى كل القارات، والأكثر وضوحا أنها أحد الأسباب الأساسية لكل ما يعانيه العالم الثالث من فقر وجهل وتخلف نتيجة حقبة الاستعمار الأوروبى البغيض ونهب ثرواته، تارة بالاستعمار المباشر، وتارة بالاستعمار غير المباشر، المستمر فى العديد من دول القارة الأفريقية حتى اليوم. هل معنى كلامى أن حقوق الإنسان كاملة وعلى ما يرام فى البلاد العربية، وأنها منتهكة فى أوروبا وأمريكا؟!
الإجابة هى لا قطعا، وأوروبا وأمريكا عندها ديمقراطية وتعددية وتقدم تكنولوجى فيما خص سكانها، عكس ما هو موجود فى غالبية بلدان العالم الثالث ولكن ما أقصده أنه لم يعد من حق غالبية البلدان الغربية بعد كل مواقفها الأخيرة أن تعظنا فيما يتعلق بحقوق الإنسان، خصوصا أنها تدعم إسرائيل فى أبشع انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطينى واللبنانى والسورى.
والأخطر أنه فيما يتعلق بمصر فإننا لم نسمع إدانة أمريكية أو أوروبية صريحة أعلنتها العديد من المصادر الإسرائيلية الرسمية على إجبار سكان غزة على ترك أرضهم والتوجه للإقامة فى سيناء، بحيث يتم تصفية القضية الفلسطينية تماما، مع تنفيذ مخطط «الوطن البديل» أيضا بطرد فلسطينيى الضفة الغربية إلى الأردن.
حينما تصمت العواصم الأوروبية خصوصا الكبرى على مثل هذه التصريحات الإسرائيلية الوقحة فهى عمليا شريك أساسى فى هذا المخطط، وبالتالى وجب علينا جميعا أن نعرف العدو من الصديق.
هذه هى الحقيقة العارية التى كشفتها تداعيات عملية «طوفان الأقصى»، بعد صبيحة السابع من أكتوبر وأعقبتها فى نفس اليوم عملية «السيوف الحديدية» الإسرائيلية ضد الفلسطينيين المستمرة حتى الآن.
لكن كل ما سبق لا يجعلنا نخلط بين مواقف بعض الحكومات الأوروبية والأمريكية وبين المواقف المحترمة والأخلاقية لقطاعات شعبية كثيرة فى هذه المجتمعات انحازت للحق والعدل وخرجت فى مظاهرات احتجاجية كثيرة تنديدا بالمجازر الإسرائيلية فى غزة، وهذا موضوع يستحق نقاشا موسعا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكومات الغربية والحقيقة العارية الحكومات الغربية والحقيقة العارية



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لجعل المطبخ عمليًّا وأنيقًا دون إنفاق الكثير من المال

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 19:37 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مصر تُخطط لسداد جزء من مستحقات الطاقة المتجددة بالدولار

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 09:19 2021 الأربعاء ,17 آذار/ مارس

تأجيل انتخابات «الصحفيين» إلى 2 أبريل المقبل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon