توقيت القاهرة المحلي 10:49:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شكرًا للعدوان الإسرائيلى الغاشم!!!

  مصر اليوم -

شكرًا للعدوان الإسرائيلى الغاشم

بقلم - عماد الدين حسين

جريمة الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوير الحالى، وبلغت ذروتها فى مذبحة مستشفى الكنيسة الأسقفية «المعمدانى» فى غزة، أعادت تذكير الجميع بحقيقة الوجه الأكثر بشاعة لإسرائيل، والتى حاولت بكل الطرق إخفاءه فى السنوات والعقود الماضية.
قد يستغرب البعض إذا قلت إن العدوان الإسرائيلى الوحشى والدموى واللاإنسانى بحق الشعب الفلسطينى عموما وسكان غزة خصوصا، أعاد تذكير البسطاء والسذج والمخدوعين وحسنى النية بالطبيعة العنصرية الفاشية لهذا الكيان الصهيونى.
لكن الأهم أننى ــ وغيرى كثيرون ــ قلق جدا من أن معظم الأجيال العربية الجديدة لا تعرف حقيقة هذا الكيان الإرهابى بفعل موجات التضليل وغسل المخ التى تعرضوا لها طوال العقود الماضية.
ومن باب السخرية فمن واجبنا أن نوجه الشكر لإسرائيل وعدوانها على أنها تكفلت بحل هذه المشكلة الصعبة بصورة لم نحلم بها، ونسفت فى أسبوعين ونصف فقط حتى الآن، ما بنته طوال ٤٦ سنة هى المدة الزمنية منذ زار الرئيس المصرى الأسبق أنور السادات القدس المحتلة فى ١٧ نوفمبر ١٩٧٧ وحتى بدء العدوان الوحشى والهمجى الإسرائيلى على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر الحالى، وربما ما بنته منذ النكبة عام 1948.
ما بين هذين التاريخين محاولات إسرائيلية كثيرة مدعومة أمريكيا وأوروبيا لتجميل وجه إسرائيل، وتصويرها كحمامة سلام وديعة تخشى الذئاب الكثيرة التى تحيطها فى هذه المنطقة العربية!
إسرائيل كانت تروج لنفسها بأنها واحة من الديمقراطية وسط غابة من الاستبداد العربى، والمؤسف أن الغرب صدق هذه الكذبة ولا يزال. والأكثر أسفا أن بعض المواطنين بل والمثقفين العرب صدق ذلك أيضا.
لا نقول إن الوطن العربى يعيش فى واحة من الديمقراطية وحقوق الإنسان، والمؤكد أن إسرائيل توفر لبعض مواطنيها من اليهود الأوروبيين «الأشكناز» قدرا لا بأس به من الديمقراطية على الطريقة الغربية، لكن جوهر هذه الديمقراطية غائب وفارغ تماما، حينما يتعلق الأمر ليس فقط بالمواطنين العرب، بل باليهود الذين تم جلبهم من أماكن مختلفة مثل يهود الفلاشا الإثيوبيين وبعضهم تظاهر كثيرا احتجاجا على ظروفهم المعيشية بعد أن ظنوا أنهم جاءوا إلى الجنة الموعودة أو أرض الميعاد!
الأجيال الجديدة من العرب لا تعرف كثيرا عما ارتكبته إسرائيل من مجازر ومذابح منذ زرعها فى المنطقة عام ١٩٤٨ من اول مذبحة دير ياسين وحتى مذبحة كنيسة المعمدانى قبل أيام.
معظم الأجيال الحديدة تعرف عن إسرائيل أنها بلد متقدم خصوصا فى مجال التكنولوجيا والصناعات العسكرية وهو كلام صحيح بالطبع لا ننكره، لكن هذه الأجيال لم تتعلم فى المدارس والجامعات ووسائل الإعلام أن خلف هذا الوجه الإسرائيلى البراق الملىء بالمساحيق الكثيفة هناك وجه بائس مشوه وشديد القبح.
وبالتالى فإن هذه الأجيال التى كان بعضها ينظر لإسرائيل نظرة إعجاب، فوجئ بالوجه الأكثر بشاعة لإسرائيل، خصوصا حينما وصف وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت الفلسطينيين بأنهم حيوانات.
الأجيال العربية الجديدة اكتشفت أن الإسرائيليين لا ينظرون للفلسطينيين على أساس أنهم يستحقون الحياة أصلا، ولذلك قال جالانت أيضا فى اليوم الأول للعدوان: «لا غذاء ولا دواء ولا وقود ولا ماء للفلسطينيين» وهو ما يعنى الحكم بإعدامهم جوعا وعطشا لمن لا يموت بالقصف الإسرائيلى.
الأجيال الجديدة اكتشفت حقيقة الوجه الإسرائيلى الذى حاول كثيرون إخفاءه طوال الـ٤٦ سنة الماضية، وبالتالى فإن ما خسرته إسرائيل فى هذا العدوان لا يعد ولا يحصى.
يمكننا القول بثقة مطلقة إن الخسارة الإسرائيلية استراتيجية فيما يتعلق بهذه النقطة، وهو أمر كان يتطلب جهدا ووقتا ومالا كثيرين للوصول إليه، لكن الحماقة الإسرائيلية ــ وربما الأفضل القول ظهور الوجه الحقيقى لإسرائيل ــ أغنتنا كثيرا عن بذل كل الجهد والوقت والمال.
العدوان الإسرائيلى المستمر أدى إلى كوارث كثيرة فى الأرواح والعتاد، لكنه أيضا كشف لنا حقيقة السياسات الإسرائيلية وجوهرها المعادى لكل ما هو إنسانى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شكرًا للعدوان الإسرائيلى الغاشم شكرًا للعدوان الإسرائيلى الغاشم



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لجعل المطبخ عمليًّا وأنيقًا دون إنفاق الكثير من المال

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 19:37 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مصر تُخطط لسداد جزء من مستحقات الطاقة المتجددة بالدولار

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 09:19 2021 الأربعاء ,17 آذار/ مارس

تأجيل انتخابات «الصحفيين» إلى 2 أبريل المقبل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon