من الأخبار المفرحة جدا إعلان وزير التموين د. على المصيلحى يوم أمس الأول القرار رقم ١٥ لسنة ٢٠٢٤ بشأن تنظيم أسعار الخبز الحر والفينو وتخفيضها بنسب تتراوح بين ٢٠ - ٣٠٪.
لكن الخبر الذى سيكون مفرحا جدا أن يتم تخفيض هذه الأسعار فعلا على أرض الواقع، وليس فقط فى التصريحات الإعلامية أو فى عدد محدود من المخابز.
وأظن أن من حق الناس على وزارة التموين وجميع الأجهزة الرقابية أن يدفعوا السعر العادل للسلعة خصوصا رغيف الخبز، طالما أنهم تحملوا بشجاعة السعر المرتفع والخرافى حينما قفز سعر الدولار ذات يوم وتجاوز حاجز السبعين جنيها.
وزارة التموين أعلنت يوم الأحد الماضى الأسعار والأوزان الجديدة المخفضة للخبز الحر والفينو وجاءت كالتالى:
جنيه ونصف للرغيف وزن ٨٠ جراما، و٧٥ قرشا للرغيف وزن ٤٠ جراما، وخمسون قرشا للرغيف وزن ٢٥ جراما وجنيه، للرغيف وزن ٥٥ جراما.
وبالنسبة لأسعار الفينو فإن الرغيف زنة ٥٠ جراما جنيه ونصف والرغيف زنة ٣٥ جراما جنيه واحد قبل هذا الاعلان الرسمى.
طبقا للبيانات والمعلومات الحكومية، وكما قال الدكتور على المصيلحى فإن أسعار الدقيق شهدت تراجعا كبيرا فى الأسابيع الأخيرة. فسعر الطن الذى قفز إلى ٢٨ ألف جنيه وهبط الآن إلى ٨ آلاف. وعبدالله غراب رئيس شعبة المخابز فى الغرفة التجارية بالقاهرة أكد أن الأسعار هبطت بنسبة ٤٠٪، وبعض كبار التجار قالوا أن سعر الطن هبط إلى ١٦ ألف جنيه وليس ١٨ ألفا.
قواعد السوق ومنطق الأشياء يقول إنه طالما أن التاجر قام برفع الأسعار حينما ارتفعت عالميا خصوصا حينما كان الدولار مرتفعا، فمن العدل والإنصاف والمساواة والسلام الاجتماعى أن تنخفض الأسعار حينما تنخفض عالميا.
نعلم أن سعر طن القمح المستورد كان عند متوسط ٢٧٥ دولارا قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ومع تعطل سلاسل الإمدادات قفز السعر ذات يوم إلى أكثر من ٥٠٠ دولار، لكنه عاد فى الشهور الأخيرة إلى السعر القديم وأحيانا ما دون هذا السعر.
ونعلم أيضا أن سعر الدولار شهد ارتفاعات كثيرة فى مصر، وتجاوز حاجز السبعين جنيها فى السوق السوداء، وسعره الآن بعد توحيد أسعار الصرف تحت حاجز الخمسين، كما أن سعر الدولار الجمركى صار محررا أى تحت الخمسين بقليل.
وبالتالى يحق للناس أن تتساءل لماذا لا ينخفض سعر السلعة فى السوق، حينما تنخفض تكلفة الإنتاج؟!
مسئولو وزارة التموين، وكذلك المسئولون فى الغرف التجارية يتحدثون بغزارة فى الأيام الأخيرة عن انخفاض أسعار الخبز الحر، لكن عددا كبيرا من الزملاء فى مناطق مختلفة خصوصا بالقاهرة، يقولون إن ذلك لم يتم فعليا الا فى مناطق قليلة. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا تكون هناك آلية تضمن تطبيق ذلك على أرض الواقع؟!
لماذا تسمح الحكومة وأجهزتها بزيادة أسعار الخبز الحر لأصحاب المخابز بمجرد زيادة أسعار الدقيق، فى حين لا تتمكن من إلزامهم بتخفيض الأسعار حينما تنخفض تكلفة الإنتاج سواء كانت فى سعر الدقيق أو الدولار؟!
لست من أنصار فرض تسعيرة جبرية على أى سلعة لأنها فعلا تتعارض واقتصاد السوق ولن تحل أى مشكلة، لكن هناك فى المقابل طرق مختلفة لتحديد التكلفة الأساسية لأى سلعة مضافا إليها هامش معقول ومتفق عليه لربح المنتج أو صاحب المخبز وأمام الحكومة فرصة ذهبية لتعويد الناس على التسعير التلقائى للسلع، فهى حينما تزيد أسعار الخبز الحر إذا ارتفعت أسعار الدقيق عالميا والدولار محليا، وتخفض السعر إذا انخفضت أسعار الدقيق والدولار، فهى تقول للمواطن المصرى العادى: نحن فعلا نتبع قواعد السوق، وبالتالى سوف يقتنع المواطن بذلك فعلا. أما أن يتم فرض الزيادات فورا ولا تهبط أبدا مهما حدث فى العرض والطلب فهى وصفة ورسالة للمواطن العادى أن الحكومة تحابى التجار فقط.
وزير التموين د. على المصيلحى قال قبل أيام أن الأيام المقبلة سوف تشهد تشكيل لجنة عليا لمتابعة أسعار الخبز ومن بين مهامها تحديد الأسعار والأوزان والمواصفات الفنية وانعقادها سيكون شهريا.
وطبقا لتصريحات وزارة التموين والتنمية المحلية فإن عقوبات المخالفين تبدأ من مصادرة الدقيق وتصل الى الحبس وغرامة تصل إلى ٢ مليون جنيه.
شكرا لوزارة التموين وللحكومة على هذا التحرك، لكن الخبر السيئ انه لم يتغير الأمر كثيرا على أرض الواقع. صباح أمس الإثنين مررت على اكثر من بائع للخبز فى المنطقة الموجود بها مجلس الوزراء ومجلسا النواب والشيوخ ومربع الوزارات بما فيها التموين بالقصر العينى والأسعار فى معظم المخابز و«فرشات الشوارع» كما هى.
فما هو الحل؟!!