بقلم - عماد الدين حسين
هل نشهد قريبًا تنفيذًا فعليًا وملموسًا لتوصيات لجان ومناقشات الحوار الوطنى أم أنه كان استهلاكًا وشراء للوقت للإيحاء بأن هناك تغيرًا فى المشهد السياسى الذى كان متكلسًا حتى لحظة الدعوة للحوار فى ٢٦ أبريل ٢٠٢٢ وصولًا إلى انتهاء النقاش بشأن القضايا الاقتصادية الملحة قبل أسابيع قليلة؟
أظن أن الإجابة عن السؤال السابق هى نعم، ودليلى على ذلك أمران مهمان، الأول أن رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى قد تعهد بتنفيذ كل ما يصدر من توصيات فى نطاق صلاحياته الدستورية. والثانى هو لما لمسته شخصيًا من حرص رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى على تنفيذ هذه التوصيات خلال اجتماعه مع اللجنة التنسيقية المشتركة بين مجلس الوزراء ومجلس أمناء الحوار الوطنى، والتى انعقدت، صباح يوم الأربعاء الماضى، فى مقر مجلس الوزراء، وخلالها تحدث الدكتور مدبولى وأعضاء اللجنة التنسيقية من مجلس الأمناء عن أفضل السبل لتنفيذ التوصيات وبحضور ضياء رشوان المنسق العام والمستشار محمود فوزى، رئيس الأمانة الفنية وبقية أعضاء اللجنة.
المعهود عن اللجان أنها تغرق الجميع فى الروتين والتعقيدات الإدارية المختلفة، لكن الدكتور مدبولى قال بوضوح يوم الأربعاء الماضى إنه ينبغى إيجاد آلية عملية لتنفيذ التوصيات على أن تكون مفصلة وواضحة.
مدبولى قال لنا، خلال الاجتماع، إن اللجنة التنسيقية سوف تكثف اجتماعاتها خلال الفترة المقبلة لوضع أجندة لتنفيذ الـ١٣٥ توصية، وفقًا للأولويات التى يتم التوافق عليها.
مدبولى قال أيضًا: «أريد أن أضع أجندة تنفيذية للتوصيات وبصورة واضحة ومحددة ومرتبة، حتى نشعر بالإنجاز، ونحتاج إلى ترتيب الأولويات فيما يتعلق بهذه التوصيات، حتى يكون هناك مردود سياسى يشعر به الجميع».
مدبولى كان منفتحًا ومرنًا، وقال للحاضرين: «أنتم ضعوا الأجندة كما تشاءون، ويمكن حضور عدد من الوزراء كل فى مجاله، وحتى يكون النقاش مثمرًا وعمليًا».
الدكتور مدبولى تحدث أيضًا عن إمكانية تشكيل مجموعات تنفيذية على مستوى الوزارات، وعضو مجلس الأمناء النائب أحمد الشرقاوى اقترح إمكانية أن تكون هناك مجموعات مصغرة يشارك فيها مسئولون من الوزارات المختلفة ومتخصصون من الذين شاركوا فى الحوار الوطنى، بحيث تكون الاجتماعات مثمرة ومنجزة. ومن بين الاقتراحات أن يتم تخصيص جلسة لكل مجموعة من التوصيات، أو التركيز على محور معين، حتى لا يتم إهدار الوقت فى مناقشات عمومية.
خلال الاجتماع تم التأكيد أن رئيس الوزراء وجه الوزراء المعنيون بالتنسيق بشأن عدد من مشروعات القوانين مع مجلس أمناء الحوار الوطنى قبل إرسالها إلى البرلمان، من أجل مزيد من الحوارات المجتمعية، خاصة أن مشروعات هذه القوانين وردت فى التوصيات، بحيث تصدر القوانين معبرة عن أكبر قدر ممكن من التوافق الوطنى. وكان لافتًا للنظر أن رئيس الوزراء أكد أن هناك توصيات تم تنفيذها بالفعل، وعلى سبيل المثال فإنه من بين ٣٧ توصية فى المحور السياسى تم تنفيذ ٦ توصيات، وفى المحور الاجتماعى تم تنفيذ ٢١ من بين ٦٤ توصية، وفى المحور الاقتصادى تم تنفيذ ٢٠ توصية من بين ٣٤ توصية تم تحويلها إلى مجلس الوزراء.
لكن فيما يتعلق بالتوصيات التى تتطلب تشريعات فإن مجلس الوزراء يقوم بتحويل هذه التوصيات إلى مجلس النواب، لكى يناقش مدى إمكانية إصدارها فى صورة قوانين.
انتهى النقاش مع د. مدبولى، وخرج أعضاء اللجنة التنسيقية بشعور إيجابى، لكن من المهم الإدراك بأن النجاح الحقيقى للحوار الوطنى أن يصل إلى الناس العادية، وذلك فى صورة قرارات وإجراءات وقوانين يشعر بها الناس وتؤثر على مستوى معيشتهم اقتصاديًا، ويلمسون انفتاحًا سياسيًا، بما يقود إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من التوافق الوطنى بما يساعد فى سرعة إخراج مصر من كل ما تواجهه من تحديات وأزمات ومشاكل.