توقيت القاهرة المحلي 12:55:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البرابرة يدمرون التراث الفلسطيني

  مصر اليوم -

البرابرة يدمرون التراث الفلسطيني

بقلم - عماد الدين حسين

برابرة العصر الحديث يدمرون الآثار والمواقع التراثية فى قطاع غزة، والهدف محاولة طمس وإلغاء وتشويه الوجود الثقافى والتراثى الفلسطينى. ما يفعله الغزاة الصهاينة ضد آثار غزة، لا ينفصل عما يفعلوه ضد البشر والحجر فى غزة ــ الفعلان متلازمان ومتكاملان، ويكشفان عن النوايا الحقيقية للعدوان الإسرائيلى.
مساء يوم الجمعة الماضى كشف بيان صادر عن المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة عن أن جيش الاحتلال الإسرائيلى استهدف ٢٠٠ موقع أثرى وتراثى، من أصل ٣٢٥ موقعا فى القطاع فى محاولة لطمس الوجود الثقافى الفلسطينى ودثر الشواهد التاريخية والعمق التاريخى الفلسطينى فى قطاع غزة.
ومن بين أبرز المواقع التى دمرها العدوان الإسرائيلى كنيسة جباليا البيزنطية والمسجد العمرى فى جباليا ومسجد الشيخ شعبان ومسجد الظفر دمرى ومقام الخضر فى دير البلح، وموقع البلاخية «ميناء الانثيدون» شمال غرب غزة القديمة، ومسجد خليل الرحمن فى عبسان بخان يونس، ومركز المخطوطات والوثائق القديمة فى مدينة غزة، وكنيسة القديس برفيريوس فى حى الزيتون، وبيت السقا الأثرى فى الشجاعية وتل السكان فى الزهراء، وتبة ٨٦ فى القرارة، ومسجد السيد هاشم فى مدينة غزة.
بعض هذه الأصول يعود إلى العصر الفينيقى أو الرومانى، وبعضها إلى ٨٠٠ عام قبل الميلاد، فى دلالة لا تخطئها العين على رسوخ الحق الفلسطينى فى أرضه، التى يحاول الاحتلال طوال الوقت تغيير وطمس معالمها لإثبات وجود متوهم لهم فى هذه الأرض.
يفترض أن هناك قواعد للاشتباكات العسكرية، وهذه القواعد تعتبر استهداف المواقع الأثرية والتراثية جريمة دولية واضحة طبقا للقانون الدولى الإنسانى، واتفاقية لاهاى لعام ١٩٥٤ بشأن حماية الممتلكات الثقافية فى حالة النزاع المسلح، والبروتوكول الثانى للاتفاقية لعام ١٩٩٩، الذى يحظر الاستهداف المتعمد فى جميع الظروف للمواقع الثقافية والدينية.
لكن متى اهتمت إسرائيل بالقانون الدولى أو بأى قواعد وأخلاقيات؟!!!،.فإذا كانت قد سرقت وطنا منذ عام 1948 وكرست ذلك فى عام 1967، وفى نحو 80 يوما فقط قتلت ٢١ ألف شخص وأصابت ٥٥ ألفا ودمرت نصف مساكن غزة، وجعلت ١٫٥ مليون من سكانه نازحين، فهل يصعب عليها أن تدمر المواقع الثقافية والتراثية؟!
المتابع للسياسات الإسرائيلية منذ زرع هذا الكيان عنوة فى المنطقة عام ١٩٤٨ «النكبة» سوف يكتشف بسهولة أنه يسعى بدأب ممنهج إلى محاربة التراث الفلسطينى والعربى بكل الطرق من أول سرقة المأكولات والأزياء الفلسطينية والعربية نهاية بمحاولة الزعم بوجود هيكل سليمان أسفل المسجد الأقصى.
نعرف تماما أن إسرائيل ذهبت إلى اليونسكو وسجلت «الطعمية» أو «الفلافل» باعتبارها أكلة إسرائيلية، وهى تعلم تماما أنها مصرية وعربية مليار فى المائة.
هى تحاول أيضا أن تنسب لنفسها كل ما هو فلسطينى مستغلة اللوبى اليهودى، وعدم معرفة الأجانب عموما والأوروبيين خصوصا بهذه التفاصيل.
هى حفرت عشرات السنوات أسفل المسجد الأقصى بحثا عن هيكل سليمان، وفى كل مرة تكتشف وجود الآثار العربية والإسلامية، ولا تجد أثرا لما تبحث عنه. ونعلم أيضا أنها زعمت أن اليهود هم من بنوا الأهرامات، وحينما جاء مناحم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق لزيارة الأهرامات بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد عام ١٩٧٨، قال للرئيس الأسبق أنور السادات إن مقابر العمال اليهود الذين بنوا الأهرامات موجودة فى هذه المنطقة، ويومها رد عليه السادات مكذبا هذه الرواية.
نتذكر أيضا أن عصابة اليمين المحافظ التى قادت غزو وتدمير العراق الشقيق عام 2003 فى عهد جورج بوش الابن خدمة للأهداف الإسرائيلية، قد سرقت آلاف القطع الأثرية، خصوصا تلك التى تشير إلى العصر البابلى ونبوخذ نصر الذى يعتبر عدوهم الأكبر حيث أسقط سقاط مدينة أورشليم (القدس) مرتين، الأولى فى سنة 597 ق. م، والثانية فى سنة 587 ق. م، وقام بسبى سكان أورشليم، من اليهود وأنهى حكم سلالة داود. وتردد عام 2003 أن وكلاء إسرائيليين متخفين تحت جنسيات أجنبية كان لهم دور بارز فى عمليات تهريب هذه الآثار العراقية.
خطورة ما فعلته إسرائيل فى الماضى وما تفعله الآن فى غزة يشير إلى حقيقة نواياها الأساسية وهى أنها لم تتخلَ عن الخرافات التوراتية وحدود النيل والفرات، وبالتالى فالعدوان الأخير على المواقع الأثرية والتراثية، هو أوضح دليل على نية إسرائيل طرد الفلسطينيين أو قتلهم تمهيدا لتهويد كل غزة وكل فلسطين.
ما يحدث يتطلب ردود أفعال عربية وإسلامية ودولية تتناسب مع هذه الجريمة الكبرى ولا تكتفى بالشجب والإدانة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البرابرة يدمرون التراث الفلسطيني البرابرة يدمرون التراث الفلسطيني



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 11:41 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ميتسوبيشي تعلن طرح "إي إس إكس" 2020 أيلول المقبل

GMT 07:09 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

معرض بريطاني فوتغرافي للهاربين من نار النازية

GMT 23:36 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

بورصة تونس تقفل على ارتفاع بنسبة 41ر0 %

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

رنا سماحة تستعد لطرح أحدث أغانيها "مكسورة"

GMT 22:32 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

المخرج كريم اسماعيل يوقع عقد إخراج فيلم "الشاطر"

GMT 22:29 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ابنة هيفا وهبي وحفيدتها يشعلان مواقع التواصل بمقطع فيديو

GMT 20:12 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

أجييري يؤكد أن علاقته مع محمد صلاح "استثنائية"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon