توقيت القاهرة المحلي 00:42:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عاقبوا الحكومة وليس المستوطنين

  مصر اليوم -

عاقبوا الحكومة وليس المستوطنين

بقلم - عماد الدين حسين

أمريكا وأوروبا بدأت تتحدث فى الأيام الأخيرة عن اعتزامها معاقبة «المتطرفين» من المستوطنين الإسرائيليين فى الضفة الغربية المحتلة، بمنعهم من دخول أراضيها، والإعلام الغربى وبعض السذج العرب يتفاءلون بهذه الأخبار ويتعاملون معها باعتبارها تطورا مهما فى المواقف الأمريكية والأوروبية فهل الأمر كذلك فعلا، أم أن هناك وجهة نظر أخرى؟!
آخر من تحدث فى هذا الأمر مساء يوم الأربعاء الماضى، كانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ونددت فى جلسة أمام البرلمان الأوروبى فى ستراسبورج بتصاعد أعمال العنف التى يمارسها المستوطنون واعتبرتها تهدد الاستقرار فى المنطقة. وقالت إن «عنف المستوطنين يتسبب فى معاناة هائلة للفلسطينيين، ويعرض احتمالات السلام الدائم للخطر، ويمكن أن يفاقم عدم الاستقرار الإقليمى، ولهذا السبب فنحن نؤيد فرض عقوبات على المتورطين فى الهجمات ضد الفلسطينيين».
قبل أيام أيضا ألمحت الولايات المتحدة إلى أنها تعتزم فعل نفس الشىء ومنعهم من دخول الولايات المتحدة.
مبدئيا ولأننى صرت أفكر بصورة واقعية إلى حد كبير بعيدا قدر الإمكان عن الانفعال، فأى تغير إيجابى فى أى موقف أوروبى، وأمريكى من القضية الفلسطينية وقضايانا العربية هو أمر جيد وينبغى أن نرحب به ونعمل على تعظيمه وتفعيله.
لكن التغيرات الإيجابية شىء والخديعة و«الضحك على الذقون» شىء آخر.
أبسط سؤال يمكن أن نسأله للأمريكيين والأوروبيين الذين يقولون إنهم سوف يفرضون عقوبات على متطرفى المستوطنين هو الآتى: هل سألتم أنفسكم أولا عن مدى شرعية وجود هؤلاء المستوطنين أساسا فى الصفة الغربية، وبالتالى يكون النقاش والجدل حول طريقة إخراجهم من هذه الأرض التى احتلوها، وليس عدم تعرضهم لسكان هذه الأرض.
السؤال الثانى للغرب هو:
ولماذا لا توقعون هذه العقوبات على الحكومة والجيش والوزراء الذين يدعمون هؤلاء المتطرفين؟
كيف تعاقب مستوطنا متطرفا فى حين أن هناك بعض الوزراء فى الحكومة ومنهم إيتمار بن غفير وزير الأمن القومى ورئيس حزب «قوة يهودية» المتطرف قام علنا بتسليم الأسلحة للمستوطنين فى الضفة وغلاف غزة بحجة الدفاع عن أنفسهم.
المستوطن فى النهاية ينفذ سياسة حكومته. وبالتالى فإن السؤال الجوهرى الأولى ليس هو العنف الذى يمارسه المستوطنون ولكن نسأل ما الذى جاء بهؤلاء المستوطنين إلى الضفة الغربية أصلا؟.. أليست هذه أرضا فلسطينية طبقا للقوانين والتشريعات الدولية، وأليست هى جزء أساسى من الدولة الفلسطينية التى تحدث عنها قرار ٢٤٢ عام ١٩٦٧ والقرار ٣٣٨ عقب حرب أكتوبر ١٩٧٣.
المستوطنون لم يأتوا للضفة من تلقاء أنفسهم، بل أحضرتهم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خصوصا اليمينية وهى التى تنزع أرض السكان الأصليين وتبنى عليها الوحدات السكنية وتسلمهم لهم، وهى التى ترعى اعتداءات المستوطنين على السكان وتدمير مزارعهم ومصانعهم بل وقتلهم.
وأحد قادة حكومة إسرائيل وهو سموتربتش قال إن الخيارات المتاحة للفلسطينيين هى أما أن يعيشوا عبيدا فى خدمة الإسرائيليين أو يرحلوا أو يتم قتلهم، ولم تتحرك حكومة أوروبية لتقول له إن ذلك هو الإرهاب والعنصرية وهو الذى يخلق الإرهاب والعنف.
الحكومات الأوروبية وأمريكا زعموا زورا أن عدوان إسرائيل على الفلسطينيين فى غزة والضفة هو دفاع عن النفس، ونسوا أن القانون الدولى الذى وضعه هؤلاء الأوروبيون أنفسهم يعطى الشعوب الخاضعة للاحتلال حق المقاومة بكل السبل ولا يعطيها للدولة القائمة بالاحتلال.
على الغرب إذا كان صادقا أن يبحث فى جوهر الأمر وهو الاحتلال المستمر منذ عام ١٩٦٧.
ثم وهذا هو الأهم ما قيمته أن يفرض الغرب عقوبات على المستوطنين المتطرفين أقصاها منعهم من دخول أمريكا وأوروبا لكنك فى نفس الوقت لا تعاقب الحكومة أو الحكومات التى تشجعهم وتسلحهم على قتل الفلسطينيين وتدمير مزارعهم وهدم بيوتهم.
ما الذى سيضير إسرائيل إذا كان بعض قادة المستوطنين لن يدخلوا أوروبا وأمريكا فى حين سوف يتمكنوا من تهجير الفلسطيين من الضفة أو قتلهم، وتدمير مزارعهم وبيوتهم.
إذا كانت أوروبا وأمريكا جادة فعلا فعليها ألا تعاقب المستوطنين المتطرفين، لكن عليها أن تعاقب أو تسأل الحكومة التى تدعمهم وتسلحهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاقبوا الحكومة وليس المستوطنين عاقبوا الحكومة وليس المستوطنين



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon