بقلم - عماد الدين حسين
المآسى والكوارث والأزمات التى سيخلفها العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر الماضى، لا تعد ولا تحصى، لكن وسط كل أزمة ومأساة هناك نقاط ضوء يمكنها أن تضىء بعض الدروب المظلمة.
من بين نقاط الضوء هذه عملية المقاطعة لكل ما هو منتج إسرائيلى أو داعم لإسرائيل، ليس فقط فى مصر، ولكن فى العديد من المدن العربية والإسلامية والعالمية.
هذا الضوء جعل عيون الجيل الجديد من المصريين والعرب بل والعالم تنفتح على الحقيقة البشعة للوجه الصهيونى القبيح القائم على محاولة ليس فقط سرقة بلد، بل محاولة قتل أو طرد كل سكانه.
لكن هناك أيضا نقطة ضوء مهمة لنا فى مصر وهى إمكانية أن تقود عملية المقاطعة للبضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية أو الداعمة لإسرائيل إلى تقوية الصناعة المصرية.
بالأمس أشرت إلى ما قاله خبير اقتصادى مرموق بأن مبيعات شركة أغذية مصرية قد قفزت بنسبة تصل إلى ٣٠٪ منذ بدء العدوان الإسرائيلى الهمجى على غزة.
ونسمع قصصا وحكايات كثيرة عن بحث المصريين عن السلع والمنتجات الداعمة لإسرائيل ومقاطعتها، وفى نفس الوقت ــ وهذا هو المهم ــ البحث عن السلع المصرية أو العربية أو الصديقة، لكى تحل محلها.
قبل أيام قابلت سيدة مصرية متعلمة ومثقفة قالت لى أنها قررت ألا تشترى إلا البضائع والسلع المصرية، حتى لو كانت جودة بعضها أقل من نظيرتها الأجنبية. هذه السيدة قالت لى إن أولادها الأربعة وأعمارهم تبدأ من سن ١٢ إلى ٢٢، قد قرروا من تلقاء أنفسه، وبعد مناقشات مع زملائهم أن يقاطعوا كل ما هو إسرائيلى أو داعم لإسرائيل، وشراء كل ما هو مصرى.
السؤال: كيف نستغل هذه المناسبة المؤلمة فى غزة، ونحولها إلى فرصة جيدة لمعاقبة داعمى العدوان وفى نفس الوقت دعم صناعتنا المصرية الوطنية؟
أظن أن المسئولية تقع علينا جميعا لتحقيق هذا الهدف، لكن المسئولية الأولى تقع على عاتق طرفين أساسيين. الأول هو الحكومة والثانى كل المصنعين مع مصر.
المطلوب من الحكومة أن تواصل طمأنة المصنعين المصريين عملا وقولا، وأن تسهل لهم كل ما يمكنها من إجراءات حتى ينطلقوا.
هناك الكثير من الشكاوى لاتزال موجودة بسبب عقود من البيروقراطية والفساد وسوء السياسات، والتى أدت فى أحد تداعياتها السلبية إلى أن المنتج المستورد صار أقل تكلفة من المنتج المحلى بفعل الإهمال الطويل للصناعة والأهم أنه الأكثر جودة ولا يمكن أن نلوم مواطنا ذهب لشراء المنتج الجيد والرخيص، وإذا كان سيقاطع اليوم المنتجات الداعمة لاسرائيل، واذا لم يجد منتجا وطنيا جيدا فسوف يبحث عن الأجود فى أى مكان.
أعرف أن الدولة تحاول منذ فترة دعم الصناعة الوطنية، لكن المشكلة لاتزال تكمن فى الموظفين البيروقراطيين أوالفاسدين وبعض السياسات الخاطئة.
الطرف الثانى هو اتحاد الصناعات الذى يفترض أن يلعب دورا مهما فى دعم الصناعة، وأن ينتهز هذه الفرصة لكى يثبت أقدامه أكثر، وان يبدأ فعليا فى إنتاج سلع تحل محل السلع الأجنبية المستوردة. أعرف أن الأمور ليست سهلة، خصوصا فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، وعدم توافر العملات الأجنبية والديون، لكن هذه فرصة قد لا تتكرر قريبا خصوصا أن الظرف السياسى الراهن جعل كثيرا من المصريين يعودون للبحث عن المنتج المحلى.
على الحكومة والمصنعين أن يضعوا معا سياسات تجعل هذا المنتج المحلى موجودا أولا، وبجودة عالية ثانيا وبسعر منافس ثالثا، وبالتالى نقول وقتها رب ضارة نافعة.