توقيت القاهرة المحلي 12:05:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلوس رأس الحكمة وأسئلة مشروعة

  مصر اليوم -

فلوس رأس الحكمة وأسئلة مشروعة

بقلم - عماد الدين حسين

أظن أن الرئيس والحكومة والمجموعة الاقتصادية والبنك المركزى كانوا على حق حينما رفضوا بوضوح تعويم أو تخفيض قيمة الجنيه المصرى رسميا أو توحيد سعر الصرف ومرونته إلا حينما يتوافر قدر معقول من النقد الأجنبى فى يد الحكومة أولا، وبعدها يمكن النظر فى هذه الطلبات.
أتذكر أن الرئيس عبدالفتاح السيسى وخلال مؤتمر الشباب الذى عقد فى برج العرب بالإسكندرية فى الصيف الماضى رفض بوضوح كل مطالبات العديد من مؤسسات التمويل الدولية وبعض الخبراء الاقتصاديين الذين طالبوا وقتها بالتعويم أو التخفيض، لأن تنفيذ ذلك من دون وجود قدر كاف من العملات الأجنبية فى يد الحكومة كان يعنى ترك الدولار يصل إلى معدلات تفوق خيال أكثر الناس تشاؤما.
وربما أحد الأخطاء، الكبرى التى وقعت فيها الحكومة حينما قررت تخفيض قيمة الجنيه إلى ٣١ جنيها أمام الدولار، من دون أن تتسلم ما تم الاتفاق عليه مع الصندوق مرة واحدة، ومن دون أن تتمكن من حشد وجمع أكبر قدر من العملات الأجنبية من شركاء التنمية أو مؤسسات التمويل الدولية.
حينما لا تملك الحكومة عملات أجنبية فى يدها، تستطيع بها ضبط السوق والسيطرة عليها، فإن المضاربين والمحتكرين والمنفلتين هم الذين كانوا سيحكمون السوق عمليا، وهو ما حدث إلى حد ما فى الشهور الأخيرة.
وربما يسأل البعض: «ألم يكن من الأفضل أن تقوم الحكومة بتخفيض سعر الجنيه فى الفترة الأخيرة حتى تمنع اندفاع الدولار إلى أسعار قياسية لم يتخيلها أحد، حينما تجاوز حاجز السبعين جنيها؟
بالطبع هناك اجتهادات كثيرة فى هذا الصدد، لكن أظن أن التعويم والتخفيض، من دون امتلاك الحكومة والبنك المركزى لسيولة معقولة من الدولارات، كان سيؤدى إلى خسائر أكبر كثيرا من المكاسب.
قبل حوالى شهرين استمعت إلى مسئول مهم يقول إن محافظ البنك المركزى يحتاج إلى أن يكون فى يده ٣ مليارات دولار حرة، بعيدا عن الاحتياجات الأساسية من أدوية وأغذية وأعلاف، ومستلزمات إنتاج حتى يستطيع أن يبدأ فى عملية ضبط السوق.
الآن وبعد صفقة رأس الحكمة التاريخية سيكون فى يد محافظ البنك المركزى ٣٥ مليار دولار مرة واحدة، ١١ مليارا منهم سيتم إسقاطهم من ديون مصر هى حجم وديعة الإمارات فى البنك المركزى، فى حين يتيقى لدى البنك المركزى ٢٤ مليار دولار دخل منهم بالفعل عشرة مليارات فى الأيام الأخيرة والباقى خلال شهرين.
هذا المبلغ الاستثنائى يمكنه أن يفك ويحل أزمة تدبير العملة الصعبة جدا لبعض الاحتياجات الطارئة لفترة محددة وليست دائمة، وبالتالى لن يحل مجمل الأزمة. نحن نحتاج إلى دولارات كثيرة سائلة للإفراج عن السلع الأساسية الموجودة فى الموانئ ونحتاج أن نسدد بعضا عن المستحقات المتأخرة لشركات البترول والغاز حتى تستأنف عملها على أكمل وجه.
هذا عن الاحتياجات الطارئة، لكن المهم أن نبحث عن حل جذور الأزمة حتى لا تتكرر بعد ستة شهور أو عام أو عامين. من المهم أنه حينما يذهب المستوردون للسلع الأساسية إلى البنوك فالمفترض أن يجدوا العملات الصعبة لاستيراد سلعهم، لأنه إذا لم يجدوا ذلك فسوف يعودون مرة أخرى للسوق السوداء.
لكن هناك سؤال استدراكى: هل نعطى الدولار لكل من يطلبه؟! الإجابة هى نعم فى الظروف العادية، وحينما يكون لدينا وفرة دولارية، لكن فى ظل الظروف الصعبة التى نمر بها وندرة العملات الصعبة، فالمفترض أنه لا يحصل على الدولار من البنوك إلا مستوردو السلع شديدة الأساسية مثل القمح والأدوية ومستلزمات الإنتاج الضرورية، أما مستوردو السلع غير الأساسية ومنها الشيكولاته مثلا فليس من المنطقى أن ندبر لهم العملة.
يفترض فى الأيام المقبلة ان تبدأ الأزمة فى الانفراج وحينما يذهب المستوردون إلى البنوك الرسمية وليس السوق السوداء ويجدون الدولار بالسعر المعلن وحينما يحدث ذلك فالطبيعى أن تبدأ أسعار السلع فى الانخفاض.
والنقطة شديدة الأهمية هى أن تستعيد الحكومة والبنك المركزى ثقة الجميع فى البنوك الرسمية، حتى يعود المصريون فى الخارج لارسال تحويلاتهم عبر البنوك وحتى يسحب المصريون فى الداخل دولاراتهم من تحت البلاطة ويضعوها فى البنوك.
والسؤال الأكثر أهمية الذى يفترض أن يسأله الجميع هو: إذا تمكنا من حل الأزمة الراهنة بـ ٢٤ مليار دولار من صفقة رأس الحكمة فمن أين سوف ندبر الدولارات حينما ينتهى مفعول هذه الأموال.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلوس رأس الحكمة وأسئلة مشروعة فلوس رأس الحكمة وأسئلة مشروعة



GMT 07:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 07:47 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 07:45 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

GMT 07:43 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المعادلة ليست ميادة أم أصالة

GMT 07:31 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عيد الميلاد المجيد... محرابٌ ومَذبح

GMT 07:30 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المسافات الآمنة!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 11:41 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ميتسوبيشي تعلن طرح "إي إس إكس" 2020 أيلول المقبل

GMT 07:09 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

معرض بريطاني فوتغرافي للهاربين من نار النازية

GMT 23:36 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

بورصة تونس تقفل على ارتفاع بنسبة 41ر0 %

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

رنا سماحة تستعد لطرح أحدث أغانيها "مكسورة"

GMT 22:32 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

المخرج كريم اسماعيل يوقع عقد إخراج فيلم "الشاطر"

GMT 22:29 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ابنة هيفا وهبي وحفيدتها يشعلان مواقع التواصل بمقطع فيديو

GMT 20:12 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

أجييري يؤكد أن علاقته مع محمد صلاح "استثنائية"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon