دور الفرد فى العمل العام خصوصا السياسى مهم جدا على مر العصور، لكن الأهم أيضا هو نوع السياسة المتبعة.
أطرح هذا الموضوع للنقاش ونحن ننتظر حكومة الدكتور مصطفى مدبولى الثانية التى كلفه الرئيس عبدالفتاح السيسى بتشكيلها ظهر يوم الإثنين الماضى.
تنشغل وسائل الإعلام من صحافة وتليفزيون ومواقع إلكترونية ووسائل تواصل اجتماعى بأسماء المرشحين للوزارات المختلفة، وهو أمر مهم وطبيعى فالإعلام يبحث عن الخبر الجديد دائما. لكن هناك زاوية مهمة أخرى ينبغى أن نركز عليها أيضا، وهى السياسة التى سيتبعها الوزير الجديد أو الأهداف التى يفترض أن يحققها؟
لماذا هذا السؤال مهم؟!
لأنه ببساطة يمكن أن يكون لدينا وزير هو الأفضل على الإطلاق فى مجال تخصصه، لكن السياسة الموضوعة لوزارته غير سليمة أو غير صحيحة، وبالتالى فالتوقع المنطقى أنه لن يحقق النجاح المطلوب، بل يمكن أن يتحمل تبعات الإخفاق.
فى حين قد يكون لدينا سياسة جيدة جدا لكن مستوى الوزير أو المسئول ليس جيدا فيحدث نفس الشىء وهو التعثر.
فى حين أنه قد يكون هناك وزير متوسط المستوى فى تخصصه، لكن السياسة الموجودة لوزارته جيدة وملائمة وهنا فقد يحقق هذا الوزير نجاحا مذهلا.
وبالتالى فحينما يكون لدينا الوزير الكفء مع السياسة الصحيحة، فإن النتائج ستفوق الوصف.
نفس الأمر ينطبق على الموارد المتاحة فإذا كانت الموارد قليلة أو شحيحة فسوف يخفق الوزير فى تحقيق أى نجاح، لكن إذا توافرت الموارد، يمكن لهذا الوزير بغض النظر عن اسمه أن يحقق شيئا ملموسا يشعر به الناس.
هناك عامل آخر مهم جدا، وهو الصلاحيات وكذلك البيئة العامة التى يعمل خلالها الوزير.
التعقيدات الإدارية والتشابكات يمكن أن تعرقل عمل أى وزير، وكذلك نقص الصلاحيات أو غيابها تماما، وإذا حدث ذلك، فلن يحقق الوزير شيئا، فى حين أن العكس هو الصحيح تماما. لو أن الوزير تمتع ببعض الصلاحيات فسوف يكون قادرا على الإنجاز خصوصا إذا كان مؤهلا.
لا أقصد هنا بالصلاحيات أن تكون مطلقة فى يد الوزير، فهو فى النهاية عضو فى مجلس الوزراء، ثم إن هناك رئيس الجمهورية الذى هو أيضا الرئيس الأعلى للسلطة التنفيذية، لكن ما أقصده أن يكون لدى الوزير هامش مقدر من الحرية والصلاحيات التى تمكنه من اتخاذ القرارات الصحيحة والسريعة.
هذه نقطة مهمة لأن غيابها أدى إلى ظاهرة خطيرة وهى أن بعض الوزراء وخوفا من المساءلة والمحاسبة يلجئون إلى تشكيل اللجان لبحث أى مسألة صغيرة كانت أو كبيرة، وبالتالى نشهد حالة الشلل التى تعانى منها كثير من المؤسسات والوزارات والهيئات بسبب الخوف والتردد الذى يقود إلى الشلل.
العامل المهم أيضا أنه كلما كان الوزير لديه حس سياسى، كان ذلك مهما، هذا الحس يجنبه الوقوع فى العديد من الأخطاء القاتلة. والعكس صحيح تماما.
فغياب الحس السياسى يجعل الوزير أو المسئول الحكومى يرتكب هفوات تقود إلى تحميل الحكومة والنظام أخطاء فادحة، خصوصا فى توقيت اتخاذ القرارات. هناك قرارات صحيحة جدا، لكن توقيت اتخاذها يكون خاطئا جدا، وبالتالى تتسبب فى خلق حالة من الغضب والاستياء الشعبى.
النقطة الأخيرة تتعلق بأنه قبل أن نفكر فى اختيار الأسماء، علينا أن نحدد الأهداف التى نريد من الوزير أن يحققها. أحيانا يكون هناك وزير جيد جدا، لكن الهدف المراد تحقيقه لا يتناسب مع قدرات ومؤهلات واهتمامات الوزير، وبالتالى تحديد الهدف أولا يسهل اختيار اسم الوزير القادر على تحقيق هذا الهدف.
مرة اخرى نتمنى وزراء على أعلى درجة من الكفاءة والخبرة والحس السياسى، وكل التمنيات الطيبة للدكتور مدبولى والحكومة الجديدة، التى ما يزال معظم أعضائها فى علم الغيب لدى المواطنين.