توقيت القاهرة المحلي 09:51:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا

  مصر اليوم -

نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا

بقلم - عماد الدين حسين

زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وقمته فى قصر الاتحادية مع الرئيس عبدالفتاح السيسى عصر يوم الأربعاء الماضى طوت صفحة استمرت ١٢ عامًا من الخلافات السياسية، وفتحت صفحة جديدة فى علاقات البلدين، يمكنها أن تحقق فوائد ومكاسب هائلة للشعبين، إذا أحسن استغلالها بطريقة صحيحة.
تحدثت قبل يومين فى هذا المكان عن هذا المعنى والفرص الإيجابية التى تنتظر البلدين فى المستقبل، لكن اليوم أريد أن أناقش ضرورة تعلم البلدين ونخبهما خصوصًا الإعلامية من تجربة السنوات الماضية، وعدم الدخول فى حروب عبثية تترك الكثير من الندوب فى جسد العلاقات.
يحسب مثلا للدولة المصرية أنها ورغم خلافها الجذرى مع السلطات التركية بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أنها لم تنجرف إلى حالة العداء السافر مع الدولة التركية، إعلاء للمصالح القومية لمصر وترفعا عن الإساءات الشخصية وحرصًا على العلاقات الاقتصادية.
وأتذكر أن إعلامية مصرية سألت مسئولاً مصريًّا رفيع المستوى خلال لقاء إعلامى فى نيويورك فى عز الخلاف بين البلدين قائلة: لماذا لا نبادر إلى قطع كل العلاقات مع الأتراك فورًا ردًا على ما فعلوه ضدنا؟!
المسئول يومها رد بكل هدوء وعقلانية: لن نرد الإساءة بالإساءة ولن نفعل ذلك حفاظًا على المصالح المصرية وإذا كان هذا القرار فى صالح مصر، فسوف نتخذه فى الوقت المناسب.
هل معنى ذلك أنه فى أوقات الخلاف نصافح خصومنا ونبوس خدودهم ونأخذهم بالأحضان؟! ليس ذلك ما أقصده إطلاقًا وأنا من أنصار «مبدأ التناسبية» بمعنى أن من يهاجمنا نهاجمه بنفس الدرجة، ومن يسىء لبلدنا نتصدى له بكل قوة، لكن ما أقصده بوضوح ألا يتطرق الخلاف إلى الشعوب بل يظل محصورًا قدر الإمكان بين الحكومات بحيث إنه حينما تعود العلاقات لا تكون هناك مشاكل بين الشعوب.
من الطبيعى أن الحكومات تختلف وتتفق، المصالح تتغير، وخصم أمس، قد يكون صديق اليوم، وقد يتحول إلى خصم مرة أخرى، ومن لا يصدق ذلك عليه أن يتأمل خريطة المنطقة العربية وجوارها الإقليمى وكيف كان شكلها منذ عام ٢٠٠٠ وحتى هذه اللحظة، بل كيف تغيرت منذ ثورات الربيع العربى وانقلبت بدرجة ١٨٠ درجة مقارنة بما هو حاصل حاليا!!.
يحسب للسياسة المصرية أن رهاناتها العربية والإقليمية ثبت صوابها بنسبة كبيرة إلى حد ما، وكل من انتقدها أو هاجمها أو افترى عليها عاد معتذرًا وتراجع عن موقفه.
لكن مرة أخرى الحكومات تختلف، ثم تتصالح بفعل توافق المصالح بعد طول الخصام. وبالتالى من المهم أن تظل النُخب خصوصًا القوى الناعمة محافظة على العلاقات الأساسية بين الشعوب.
لا أتحدث فقط عن تركيا، بل الموضوع يتعلق بعلاقاتنا مع كل بلدان العالم.
ومن المؤسف أن هناك ظاهرة عربية بامتياز وهى أنه حينما تختلف رؤى الحكومات، تدخل قوى شعبية إلى الساحة ويتم انتهاك كل المحرمات. مرة أخرى قد نختلف مع أى دولة شقيقة أو صديقة على هذه القضية أو تلك، لكن لا توجد خصومات دائمة، أو صداقات دائمة، بل ــ كما يقولون ــ مصالح دائمة.
إذا كان هذا المبدأ صحيحا. وهو صحيح بالفعل، فالدرس الأساسى هو أن نحافظ على شعرة معاوية مع الشعوب التى نختلف مع حكوماتها قدر الإمكان.
وإذا كانت مصر الرسمية قد أقامت علاقات رسمية مع إسرائيل، وهى العدو الرئيسى للأمة العربية وصراعنا معها صراع وجود وليس فقط صراع حدود، فمن المنطقى أن نقيم علاقات طيبة مع تركيا وقطر وغيرهما. بل ومع إثيوبيا فى حالة عودتها إلى جادة الصواب والموافقة على اتفاق قانونى وملزم لملء وتشغيل سد النهضة. ونفس الأمر مع أى دولة أخرى لدينا معها خلاف بشأن قضية هنا أو هناك.
المشكلة باختصار أن بعضنا تعامل مع خلافات الماضى باعتبارها جذرية وسوف تستمر للأبد، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق.
المصالح متغيرة لكن المصالح ثابتة، والقاعدة هنا بسيطة وعنوانها: «نصادق من يصادقنا ونعادى من يعادينا».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon