توقيت القاهرة المحلي 05:52:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل يمكن التمييز بين المقاومين والمدنيين؟

  مصر اليوم -

هل يمكن التمييز بين المقاومين والمدنيين

بقلم - عماد الدين حسين

من أغرب ما قرأته خلال متابعتى للعدوان الإسرائيلى على غزة منذ بدايته وحتى الآن هو مناشدة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الحكومات الأوروبية للجيش الإسرائيلى أن يميز بين عناصر حركة حماس والمقاومين وبين المدنيين الفلسطينيين فى قطاع غزة.
قد يسأل سائل: وما هو وجه الغرابة فى هذه المناشدة؟!
الإجابة ببساطة هو إما أن الولايات المتحدة تعتقد أن أعضاء حماس وجميع المقاومين يمكن التمييز بينهم وبين بقية سكان غزة بسهولة، أو أن واشنطن تعطى إسرائيل الضوء الأخضر لكى تقتل كل الفلسطينيين، فوقتها فقط يمكن أن تزعم إسرائيل بصدق أنها تقتل كل المقاومين!
من وجهة نظر أى مراقب موضوعى فإنه يصعب تماما، إن لم يكن يستحيل التمييز بين المقاومين وبين بقية سكان غزة.
مبدئيا يحق لكل مصرى وعربى أن يختلف مع حركة حماس وتوجهاتها وسياساتها وعلاقتها العضوية بجماعة الإخوان. وكاتب هذه السطور من بين هذا الفريق المختلف مع حماس، لكن حينما تقاوم حماس أو أى حركة مقاومة الاحتلال والحصار الإسرائيلى، فأى عربى عاقل، بل أى إنسان لديه ذرة من الضمير الحى، فلا يملك إلا أن يتضامن معهم إن لم يكن بالمساعدة، فبقلبه وهذا أضعف الإيمان. وبالمناسبة فإن إسرائيل وأعوانها يحاولون ترسيخ أن المقاومة ضد المحتل تقودها وتنفرد بها حركة حماس وجناحها العسكرى «عز الدين القسام» وهم يدركون أن حماس هى واحدة من فصائل المقاومة وليس جميعها. صحيح هى الأكبر والأضخم المسيطرة فعليا على قطاع غزة، منذ انقلابها على السلطة الفلسطينية فى عام ٢٠٠٧، لكن هناك غيرها أكثر من تنظيم وحركة مقاومة مثل الجهاد الإسلامى والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكذلك كتائب شهداء الأقصى، وفصائل أخرى فى غرفة العمليات المشتركة التى تقود عملية المقاومة ضد الاحتلال منذ سنوات طويلة.
هل تعتقد الولايات المتحدة ومعها بعض الحكومات الأوروبية أن هناك علامات مميزة يمكن أن تميز عضو القسام وسرايا القدس، وبقية المقاومين على اختلاف انتماءاتهم عن بقية أفراد الشعب الفلسطينى؟!
إما أن الحكومة الأمريكية تمارس نفاقا رخيصا أو أنها جاهلة تماما بالقضية الفلسطينية.
المقاومون للاحتلال هم جزء أصيل من الشعب الفلسطينى، ولا يمكن حتى للسلطة الفلسطينية الواحدة أن تميز بينهم.
يمكن أن يكون أحد أفراد الأسرة موظفا وعاملا فى جهاز السلطة الفلسطينية ومؤيدا لها والابن الثانى مؤيدا لحماس وينفذ عمليات فى كتائب عز الدين القسام، والثالث فى سرايا القدس التابعة للجهاد الإسلامى والابن الرابع فى كتائب أبو على مصطفى التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والخامس والسادس والسابع مواطنين عاديين لا يمارسون عملا سياسيا أو عسكريا.
وإذا كانت إسرائيل بكل أجهرتها الأمنية التى فشلت أن تعرف أى معلومة عن عملية طوفان الأقصى يوم ٧ أكتوبر الماضى، فهل يمكنها أن تعرف كل أعضاء تنظيمات وحركات المقاومة وأفرادها فردا فردا حتى تميز بينهم وبين بقية الشعب الفلسطينى؟!
الحقيقة السافرة التى عرفناها من العدوان الإسرائيلى الفاجر منذ ٧ أكتوبر أنه يمارس عملية إبادة منظمة وممنهجة ضد جميع أبناء الشعب الفلسطينى، ولا يفرق بين أحد منهم.
ما نراه على الهواء مباشرة أن إسرائيل تقتل الآن كل الفلسطينيين شيوخا وشبابا، رجالا ونساء وأطفالا، وتمحى مربعات سكنية كاملة فوق رءوس سكانها. هى قصفت الكنائس والمساجد والمستشفيات والمدارس وسيارات الإسعاف وقتلت حتى الآن نحو عشرة آلاف فلسطينى منهم ثلاثة آلاف طفل وألفا امرأة وأصابت أكثر من ٢٥ ألفا آخرين، فهل هذا جيش محترف ولديه الحد الأدنى من قواعد الاشتباك العسكرية ناهيك عن القواعد الأخلاقية كى تميز بين مقاوم ومدنى؟!
النقطة الجوهرية من وراء كل الكلمات السابقة أن الولايات المتحدة ومعها كل الحكومات الداعمة لإسرائيل يدركون أن الأخيرة تمارس تطهيرا عرقيا وإبادة جماعية بحق الفلسطينيين لكنها تريد أن تخدعنا حينما تنصح الأخيرة بأن تفرق بين المقاومين والمدنيين.
الولايات المتحدة شريك أساسى فى العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى ليس فقط بإرسال حاملات الطائرات والغواصات النووية والأسلحة والأموال، وليس فقط بالدعم المعنوى والسياسى المفتوحين أو بالزيارات العاجلة للكيان، ولكن باستخدام سلاح الفيتو مرتين لإجهاض مشروعى قرار روسى وبرازيلى لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية.
لن ينسى العرب وكل من لديه ذرة ضمير أن الإبادة الجماعية التى تمارسها إسرائيل الآن ما كان لها أن تتم لولا الدعم الكامل من الحكومة الأمريكية والعديد من الحكومات الغربية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يمكن التمييز بين المقاومين والمدنيين هل يمكن التمييز بين المقاومين والمدنيين



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon