توقيت القاهرة المحلي 22:43:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مشكلة مجتمع متطرف وليست مشكلة نتنياهو فقط

  مصر اليوم -

مشكلة مجتمع متطرف وليست مشكلة نتنياهو فقط

بقلم - عماد الدين حسين

أكبر خطأ يقع فيه العرب والعالم، هو الاعتقاد بأن العدوان الإسرائيلى المستمر على غزة هو عدوان بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة فقط، وأنه فى اللحظة التى سيختفى فيها نتنياهو أو يستقيل أو حتى يتم سجنه، فإن العدوان سيتوقف وستوافق إسرائيل على حل الدولتين والاعتذار للشعب الفلسطينى عن كل الجرائم المستمرة منذ النكبة عام ١٩٤٨.
هذا الخطأ الذى يقترب من الخطيئة يجعل غالبية العرب والعالم يعتقدون أن اختفاء نتنياهو وحكومته سيحل كل المشاكل. ومن سوء حظنا كعرب أننا نقع منذ عقود أسرى للاعتقاد بأن المشكلة مع إسرائيل تتعلق ببعض الشخصيات والأحزاب.
صحيح أن إسرائيل شبه منقسمة من الداخل، ولديها خلافات سياسية عميقة بين أحزابها، وخلافات اجتماعية أعمق بين مكوناتها خصوصا بين الاشكناز والسفارديم وأيضا بين العلمانيين والمتدينين، وهو ما برز فى مشكلة الاحتجاجات الواسعة ضد قانون الإصلاحات القضائية. لكن الأكثر صحة هو أن غالبية الإسرائيليين متوحدون تماما فيما يتعلق بنظرتهم وموقفهم «الاستعلائى» من الفلسطينيين ومن العرب.
لست متشائما، ولكن كل من يتابع وسائل الإعلام الإسرائيلية خصوصا بعد «طوفان الأقصى» فى ٧ أكتوبر الماضى، وما أعقبه من عدوان إسرائيلى غير مسبوق ضد قطاع غزة، ومحاولات تهويد الضفة الغربية سيكتشف أنه لا فرق بين نتنياهو وبن غفير وسموتريتش وجالانت وجميع قادة الاستيطان من جهة، وبين يائير لابيد وبينى جانتس وإسحاق هرتزوج وايزنكوت إلا فى الدرجة، وليس فى النوع.
قادة التطرف مثل سموتريتش يريدون إجبار الفلسطينيين على الرحيل من أرضهم أو القتل، فى حين أن المصنفين معتدلين زورا يريدون تحقيق ذلك بصورة ناعمة لا تثير غضب الرأى العام الدولى.
نعم هناك كتابات ومواقف إسرائيلية منصفة ومقدرة ولكنها نقطة فى بحر التطرف.
نتذكر أن بعض العرب ومنهم مثقفون كبار راهنوا قبل ذلك على حزب العمل الإسرائيلى وقادته خصوصا شيمون بيريز باعتباره «المثقف المعتدل المسالم»، لكن هذا «المعتدل» الذى لعب دورا مهما فى بناء برنامج إسرائيل النووى، ارتكب مجزرة قانا فى لبنان فى ١٨ أبريل ١٩٩٦ بعد شهور قليلة من وصوله للمنصب، مما أدى لاستشهاد ١٠٦ مدنيين لبنانيين لجأوا لمقر قيادة فيجى التابع لقوات اليونيفيل الدولية.
بيريز ترك المنصب وجاء بعده نتنياهو واضحا زاعقا صريحا بلا أى مساحيق تجميل، فراهن العرب مرة أخرى على إيهود باراك قائد حزب العمل الجديد، لكن جوهر سياسته لم يتغير عن نتنياهو أو مناحم بيجين، ورفض أى تسوية سلمية حقيقية تقبل بالشرعية الدولية والدولة الفلسطينية المستقلة أو الانسحاب من الجولان.
جاء ارئيل شارون المتطرف من الليكود واقتحم المسجد الأقصى لينتفض الفلسطينيون، وتندلع الانتفاضة الثانية عام ٢٠٠٠ بعد يأسهم من أى تسوية سلمية تعيد لهم الحد الأدنى من حقوقهم.
اجتمع القادة العرب فى قمة بيروت عام ٢٠٠٢ وقدموا «المبادرة العربية» ليقولوا لإسرائيل أننا نعرض عليكم السلام والتطبيع مقابل الأرض العربية المحتلة، لكن إسرائيل وبكل حكوماتها من اليمين المتطرف إلى يمين الوسط إلى اليسار المعتدل والخضر، رفضت كل ذلك، وأعلنت بوضوح أنها لا تقبل إلا بصيغة «السلام مقابل السلام»، ونجحت فى ذلك إلى حد كبير، وأقامت علاقات مع العديد من الدول العربية، وبالتالى اقتنعت أنه ليس مهما أن تعيد الحقوق إلى الفلسطينيين خصوصا أنهم منقسمون ما بين فتح وحماس.
فى هذه الظروف بدأت تل أبيب خطتها لإكمال تصفية القضية الفلسطينية خطوة خطوة بالاستمرار فى حصار غزة وتهويد الضفة الغربية.
وهكذا جاءت عملية «طوفان الأقصى» حينما شعر الفلسطينيون بأن آمالهم تتبخر، ومعظم الأشقاء ينصرفون عنهم، والعالم لا يشعر بهم. وفى المقابل استغلت إسرائيل العملية للإجهاز على غزة وتدميرها بالصورة الوحشية التى نشاهدها يوميا على شاشات التليفزيون.
هل رأيتم قوى سياسية إسرائيلية كبرى تعترض على تدمير غزة وتهجير سكانها، أو تهويد الضفة؟. هل رأيتم أى سياسى إسرائيلى ذى شأن يعلن ــ حتى ولو لفظا ــ بأنه مع إنشاء دولة فلسطينية على أساس قرار ٢٤٢ و٣٣٨؟.
المجتمع الإسرائيلى هو المتطرف وليس حكومته، لأنه هو من ينتخب الحكومات المتطرفة منذ عام ١٩٧٧ باستثناء فترات قليلة، ومعظم الإسرائيليين يؤمنون بأنهم فعلا شعب الله المختار وأنهم أكثر علوًّا ومنزلة ورقيا وتحضرا من جميع «الأغيار» سواء كانوا عربا أو عجما!!.
حينما تتغير قناعات عموم المجتمع الإسرائيلى، يمكن وقتها القول إنه جاهز للقبول بالتعايش السلمى الحقيقى والاعتراف بالحقوق العربية والفلسطينية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشكلة مجتمع متطرف وليست مشكلة نتنياهو فقط مشكلة مجتمع متطرف وليست مشكلة نتنياهو فقط



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:18 2018 السبت ,28 إبريل / نيسان

نداء إلى وزير التعليم قبل وقوع الكارثة

GMT 11:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زيادة القدرة الإنتاجية لمحطة طاقة رياح إلى 650 ميغاوات في مصر

GMT 04:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

سيارة كهربائية خارقة جديدة من دودج بمدى سير يتجاوز 500 كم

GMT 23:58 2024 الإثنين ,29 تموز / يوليو

كولر يعادل إنجاز مانويل جوزيه مع الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon