توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دروس مجزرة النصيرات

  مصر اليوم -

دروس مجزرة النصيرات

بقلم - عماد الدين حسين

 

إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة، وقادة جيشه قد قتلوا وأصابوا أكثر من ٦٠٠ فلسطينى ودمروا مربعات سكنية كاملة فى مخيم النصيرات بغزة الأسبوع الماضى من أجل إطلاق سراح ٤ أسرى محتجزين فى يد المقاومة الفلسطينية، فمعنى ذلك أنهم لن يتورعوا عن قتل كامل الشعب الفلسطينى لتخليص بقية الأسرى وعددهم حوالى ١٣٠ أسيرا.

بلغة الحسابات فإن نتنياهو مستعد لقتل وإصابة ٥٠ فلسطينيا مقابل كل أسير على الأقل.
وطبقا لهذا المنطق فعلينا ألا نستغرب إذا استمر العدوان الإسرائيلى بصور مختلفة مادام يتخلص كل يوم من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين.
الموقف المصرى الصلب ــ حتى الآن ــ أفشل وأجهض المخطط الإسرائيلى الأصلى الهادف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم، ولكن يبدو أن قادة دولة الاحتلال قرروا أن يقتلوا أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين لدرجة أن عدد القتلى والمصابين يبلغ أكثر من ٥٪ من عدد سكان قطاع غزة حتى الآن.
المنطق الإسرائيلى شديد الخطورة وينبغى دراسته بهدوء وتروٍّ لأنه يكشف لنا من دون مساحيق جوهر الفكر الصهيونى وكيف يتعامل مع العرب.
ما قبل اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام ١٩٧٩، وما تلاها من اتفاقيات أوسلو ١٩٩٣ مع الفلسطينيين و«وادى عربة» مع الأردنيين عام ١٩٩٤، ثم العلاقات الرسمية مع البحرين والإمارات والسودان والمغرب بعد عام 2020، كان العرب يدركون بوضوح جوهر المشروع الصهيونى، لكن الأجيال الجديدة وفى غمرة التعتيم الإعلامى الممنهج عربيا نسيت حقيقة هذا الاحتلال وتصورت أن إسرائيل دولة ديمقراطية علمانية متحررة تؤمن فعلا بالحريات وحقوق الإنسان.
العدوان الإسرائيلى المستمر منذ ٧ أكتوبر كارثى ومأساوى لكنه لا يخلو من فوائد أهمها أنه فضح جوهر السياسات الإسرائيلية للأجيال العربية الجديدة، بل وللشباب فى معظم بلدان العالم خصوصا طلاب الجامعات الكبرى فى الغرب، وبالأخص فى الولايات المتحدة، التى انتفض طلابها ــ وفيهم بعض اليهود ــ ضد البربرية الإسرائيلية بحق سكان غزة.
مرة أخرى ما ارتكبته إسرائيل من مجازر متنوعة ضد الشعب الفلسطينى وآخرها فى مخيم النصيرات بغزة يكشف لنا أن الرهان على إمكانية إقامة علاقات سلام مع هذا الكيان ضرب من الأمل الكاذب والسراب الخادع.
نتمنى أن تعترف إسرائيل بحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، لكن واقع الحال يؤكد كل لحظة أن هذه الحكومة التى تحظى بدعم أكثر من ٥٠٪ من الشعب الإسرائيلى تنكر على الفلسطينيين، ليس فقط الحق فى إقامة دولتهم المستقلة، بل الحق فى الحياة نفسها.
أحد قادة هذه الحكومة وهو المتطرف بتسلئيل سموتريتس وزير المالية ورئيس حزب «الصهيونية الدينية» نشر دراسة مهمة قبل سنة كاملة، وقبل أربعة شهور من عملية «طوفان الأقصى»، خير فيها الفلسطينيين فى الضفة والقطاع بين ثلاثة خيارات لا رابع لها، وهى إما أن يقبلوا العيش كمواطنين درجة ثانية فى دولة إسرائيل الكبرى من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، أو يرحلوا تماما خارجها، أو يتم قتلهم إذا أصروا على المقاومة.
أهمية هذه الدراسة التى نشرت أكثر من مرة آخرها فى يونيو ٢٠٢٣ أنها تكشف بوضوح أن الأهداف الصهيونية واضحة، وأنها لم تكن فى حاجة إلى عملية «طوفان الأقصى» لكى تقوم بهذا العدوان البربرى الوحشى.
لو جاز لى أن أقترح على المفاوض العربى أن يسأل الإسرائيليين سؤالا مفتاحيا أساسيا وهو: هل تؤمنون بأن الفلسطينى والعربى يستحق الحياة مثل الإسرائيلى؟ وهل هذا العربى من «الأغيار» له نفس المكانة الإنسانية التى تنظرون بها للإسرائيلى؟
هذه أسئلة شديدة الأهمية لأنه إذا كان غالبية الإسرائيليين يرون أن «العربى الميت هو العربى الجيد» وأن الفلسطينيين «حيوانات بشرية»، كما قال وزير دفاعهم يوآف جالانت، أو ينبغى محوهم من الأرض بالقنبلة النووية كما قال أميحاى إلياهو وزير تراثهم، وإذا كانت كل الأحزاب والقوى الإسرائيلية الصهيونية تعارض علنا إقامة دولة فلسطينية، فالسؤال البديهى هو: كيف يمكن أن نضع أيدينا فى أيدى هؤلاء القتلة الساديين، كيف نأمن على أيدينا؟! ليعترفوا أولا أننا بشر متساوون فى الحقوق والواجبات وبعدها يمكننا أن نناقش أى شىء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس مجزرة النصيرات دروس مجزرة النصيرات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon