بقلم - عماد الدين حسين
حينما قرر الرئيس الأمريكى جو بايدن، تجميد صفقة دخائر وقنابل واحدة لإسرائيل، احتجاجًا على دخولها إلى معبر رفح فى قطاع غزة المحتل، فإن حجم المعارضة لقراره داخل الكونجرس الأمريكى والمؤسسات الأمريكية ربما كان أكبر من حجم المعارضة داخل الطبقة السياسية الإسرائيلية التى يعارض بعضها حكومة نتنياهو وسياساته المتطرفة.
غالبية أعضاء الكونجرس ما يزالون يؤيدون السياسات الإسرائيلية بصورة شبه كاملة، وبالتالى فإن معظمهم عارض قرار بايدن بتجميد صفقة الأسلحة.
اليوم سوف أعرض بسرعة لنوعية ردود الفعل داخل الكونجرس، وهو الأكثر تأثيرًا فى مجريات السياسية الأمريكية مع إدارة البيت الأبيض حتى نعرف حجم التأثير الإسرائيلى فى أمريكا.
الرئيس السابق دونالد ترامب عارض قرار بايدن، لأنه قال: «يغير من استراتيجية إسرائيل القتالية فى الميدان وينذر بحرب عالمية ثالثة، لأن جو المحتال يقف بجوار هؤلاء الإرهابيين!!».
رئيس مجلس النواب الأمريكى مايك جونسون، قال: «إنه مندهش من قرار بايدن بل شعر بالخيانة من هذا القرار، لكن الأهم إنه قال إن كبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية أكدوا له، خلال مناقشات سرية، أنه لن يحدث أى انقطاع فى توريد الأسلحة لإسرائيل».
ويعتقد جونسون إن قرار بايدن يعود إلى «لحظة مرتجلة»، ويعكس حالة الارتباك والقلق داخل الأوساط السياسية، بل يراه «خروجًا على النص» فيما يتعلق بنهج سياسة الإدارة تجاه إسرائيل.
من التعليقات الملفتة أيضًا دعوة النائب الجمهورى البارز جدًا «لندسى جراهام» للرئيس بايدن، لإعادة النظر فى قرار تجميد صفقة الأسلحة. مضيفًا: «إذا أوقفنا الأسلحة اللازمة لتدمير أعداء إسرائيل فى وقت شديد الخطورة سندفع الثمن، ما حدث فحش وعبث، أعطوا إسرائيل ما تحتاجه لخوض حرب ليس بوسعها تحمل مغبة خسارتها».
زعيم الأغلبية الديمقراطية فى مجلس الشيوخ تشاك شومر، قال: «أعتقد أن العلاقة بين البلدين قوية».
أما زعيم الجمهوريين فى مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل فقد انتقد بايدن بشدة، ووصفه بأنه ينحنى تحت وطأة الضغط السياسى الداخلى فى قاعدة حزبه المناهضة لإسرائيل والشيوعيين فى حرم الجامعات، الذين قرروا أن يدثروا أنفسهم بعلم بحماس.
وأنه قام بالفصل بين أمريكا وحليف وثيق، وأن هذا القرار سوف يزيد من شهية اليسار فى الداخل وإيران وأنصارها فى الخارج.
أما السيناتور الديمقراطى تيم كين العضو فى لجنتى العلاقات الخارجية والقوات المسلحة بمجلس الشيوخ، فقال: إنه حض إدارة بايدن أكثر من مرة على إعطاء الأولوية للأسلحة الدفاعية التى تحتاجها إسرائيل وإعادة تزويد مخزون القبة الحديدية، مع تأييده وقف بعض الأسلحة الهجومية.
مايك مكول، رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب، ومايك روجرز، رئيس لجنة القوات المسلحة بنفس المجلس، قالا: «أفزعنا إيقاف الإدارة شحنات الأسلحة مما يضعف قوة الردع الإسرائيلية أمام إيران ووكلائها، لقد اتخذ بايدن هذا القرار بصورة سرية، وأخفاه عمدًا عن الكونجرس والشعب الأمريكى.
وبالطبع فإن من أيد قرار بايدن كان قليلًا جدًا أمثال السيناتور المستقل بيرنى ساندرز، الذى وصف القرار بخطوة أولى، لأنه لم يعد بمقدورنا أن نتواطأ فى حرب نتنياهو المروعة ضد الشعب الفلسطينى.
يحلو لغالبية وسائل الإعلام العربية أن تركز على نواب الكونجرس المعارضين لإسرائيل، وعددهم لا يتجاوز ٦٪، لكن هذه الوسائل لا تنقل إلى الجمهور العربى بأن غالبية النواب مؤيدون لإسرائيل ومعهم غالبية وسائل الإعلام. ولم يلحظ الكثير أن أحد الأسباب الأساسية لمحاولة قمع الآراء الطلابية المتعاطفة مع فلسطين، أن كبار ممولى هذه الجماعات من رجال الأعمال المتعاطفين مع إسرائيل. وبالتالى فقد ضغطوا على إدارات هذه الجامعات ومجالس أمنائها لقمع هذه الاحتجاجات وإلا توقفوا عن التمويل.
طبعًا نحن هنا نتحدث عن القوى السياسية الأمريكية ولم نتناول اللوبى اليهودى، والصهيونى وأنصار إسرائيل فى أمريكا وما أكثرهم، بل إن العديد من المسئولين الإسرائليين هددوا علنا بقلب الرأى العام الأمريكى ضد بايدن فى الانتخابات، كما فعل مندوب إسرائيل فى الأمم المتحدة جلعاد أردان حينما قال، إن هناك الكثير من اليهود صوتوا لمصلحة بايدن، وهم الآن مترددون».
من الواضح أن الدعم السياسى الأمريكى لإسرائيل قوى للغاية خصوصًا فى الكونجرس، لكن احتجاجات طلاب الجامعات، تقول لنا إن كل شىء قابل للتغيير حتى لو استغرق وقتًا طويلًا.