بقلم - عماد الدين حسين
هل فى يد مصر أوراق ضغط ضد إسرائيل التى تنفذ عدوانا غير مسبوق على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر من العام الماضى، وحتى هذه اللحظة؟!
بعض السذج والمشككين يقولون كلاما مرسلا بلا أى دليل مفاده أنه لم تعد فى يد الدولة المصرية أوراق للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها تمهيدا لمرحلة تهدئة تقود إلى مفاوضات حقيقية لتحقيق حل الدولتين، أو حتى تلجم العدوان الإسرائيلى وتهديده للأمن القومى المصرى.
الرأى العام مهم جدا وإرضاؤه مسألة جوهرية، لكن ذلك عامل مهم واحد، بين عوامل كثيرة ينبغى الأخذ بها حينما يتم اتخاذ السياسات والقرارات المختلفة.
البعض يقول بقصر نظر شديد إننا يجب أن نرفع شعار «مصر أولا وفقط» وهؤلاء لا يدركون أن هذا الشعار يتضمن أيضا ألا يكون هناك كيان خطير يهدد المصالح المصرية فى الاتجاه الشرقى.
ورغم الخلافات المعروفة بين مصر وحركة حماس قبل سنوات، فإن احتلال إسرائيل لقطاع غزة، ولمحور فيلادلفيا ومعبر رفح يهدد الأمن القومى المصرى. ولهذا السبب فإن كبار المسئولين المصريين يحذرون إسرائيل يوميا من مغبة التصعيد، الذى يقود إلى تفجير المنطقة بأكملها.
نعود إلى ما بدأناه ونسأل: ما هى الأوراق الموجودة فى جعبة الدولة المصرية لمواجهة إسرائيل؟!
ظنى الشخصى وخلافا لما يعتقده الكثيرون فإن هناك العديد من الأوراق، والخلاف فقط يدور بشأن متى وكيف يمكن تفعيلها.
أول ورقة فى يد مصر هى الرفض الكامل للعدوان الإسرائيلى، وقد تم ذلك بالفعل منذ بداية العدوان.
الورقة الثانية هى الموقف الرسمى والشعبى الرافض لاستمرار العدوان وهذه الورقة تم تفعيلها منذ اليوم الأول وحتى الآن، وقد يسخر البعض من هذه الورقة، وقد لا يدرك أهميتها إلا إذا قارنتها ببعض الدول التى لم توصف ما يحدث حتى الآن بأنه عدوان
الورقة الثالثة: العمل من أجل إدخال أكبر قدر من المساعدات للأشقاء فى غزة، وأهمية هذه الورقة ليست فقط فى الجانب الإنسانى، ولكن لتثبيت أهل غزة فى أرضهم وإجهاض مخطط التهجير حتى هذه اللحظة.
الورقة الرابعة هى وقف التنسيق مع إسرائيل بخصوص العديد من القضايا، وأظن أنه قد بدأ استخدام هذه الورقة فى الفترة الأخيرة. الورقة الخامسة هى تجميد بعض أنواع التعاون غير المشمولة فى اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين عام ١٩٧٩.
الورقة السادسة: تخفيض التمثيل الدبلوماسى المصرى مع إسرائيل، يتبعه استدعاء السفير المصرى من تل أبيب، وتخفيض مستوى التمثيل الإسرائيلى فى القاهرة، علما بأنه لا يوجد سفير إسرائيلى فى مصر منذ بداية العدوان.
الورقة السابعة وقف كافة أشكال التعاون الاقتصادى بين البلدين، علما بأن هذا التعاون ليس كله فى مصلحة إسرائيل، مثل اتفاقية الكويز التى ترعاها أمريكا لجذب رجال الأعمال المصريين للتعاون مع نظرائهم الإسرائيليين.
الورقة الثامنة: مواجهة إسرائيل فى المحافل الدولية من أجل فضحها وتجريسها كما يحدث بالفعل فى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختلفة والتصويت دائما ضد إسرائيل وجرائمها.
الورقة التاسعة هى رفض التنسيق مع إسرائيل فى معبر رفح ورفض الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلى للمحور والمعبر وقد تم تفعيل هدف الورقة بالفعل.
الورقة العاشرة: التداخل فى دعوى جنوب إفريقيا فى محكمة العدل الدولية، والمطالبة بإدانة إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية.
الورقة الحادية عشرة أن تجمد مصر العمل باتفاقية السلام أو بعض بنودها، استنادا إلى أن إسرائيل خرقتها أكثر من مرة خلال الشهور الأخيرة.
الورقة الثانية عشرة أن تلغى مصر المعاهدة تماما حينما تصل إلى قناعة أن مصالحها القومية والوطنية مهددة وأن خسائر وأضرار الالتزام بالمعاهدة أكبر كثيرا من فوائدها.
النقطة المهمة هى أن كل هذه الأوراق تخضع لما يعرف بمبدأ «التناسبية»، بمعنى أن لكل فعل رد فعل مساويا له فى المقدار، فالتصريح المعادى ينبغى أن يرد عليه بمثله وحينما يتهجم وزير إسرائيلى علينا يرد عليه وزير مناظر له.
علينا أن نتذكر أن وزير خارجيتنا سامح شكرى كان يكرر دائما خلال الشهور الأخيرة أن معاهدة السلام مع إسرائيل خيار والتزام استراتيجى، لكنه قبل حوالى أسبوعين عدل الصيغة وقال إنها تخضع للمصالح المصرية وحسب التطورات، وهذا الكلام الأخير مهم للغاية.
والمؤكد أن هناك العديد من الأوراق الأخرى فى يد صانع القرار، يمكن استخدامها فى الوقت المناسب وحسب التطورات.