توقيت القاهرة المحلي 09:17:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحوار الوطني.. والمفارقة المدهشة

  مصر اليوم -

الحوار الوطني والمفارقة المدهشة

بقلم - عماد الدين حسين

«لولا الحوار الوطنى وفتح المجال العام نسبيا وإطلاق سراح حوالى ألفى محبوس على ذمة قضايا سياسية، ما كان ممكنا الوصول إلى مشهد الانتخابات الرئاسية الذى شهد مشاركة شعبية غير مسبوقة بلغت أكثر من ٦٦٪».
العبارة السابقة لم يقلها أحد أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطنى، أو مقررو المحاور واللجان المختلفة، أو أى من المشاركين الفاعلين فى الحوار، ولكن قالها مصدر مسئول مهم فى الدولة.
أما الأكثر غرابة والأكثر إثارة للدهشة، فهو أن يعتبر بعض السياسيين والإعلاميين الحوار الوطنى خطرا على تماسك الدولة والمجتمع وجالبا للفوضى وعدم الاستقرار.
فى الأيام الأخيرة استمعت إلى أكثر من سياسى وإعلامى يعلق على انتقادات بعض المعارضين ممن تم الإفراج عنهم مؤخرا لبعض سياسات الحكومة خصوصا فيما يتعلق بتطورات العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.
بعض هؤلاء يتحدثون بحسن نية، ويعتقدون أن الانفتاح النسبى الذى قامت به الدولة فى العامين الأخيرين، أدى إلى أعراض سلبية كثيرة، سمحت بإعادة إنتاج بعض الممارسات التى قادت ــ من وجهة نظرهم ــ إلى ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١.
لكن المفاجأة الحقيقية أن غالبية رجال الدولة خصوصا القريبين من هذا الملف لديهم وجهة نظر شديدة الانفتاح والتقدم ويدافعون أحيانا عن فتح المجال العام أكثر من بعض الإعلاميين والسياسيين، على الرغم من أن المنطق الطبيعى يقول إن العكس هو الصحيح، بمعنى أن السياسى والإعلامى يفترض أن يدافع دائما عن الانفتاح والتنوع والاختلاف، طالما أنه فى إطار القانون، فى حين أن المسئول أو الأجهزة الأمنية المختلفة هى التى تكون ذات نظرة محافظة ومتحفظة.
وجهة نظر كثير من مسئولى الدولة التى استمعت إليها أكثر من مرة فى الأسابيع الأخيرة، خصوصا بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة مبشرة وجيدة فى هذا المجال. وفحواها أنها تدرك أن فوائد تجربة الحوار الوطنى كانت كبيرة جدا جدا مقارنة بأى سلبيات يمكن رصدها.
تفاصيل ذلك هى النقاشات الثرية والمتنوعة داخل الحوار الوطنى والتى أذيعت على قناة «إكسترا لايف» التابعة للشركة المتحدة، ومن دون مصادرة على أى رأى مهما كان معارضا، ثم المشاركة المفتوحة لكل القوى السياسية فى هذا الحوار، والمساحات المشتركة التى تم خلقها عبر هذا الحوار.
كل ما سبق هو الذى قاد إلى مشهد الانتخابات الرئاسية.
وعلى سبيل المثال، لم يكن ممكنا إطلاقا مشاركة الحزب المصرى الديمقراطى فى الانتخابات الرئاسية بمرشحه فريد زهران، لولا تجربة الحوار الوطنى.
تضيف وجهة النظر هذه أن الأحزاب المعارضة اكتشفت أن مشاركتها فى الحوار الوطنى هى التى أتاحت الإفراج عن المحبوسين السياسيين، وبالتالى لولا هذا الحوار لم يكن كثير من الناخبين قد شاركوا فى الانتخابات، إضافة إلى أن العديد من الأحزاب شاركت بجوار أحزاب المصرى الديمقراطى والشعب الجمهورى والوفد. إضافة لحزبى «مستقبل وطن» و«حماة الوطن».
ثم إن بعض الذين تم الإفراج عنهم كانوا قد قضوا كامل مدة حكمهم أو معظم هذه المدة، وبعض المسجونين الآخرين سوف يُفرج عنهم حينما تنتهى مدة سجنهم قريبا، فهل كان مفروضا استمرار حبس كل هؤلاء إلى الأبد؟!
فى تقدير بعض أجهزة الدولة أن غالبية من تم إطلاق سراحهم أظهروا سلوكا منضبطا ووطنيا وعاقلا، وهو ما سيعود على المجتمع بأكمله إيجابا، بل وسيقود إلى نزع الألغام الموجودة فى الشارع السياسى المصرى والتى يمكن ــ لا قدر الله ــ أن تنفجر فتصيب الجميع بشظايا خطرة.
ثم إن أى مسجون أو محبوس سابق سيخالف القانون يمكن التعامل معه بالقانون، وقد يعود إلى السجن مرة أخرى، إذا أقر القضاء ذلك، وبالتالى لا عصمة ولا حصانة لأحد فوق القانون.
تحية خالصة لكل صوت يدافع عن التنوع والاختلاف والانفتاح، طالما كان فى إطار القانون والدستور، وتحية لكل من قاد إلى تطبيق ذلك على أرض الواقع.
التنوع هو الذى يزيد من مناعة المجتمع بأكمله ويصب فى مصلحة الجميع وفى مقدمتهم الحكومة والدولة قبل أن يصب فى مصلحة المعارضة.
وبالتالى نتمنى الاستمرار فى هذا المسار، بكل الوسائل الممكنة وفى مقدمتها تعزيز دور الحوار الوطنى وضخ المزيد من الحيوية والفاعلية خصوصا فى البرلمان والأحزاب والقوى السياسية والمجتمع المدنى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحوار الوطني والمفارقة المدهشة الحوار الوطني والمفارقة المدهشة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon