توقيت القاهرة المحلي 13:06:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحوار الوطني.. والمفارقة المدهشة

  مصر اليوم -

الحوار الوطني والمفارقة المدهشة

بقلم - عماد الدين حسين

«لولا الحوار الوطنى وفتح المجال العام نسبيا وإطلاق سراح حوالى ألفى محبوس على ذمة قضايا سياسية، ما كان ممكنا الوصول إلى مشهد الانتخابات الرئاسية الذى شهد مشاركة شعبية غير مسبوقة بلغت أكثر من ٦٦٪».
العبارة السابقة لم يقلها أحد أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطنى، أو مقررو المحاور واللجان المختلفة، أو أى من المشاركين الفاعلين فى الحوار، ولكن قالها مصدر مسئول مهم فى الدولة.
أما الأكثر غرابة والأكثر إثارة للدهشة، فهو أن يعتبر بعض السياسيين والإعلاميين الحوار الوطنى خطرا على تماسك الدولة والمجتمع وجالبا للفوضى وعدم الاستقرار.
فى الأيام الأخيرة استمعت إلى أكثر من سياسى وإعلامى يعلق على انتقادات بعض المعارضين ممن تم الإفراج عنهم مؤخرا لبعض سياسات الحكومة خصوصا فيما يتعلق بتطورات العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.
بعض هؤلاء يتحدثون بحسن نية، ويعتقدون أن الانفتاح النسبى الذى قامت به الدولة فى العامين الأخيرين، أدى إلى أعراض سلبية كثيرة، سمحت بإعادة إنتاج بعض الممارسات التى قادت ــ من وجهة نظرهم ــ إلى ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١.
لكن المفاجأة الحقيقية أن غالبية رجال الدولة خصوصا القريبين من هذا الملف لديهم وجهة نظر شديدة الانفتاح والتقدم ويدافعون أحيانا عن فتح المجال العام أكثر من بعض الإعلاميين والسياسيين، على الرغم من أن المنطق الطبيعى يقول إن العكس هو الصحيح، بمعنى أن السياسى والإعلامى يفترض أن يدافع دائما عن الانفتاح والتنوع والاختلاف، طالما أنه فى إطار القانون، فى حين أن المسئول أو الأجهزة الأمنية المختلفة هى التى تكون ذات نظرة محافظة ومتحفظة.
وجهة نظر كثير من مسئولى الدولة التى استمعت إليها أكثر من مرة فى الأسابيع الأخيرة، خصوصا بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة مبشرة وجيدة فى هذا المجال. وفحواها أنها تدرك أن فوائد تجربة الحوار الوطنى كانت كبيرة جدا جدا مقارنة بأى سلبيات يمكن رصدها.
تفاصيل ذلك هى النقاشات الثرية والمتنوعة داخل الحوار الوطنى والتى أذيعت على قناة «إكسترا لايف» التابعة للشركة المتحدة، ومن دون مصادرة على أى رأى مهما كان معارضا، ثم المشاركة المفتوحة لكل القوى السياسية فى هذا الحوار، والمساحات المشتركة التى تم خلقها عبر هذا الحوار.
كل ما سبق هو الذى قاد إلى مشهد الانتخابات الرئاسية.
وعلى سبيل المثال، لم يكن ممكنا إطلاقا مشاركة الحزب المصرى الديمقراطى فى الانتخابات الرئاسية بمرشحه فريد زهران، لولا تجربة الحوار الوطنى.
تضيف وجهة النظر هذه أن الأحزاب المعارضة اكتشفت أن مشاركتها فى الحوار الوطنى هى التى أتاحت الإفراج عن المحبوسين السياسيين، وبالتالى لولا هذا الحوار لم يكن كثير من الناخبين قد شاركوا فى الانتخابات، إضافة إلى أن العديد من الأحزاب شاركت بجوار أحزاب المصرى الديمقراطى والشعب الجمهورى والوفد. إضافة لحزبى «مستقبل وطن» و«حماة الوطن».
ثم إن بعض الذين تم الإفراج عنهم كانوا قد قضوا كامل مدة حكمهم أو معظم هذه المدة، وبعض المسجونين الآخرين سوف يُفرج عنهم حينما تنتهى مدة سجنهم قريبا، فهل كان مفروضا استمرار حبس كل هؤلاء إلى الأبد؟!
فى تقدير بعض أجهزة الدولة أن غالبية من تم إطلاق سراحهم أظهروا سلوكا منضبطا ووطنيا وعاقلا، وهو ما سيعود على المجتمع بأكمله إيجابا، بل وسيقود إلى نزع الألغام الموجودة فى الشارع السياسى المصرى والتى يمكن ــ لا قدر الله ــ أن تنفجر فتصيب الجميع بشظايا خطرة.
ثم إن أى مسجون أو محبوس سابق سيخالف القانون يمكن التعامل معه بالقانون، وقد يعود إلى السجن مرة أخرى، إذا أقر القضاء ذلك، وبالتالى لا عصمة ولا حصانة لأحد فوق القانون.
تحية خالصة لكل صوت يدافع عن التنوع والاختلاف والانفتاح، طالما كان فى إطار القانون والدستور، وتحية لكل من قاد إلى تطبيق ذلك على أرض الواقع.
التنوع هو الذى يزيد من مناعة المجتمع بأكمله ويصب فى مصلحة الجميع وفى مقدمتهم الحكومة والدولة قبل أن يصب فى مصلحة المعارضة.
وبالتالى نتمنى الاستمرار فى هذا المسار، بكل الوسائل الممكنة وفى مقدمتها تعزيز دور الحوار الوطنى وضخ المزيد من الحيوية والفاعلية خصوصا فى البرلمان والأحزاب والقوى السياسية والمجتمع المدنى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحوار الوطني والمفارقة المدهشة الحوار الوطني والمفارقة المدهشة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 10:52 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان
  مصر اليوم - محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان

GMT 00:01 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سمية الألفي تكشف السبب من وراء بكاء فاروق الفيشاوي قبل وفاته

GMT 10:56 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسلات إذاعية تبثها "صوت العرب" فى نوفمبر تعرف عليها

GMT 23:21 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

أهم النصائح للعناية بالشعر في المناطق الحارة

GMT 08:55 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

حارس ريال مدريد السابق يعلن شفاءه من فيروس كورونا

GMT 21:55 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

نشوب حريق هائل داخل محل تجاري في العمرانية

GMT 00:40 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

محمد إمام يفتخر بحضارة مصر الفرعونية في باريس

GMT 23:15 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يحيي ذكرى رحيل «زامورا» «سنظل نتذكرك دائما»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon