توقيت القاهرة المحلي 10:43:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أمريكا ورفح.. و«التخدير اللذيذ»

  مصر اليوم -

أمريكا ورفح و«التخدير اللذيذ»

بقلم - عماد الدين حسين

هل تعارض الولايات المتحدة فعلا شن إسرائيل لعملية عسكرية فى مدينة رفح الفلسطينية بل واحتلالها؟! وهل يمكن أن تكون أمريكا هى الحكم المناسب فى هذه القضية؟!

 أظن أن الإجابة ملتبسة لدى كثيرين خصوصا بين المواطنين العرب، والسبب هو الفارق الكبير فى اللغة التى يتحدث بها بعض المسئولين الأمريكيين خصوصا أولئك الذين يخاطبون العالمين العربى والإسلامى.

لكن الإجابة الصحيحة والتى لا تنكرها الولايات المتحدة هى أنها لم تعلن فى أى لحظة أنها ضد دخول قوات الاحتلال الإسرائيلية إلى رفح. هى فقط تختلف مع إسرائيل على طريقة الدخول.

وأظن أن الطريقة التى تتعامل بها الإدارة الأمريكية فى قضية رفح هى أوضح دليل على أكبر عملية خداع وتضليل تمارسها واشنطن بحق الفلسطينيين والعرب، بل بحق شعوب العالم التى تعارض العدوان الإسرائيلى والدعم الأمريكى المفتوح له طوال الوقت.

الولايات المتحدة كانت واضحة وضوح الشمس حينما قالت: «إننا نعارض أى عملية عسكرية واسعة النطاق فى رفح إلا بعد أن تقوم إسرائيل بإجلاء غالبية الفلسطينيين المقيمين فى المدينة».

ما معنى هذا التصريح وترجمته الفعلية على أرض الواقع؟!

هو يعنى ببساطة الحقائق الآتية:
أولا: أن أمريكا لا تعارض أى عملية عسكرية إسرائيلية فى رفح من حيث المبدأ، بل تختلف فقط على طريقة التنفيذ.

ثانيا: أن الولايات المتحدة لا تعارض أى عمليات عسكرية محدودة أو متوسطة فى رفح. وهنا سوف نغرق فى تفاصيل فنية غامضة مثل ما هو مفهوم وحدود العملية المحدودة أو المتوسطة؟!

هل هى التى يقتل فيها يوميا حوالى خمسين فلسطينيا وإصابة مائة وتدمير مائة بيت، ومعهم أكبر عدد من المنشآت والبنية التحتية فى المدينة؟!

إسرائيل اجتاحت رفح فى ٧ مايو الحالى واحتلت معبر رفح من الجهة الفلسطينية ثم محور فيلاديفيا أو صلاح الدين، وبدأت فى تنفيذ عمليات عسكرية داخل المدينة، والملفت للنظر أن الولايات المتحدة لم تصدر أى كلمة أو بيان يرفض أو يستنكر أو يدين احتلال إسرائيل للمعبر، الأمر الذى أدى إلى توقف دخول المساعدات من مصر، حيث يصعب تماما تأمينها وسط العمليات العسكرية وخوفا من أن يكون ذلك لتثبيت خطط نتنياهو هناك.

أمريكا تقول كل يوم لإسرائيل ما معناه: «نحن لا نعارض خططكم لتدمير حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية، ولا نعارض دخولكم رفح لتنفيذ ذلك، ولا نعارض احتلالكم لمعبر رفح أو الحدود المصرية الفلسطينية، لكن نعارض فقط الطريقة الغاشمة التى تتصرفون بها، مما يهيج الرأى العام العالمى ضدكم وضدنا».

قبل يومين زار جاك سوليفان مستشار الأمن القومى الأمريكى اسرائيل واجتمع مع قادتها وبعدها مباشرة بدأت اسرائيل فى قصف مكثف بالدبابات للعديد من الأحياء فى حى رفح ولم نسمع أى شىء من سوليفان أو غيره بل تصريح من الرئيس جو بايدن ينفى عن إسرائيل أنها ارتكبت إبادة جماعية.

الخطورة الأخرى فى التصريحات الأمريكية بشأن رفح هى أنها تجعل العالم يسلم بالطريقة الأمريكية بمعنى أنه حينما تقول الولايات المتحدة إنها تعارض أى عملية عسكرية إسرائيلية من دون وجود ضمانات تمنع وقوع ضحايا كثيرين بين المدنيين، فهى عمليا وحينما تغير رأيها وتقول إن هواجسها انتهت، وإن الخطط الإسرائيلية المقدمة لها كافية، فلن يكون أحد وقتها قادرا على التشكيك فى مواقفها، أو حتى معارضتها.

النقطة الثانية أن إسرائيل ــ وربما بمشورة أمريكية ــ غيرت تكتيكها فى رفح، وتمارس سياسة التحرك الهادى والقضم خطوة خطوة، حتى لا تثير غضب الرأى العام العالمى.

ظنى الشخصى ــ وأرجو أن أكون مخطئا ــ أن واشنطن تمارس مع الفلسطينيين والعرب سياسة التخدير اللطيفة اللذيذة فيما يتعلق بمجمل العدوان الإسرائيلى منذ بدايته فى ٧ أكتوبر الماضى، وصولا إلى ما يحدث فى رفح.

مرة أخرى هى لا تختلف مع إسرائيل على قتل الفلسطينيين أو تدمير بيوتهم، تختلف فقط على الطريقة الغاشمة، وكثرة المشاهد الصادمة التى كانت سببا فى إثارة احتجاجات طلاب الجامعات العالمية خصوصا الأمريكية، مما قد يؤثر على فرص بايدن الانتخابية.

أرجو أن تنتبه وسائل الإعلام العربية إلى خطورة تصديق الوعود الأمريكية فيما يتعلق باجتياح رفح. إذا كانت واشنطن جادة فى كلامها فعليها أن تضغط على إسرائيل لتوقف عدوانها وهى تملك كل الأوراق فى ذلك، لكنها لا تريد ولا ترغب ولن تفعل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمريكا ورفح و«التخدير اللذيذ» أمريكا ورفح و«التخدير اللذيذ»



GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 08:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مجدي يعقوب والعطاء على مشارف التسعين

GMT 07:59 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 07:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

عند الصباح

GMT 07:57 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 07:56 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 07:54 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 07:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية
  مصر اليوم - ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon