توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أمريكا ورفح.. و«التخدير اللذيذ»

  مصر اليوم -

أمريكا ورفح و«التخدير اللذيذ»

بقلم - عماد الدين حسين

هل تعارض الولايات المتحدة فعلا شن إسرائيل لعملية عسكرية فى مدينة رفح الفلسطينية بل واحتلالها؟! وهل يمكن أن تكون أمريكا هى الحكم المناسب فى هذه القضية؟!

 أظن أن الإجابة ملتبسة لدى كثيرين خصوصا بين المواطنين العرب، والسبب هو الفارق الكبير فى اللغة التى يتحدث بها بعض المسئولين الأمريكيين خصوصا أولئك الذين يخاطبون العالمين العربى والإسلامى.

لكن الإجابة الصحيحة والتى لا تنكرها الولايات المتحدة هى أنها لم تعلن فى أى لحظة أنها ضد دخول قوات الاحتلال الإسرائيلية إلى رفح. هى فقط تختلف مع إسرائيل على طريقة الدخول.

وأظن أن الطريقة التى تتعامل بها الإدارة الأمريكية فى قضية رفح هى أوضح دليل على أكبر عملية خداع وتضليل تمارسها واشنطن بحق الفلسطينيين والعرب، بل بحق شعوب العالم التى تعارض العدوان الإسرائيلى والدعم الأمريكى المفتوح له طوال الوقت.

الولايات المتحدة كانت واضحة وضوح الشمس حينما قالت: «إننا نعارض أى عملية عسكرية واسعة النطاق فى رفح إلا بعد أن تقوم إسرائيل بإجلاء غالبية الفلسطينيين المقيمين فى المدينة».

ما معنى هذا التصريح وترجمته الفعلية على أرض الواقع؟!

هو يعنى ببساطة الحقائق الآتية:
أولا: أن أمريكا لا تعارض أى عملية عسكرية إسرائيلية فى رفح من حيث المبدأ، بل تختلف فقط على طريقة التنفيذ.

ثانيا: أن الولايات المتحدة لا تعارض أى عمليات عسكرية محدودة أو متوسطة فى رفح. وهنا سوف نغرق فى تفاصيل فنية غامضة مثل ما هو مفهوم وحدود العملية المحدودة أو المتوسطة؟!

هل هى التى يقتل فيها يوميا حوالى خمسين فلسطينيا وإصابة مائة وتدمير مائة بيت، ومعهم أكبر عدد من المنشآت والبنية التحتية فى المدينة؟!

إسرائيل اجتاحت رفح فى ٧ مايو الحالى واحتلت معبر رفح من الجهة الفلسطينية ثم محور فيلاديفيا أو صلاح الدين، وبدأت فى تنفيذ عمليات عسكرية داخل المدينة، والملفت للنظر أن الولايات المتحدة لم تصدر أى كلمة أو بيان يرفض أو يستنكر أو يدين احتلال إسرائيل للمعبر، الأمر الذى أدى إلى توقف دخول المساعدات من مصر، حيث يصعب تماما تأمينها وسط العمليات العسكرية وخوفا من أن يكون ذلك لتثبيت خطط نتنياهو هناك.

أمريكا تقول كل يوم لإسرائيل ما معناه: «نحن لا نعارض خططكم لتدمير حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية، ولا نعارض دخولكم رفح لتنفيذ ذلك، ولا نعارض احتلالكم لمعبر رفح أو الحدود المصرية الفلسطينية، لكن نعارض فقط الطريقة الغاشمة التى تتصرفون بها، مما يهيج الرأى العام العالمى ضدكم وضدنا».

قبل يومين زار جاك سوليفان مستشار الأمن القومى الأمريكى اسرائيل واجتمع مع قادتها وبعدها مباشرة بدأت اسرائيل فى قصف مكثف بالدبابات للعديد من الأحياء فى حى رفح ولم نسمع أى شىء من سوليفان أو غيره بل تصريح من الرئيس جو بايدن ينفى عن إسرائيل أنها ارتكبت إبادة جماعية.

الخطورة الأخرى فى التصريحات الأمريكية بشأن رفح هى أنها تجعل العالم يسلم بالطريقة الأمريكية بمعنى أنه حينما تقول الولايات المتحدة إنها تعارض أى عملية عسكرية إسرائيلية من دون وجود ضمانات تمنع وقوع ضحايا كثيرين بين المدنيين، فهى عمليا وحينما تغير رأيها وتقول إن هواجسها انتهت، وإن الخطط الإسرائيلية المقدمة لها كافية، فلن يكون أحد وقتها قادرا على التشكيك فى مواقفها، أو حتى معارضتها.

النقطة الثانية أن إسرائيل ــ وربما بمشورة أمريكية ــ غيرت تكتيكها فى رفح، وتمارس سياسة التحرك الهادى والقضم خطوة خطوة، حتى لا تثير غضب الرأى العام العالمى.

ظنى الشخصى ــ وأرجو أن أكون مخطئا ــ أن واشنطن تمارس مع الفلسطينيين والعرب سياسة التخدير اللطيفة اللذيذة فيما يتعلق بمجمل العدوان الإسرائيلى منذ بدايته فى ٧ أكتوبر الماضى، وصولا إلى ما يحدث فى رفح.

مرة أخرى هى لا تختلف مع إسرائيل على قتل الفلسطينيين أو تدمير بيوتهم، تختلف فقط على الطريقة الغاشمة، وكثرة المشاهد الصادمة التى كانت سببا فى إثارة احتجاجات طلاب الجامعات العالمية خصوصا الأمريكية، مما قد يؤثر على فرص بايدن الانتخابية.

أرجو أن تنتبه وسائل الإعلام العربية إلى خطورة تصديق الوعود الأمريكية فيما يتعلق باجتياح رفح. إذا كانت واشنطن جادة فى كلامها فعليها أن تضغط على إسرائيل لتوقف عدوانها وهى تملك كل الأوراق فى ذلك، لكنها لا تريد ولا ترغب ولن تفعل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمريكا ورفح و«التخدير اللذيذ» أمريكا ورفح و«التخدير اللذيذ»



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon