توقيت القاهرة المحلي 04:31:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوستن.. وهزيمة إسرائيل الإستراتيجية

  مصر اليوم -

أوستن وهزيمة إسرائيل الإستراتيجية

بقلم - عماد الدين حسين

«إسرائيل قد تواجه هزيمة استراتيجية» صاحب هذه العبارة المهمة جدا ليس أحد قادة حماس أو الجهاد أو حزب الله أو حتى أى مواطن عربى يعارض العدوان الإسرائيلى ضد قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى وحتى الآن.
صاحب هذه العبارة هو لويد أوستن وزير الدفاع الأمريكى فى بيان نشرته وزارته «البنتاجون» حول الكلمة التى ألقاها أوستن خلال منتدى ريجان للدفاع الوطنى الذى انعقد فى ولاية كاليفورنيا.
أوستن قال نصا: «فى هذا النوع من الحروب يجب الاهتمام الشديد بالمدنيين وإذا تم دفعهم فى أحضان العدوان، «حماس»، فإن ما ستحققه إسرائيل من نصر تكتيكى سوف يتحول إلى هزيمة استراتيجية. وأخبرت القادة الإسرائيليين مرارا بأن حماية المدنيين الفلسطينيين فى غزة مسئولية أخلاقية وضرورة استراتيجية، وأن حل الدولتين هو الطريق المفتوح الوحيد للخروج من الصراع المأساوى».
هذا ما قاله أوستن، وتقديرى أنه الكلام الأكثر منطقية الذى صرح به أى مسئول أمريكى منذ انلاع الأزمة عقب عملية «طوفان الأقصى» وحتى هذه اللحظة.
غالبية تصرحات المسئولين الأمريكيين من أصغر موظف فى الخارجية أو البنتاجون نهاية بالرئيس جو بايدن مرورا بغالبية أعضاء الكونجرس بمجلسيه كانت انحيازا سافرا لصالح إسرائيل، بل إنها فى مرات كثيرة كانت تكرارا للأكاذيب الإسرائيلية الفجة.
وبالتالى حينما يقول وزير الدفاع الأمريكى إن إسرائيل قد تواجه هزيمة استراتيجية إذا واصلت استهداف المدنيين فهو ينطق بالحقيقة، لأن هذا ما يتم فعلا.
من الطبيعى أن يعتبر أوستن وغيره من المسئولين الأمريكيين حركة حماس عدوا.
شخصيا وغيرى كثير من المصريين نختلف مع حركة حماس وعلاقتها بجماعة الإخوان، لكنها حينما تقاوم الاحتلال فهى تمارس حقا طبيعيا كفله لها القانون الدولى. وبالتالى فأغلب الظن أنها تلقى تأييدا واسعا هى وكل حركات المقاومة داخل الشارع الفلسطينى.
لكن النقطة الجوهرية التى لمسها أوستن هى الإجرام الإسرائيلى بحق المدنيين الفلسطينيين. من تابع هذا العدوان سيدرك بسهولة أنه يستهدف الشعب الفلسطينى بصورة ممنهجة وليس المقاومين فقط كما يزعم. وحينما يكون هناك أكثر من ١٥ ألف شهيد و٤٠ ألف جريح 75% منهم من النساء والأطفال، وآلاف المفقودين، وتدمير أكثر من نصف مساكن غزة، وتحول أكثر من ٧٥٪ من سكان غزة إلى نازحين داخل القطاع، فالصورة واضحة تماما، وهى أن هؤلاء كانوا فى الماضى أعداء لإسرائيل، وصاروا الآن أكثر عداوة لها، بعد جرائم الحرب والإبادة الجماعية التى تنفذها إسرائيل بحقهم. وإذا كانت إسرائيل قد اكتسبت عداوة غالبية المواطنين العرب والمسلمين، بل وقطاعات دولية كثيرة، فكيف يتصور وزير الدفاع الأمريكى أن يكون شعور سكان غزة تجاه إسرائيل؟!.
أتصور أن الوزير الأمريكى يدرك الحقيقة ويدرك عمق الجرائم التى ترتكبها إسرائيل، لكنه لا يمكنه بأى صورة من الصور أن يقول الحقيقة الواضحة للعيان، وإلا خسر منصبه فورا.
لكن أهمية كلامه أنه الأجرأ على الإطلاق وسط كل التصريحات الأمريكية وإلى حد ما الغربية، فيما يتعلق بتوصيف ما يحدث.
لكن هناك نقاطا مهمة كان يفترض أن يدركها أوستن وهو يطلق هذا التصريح شديد الأهمية. أولى هذه النقاط هى أن العدوان الإسرائيلى يتم فى الأساس بأسلحة أمريكية، وأن أوستن نفسه زار إسرائيل فى بداية العدوان وقال بوضوح إن مخازن السلاح الأمريكية مفتوحة على مصراعيها للإسرائيليين، وهو سارع بتوجيه من بايدن بإرسال حاملتى الطائرات فورد وأيزنهاور بل وسفن نووية، وتقديم كل المعلومات الاستخبارية لإسرائيل.
والمؤكد أن أوستن يدرك تماما أن هذه الأسلحة التى خرجت من مخازن وزارته هى التى يتم بها استهداف المدنيين الفلسطينيين، ومنها قنابل تزن عشرة آلاف طن وكانت السبب فى محو مربعات سكنية بالكامل فى قطاع غزة.
أعرف أن أوستن ليس هو من يقرر السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل بل هو أمر يتقرر بناء على ميراث طويل ومتشابك من السياسات والثقافة والمصالح والدين.
ما قاله اوستن مهم جدا وعلى العرب الفلسطينيين أن يواصلوا فضح العدوان الإسرائيلى، وأن يكشفوا الدور الأمريكى والسلاح الأمريكى فى استمرار هذا العدوان.
والمؤكد أخيرا أن أوستن يدرك أن هزيمة إسرائيل الاستراتيجية قادمة لا محالة. لكن ما لم يقله أوستن أيضا أن هذه الهزيمة لن تكون من نصيب إسرائيل وحدها ولكنها سوف تلحق أيضا بمصالح كل القوى والدول التى زرعتها ودعمتها وسلحتها وفى مقدمتهم أول دولة اعترفت باسرائيل فى ١٤ مايو ١٩٤٨.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوستن وهزيمة إسرائيل الإستراتيجية أوستن وهزيمة إسرائيل الإستراتيجية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon