بقلم - عماد الدين حسين
قضيت ٥ أيام فى العاصمة البلجيكية بروكسل لحضور اجتماعات لجنة الشراكة المصرية الأوروبية، وكذلك اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى بصورة منفصلة مع وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن وفلسطين وإسرائيل.
الزيارة كانت فرصة كبيرة للتعرف عن قرب على آليات عمل الاتحاد الأوروبى، وكيفية صناعة القرار، والاختلافات بين الدول الـ27 أعضاء الاتحاد، إضافة بالطبع لتكوين رؤية موضوعية عن العلاقة المصرية الأوروبية.
الوفد الصحفى المصرى الذى سافر لبروكسل بدعوة من سفارة الاتحاد الأوروبى بالقاهرة، ضم الزملاء علاء ثابت رئيس تحرير «الأهرام»، ومحمود مسلم رئيس مجلس إدارة «الوطن»، وعزت إبراهيم رئيس تحرير «الأهرام ويكلى»، والعبد لله، إضافة للأستاذ حسن موسى بالقسم السياسى بمكتب الاتحاد الأوروبى بالقاهرة وقد بذل جهدا كبيرا لتنسيق وتسهيل مهمتنا.
برنامج الزيارة كان حافلا ومزدحما لدرجة أننا أحيانا لم نجد وقتا لتناول الغداء. البرنامج كان يبدأ أحيانا من الثامنة صباحا حتى الثامنة مساء، لكن للموضوعية فإن غالبية اللقاءات كانت مهمة للغاية.
بعد وصولنا بساعتين فقط عصر الأحد، التقينا بكريستيان بيرجر سفير الاتحاد الأوروبى المتميز فى القاهرة. بيرجر نمساوى الأصل وكان سفيرا لبلاده فى تركيا، ولعب دورا مهما فى تقوية العلاقات مع مصر، خلافا لدور بعض الدبلوماسيين الأوروبيين الذين خدموا قبله ولعبوا أدوارا سلبية للغاية.
بيرجر قال إن الاتحاد يدعم مصر فى عملية الإصلاح الاقتصادى وجذب الاستثمارات ومواجهة المصاعب الناتجة عن التطورات الإقليمية، ومواجهة الإرهاب، ويرى أن هناك مستقبلا أفضل ينتظر الجانبين.
بداية اللقاءات كانت مع لويس ميجيل وهو المتحدث الرسمى الإقليمى للاتحاد الأوروبى، ويتحدث العربية بطلاقة. ثم بعده مباشرة فرانشيسكو كاستيلو مدير منطقة الجوار الجنوبى وتركيا، وهو مختص بالعلاقات الأوروبية مع مصر وشمال إفريقيا وتركيا، وملم جيدا بتطورات الأوضاع فى الشرق الأوسط.
فى نفس اليوم التقينا سايمون موردو كبير مستشارى رئيس المجلس الأوروبى للسياسة الخارجية، ومعه ايكاترينا كاسينج المتحدثة الرسمية باسم رئيس المجلس الأوروبى، والتقى موردو مع وزير الخارجية المصرى سامح شكرى قبل لقائه معنا مباشرة.
فى نفس اليوم حضرنا المؤتمر الصحفى لجوزيب بوريل رئيس المجلس الأعلى للشئون الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، عقب اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الـ٢٧، وكان بوريل واضحا فى التأكيد على إدانة قتل المدنيين الفلسطينيين، وأن الأولوية لإدخال المساعدات الإنسانية، ولابد من تطبيق حل الدولتين، وليس فقط الحديث عن المسار، وأنه لا يمكن قبول وجود فيتو إسرائيلى على هذا الأمر.
ثم التقينا مع هوسبيرت بيورن كبير مستشارى رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين وكان شديد الصراحة فى حديثه عن أوضاع منطقة الشرق الأوسط.
فى مساء اليوم نفسه قابلنا وزير الخارجية سامح شكرى فى نفس موعد مباراة مصر والرأس الأخضر، وتحدث الرجل بتفاؤل عن مستقبل العلاقات بين مصر وأوروبا. وكان ذلك بحضور السفير المصرى المتميز فى بروكسل بدر عبدالعاطى والسفير عمر أبو العيش.
فى يوم الثلاثاء قابلنا السيدة ماريون لاليز منسقة المفوضية الأوروبية لمكافحة جرائم الكراهية ضد المسلمين.
وبعدها مباشرة حضرنا المؤتمر الصحفى لسامح شكرى وجوزيب بوريل عن اتفاق الشراكة المزمع توقيعه قريبا، بحضور الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولى.
صباح الأربعاء قابلنا السيدة كريستينا بيرورا مديرة «فريق عمل منصة الطاقة» فى الاتحاد وعرضت لنا التطور المهم فى علاقة التعاون بين مصر والاتحاد فى مجال الطاقة سواء فى تجارة الغاز أو الطاقة النظيفة خصوصا الهيدروجين الأخضر. ثم التقينا بيتر ستانو المتحدث الرسمى الرئيسى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية وأحد مساعديه، وسلط الضوء على كل ما يخص علاقة الاتحاد الأوروبى بالمنطقة العربية ومصر والحرب فى غزة وهو يعرف وسائل الإعلام العربية جيدا.
بعد ذلك التقينا جاينر لينرزيتش المفوض الأوروبى لإدارة الأزمات والحماية المدنية والمساعدات الإنسانية، ووجه الشكر والتقدير لمصر على دورها الحيوى فى إدخال المساعدات الإنسانية لغزة، وبعده كان اللقاء مع روزماريا جيلى نائبة المدير العام لخدمة العمل الخارجى الأوروبى فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وآخر موعد كان مع سفين كوبمانز الممثل الخاص للاتحاد الأوروبى لعملية السلام فى الشرق الأوسط، وبالطبع فإن السؤال الساخر الدائم هو: وهل هناك عملية سلام فى ظل العدوان الإسرائيلى المستمر؟!
تلك كانت أبرز اللقاءات، وهى مهمة لأنها قادت إلى فهم أعمق لحقيقة دور الاتحاد الأوروبى، وعلاقته بمصر والمنطقة والصراع العربى الإسرائيلى، وهو ما أرجو العودة إليه بمزيد من النقاش.