أهملنا كعرب قراءة التاريخ القريب والبعيد فتفاجأ معظمنا بمدى خطورة إسرائيل ليس فقط على فلسطين والاردن ومصر ولكن على الوطن العربى بأكمله، وربما على الإنسانية.
معظمنا صار غافلا وجاهلا بحقيقة هذا الكيان وخطره الشديد، وبعضنا ربما يدرك ذلك، لكنه لا يملك الإمكانيات والموارد للمواجهة، وقلة تعرف، لكنها لا تريد التصدى خوفا من القوى الداعمة لهذا الكيان.
يوم الخميس الماضى كتب المؤرخ المصرى المعروف والأستاذ بجامعة تافتس الامريكية الدكتور خالد فهمى على صفحته على منصة إكس كلاما مهما جدا سوف أنقله مع بعض التصرف البسيط جدا لعل من لا يعرف لا تكون عنده حجة بعد ذلك:
«حينما وصل ديفيد بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل إلى باريس فى ٢٢ أكتوبر ١٩٥٦ لبدء المفاوضات مع الفرنسيين بخصوص تدبير المؤامرة على مصر، عرض مقترحاته بخصوص كيفية التخلص من نظام جمال عبدالناصر وأيضا بخصوص إعادة رسم خريطة المنطقة برمتها.
ومن ضمن مقترحاته كانت النقاط الآتية:
أولا: الأردن غير قابلة للحياة كدولة مستقلة وبالتالى يقترح تقسيمها بحيث تستولى إسرائيل على الضفة الغربية، فى حين يضم العراق الصفقة الشرقية، لكن مع شرط أساسى هو توطين الفلسطينيين فى شرق الأردن.
ثانيا، لبنان يعانى من تركيز كبير للفلسطينيين فى الجنوب وهذه المشكلة يمكن حلها لو قامت إسرائيل بضم جنوب لبنان حتى نهر الليطانى وبالتالى يعود لبنان إمارة مسيحية.
ثالثا: لابد من وضع قناة السويس تحت حماية دولية فى وضع مضيق تيران وخليج العقبة تحت السيطرة الإسرائيلية لضمان حرية الملاحة فى البحر الأحمر من وإلى إسرائيل.
رابعا: من حق إسرائيل الاحتفاظ بالنصف الشرقى من سيناء، والهدف من هذا الاقتراح ضمان الاستيلاء على حقول البترول فى أبوديس.
هذه هى المقترحات التى نقلها د. خالد فهمى من مذكرات موردخاى بار أون الذى عمل سكرتيرا للوفد الإسرائيلى فى مفوضات باريس ونشرها عام ١٩٩٤، بعنوان بوابات غزة.. طريق إسرائيل إلى السويس والعودة «١٩٥٥ — ١٩٥٧» الدكتور خالد فهمى يعلق على ما ورد فى هذه المذكرات وما طلب به بن جوريون أول رئيس وزراء فى تاريخ إسرائيل منذ أنشائها فى ١٥ مايو ١٩٤٨، ويقول: «هذه هى الدولة التى تقع على حدودنا خبط لزق، دولة توسعية من يومها، مبنية على أيديولوجية تنتمى للقرن الـ ١٩ وعنصريتها تعمق من سنة لأخرى وتسليحها يزداد توحشا، وازدراؤهم واحتقارهم لنا كعرب وكمصريين مسلمين ومسيحيين ويهود يتعمق من سنة أخرى.
انتهى اقتباسى من كلام د. خالد فهمى وتعليقه، وأشير فقط إلى أن مفاوضات باريس كانت بهدف الإعداد للعدوان الثلاثى على مصر نهاية أكتوبر ١٩٥٦ والذى شاركت فيه فرنسا انتقاما من مساعدة مصر للثورة الجزائرية، وبريطانيا، انتقاما من تأميم قناة السويس وطرد بريطانيا من مصر، وإسرائيل بطبيعة الحال التى كانت تدرك منذ اللحظة الأولى أن مصر هى العائق الأكبر أمام مشروعها التوسعى.
والملاحظة الجوهرية أن الأهداف الأساسية من زرع إسرائيل فى المنطقة هى تقسيم العالم العربى بحيث تكون هى الفاصل بين شرقه وغربه، والوكيل الأول للغرب والاستعمار.
لم تتغير أهداف إسرائيل سواء لتهجير الفلسطينيين من الضفة إلى الأردن ونتذكر جيدا ما يسمى بالوطن البديل، وتهجير سكان غزة إلى سيناء وتقسيم لبنان لإدامة الانقسام الطائفى، وعلينا أن نتذكر أن العديد من الدول الغربية خصوصا فرنسا يضغطون هذه الأيام على لبنان لانسحاب قوات المقاومة حتى شمال نهر الليطانى بحيث تكون هذه المساحة بعمق ٣٠ كيلومترا منزوعة السلاح.
وتتذكر أيضا أن محاولات تهجير سكان غزة إلى سيناء لم تتوقف منذ قيام إسرائيل وتكررت كثيرا خصوصا أوائل السبعينيات ثم عادت إلى الضوء هذه الايام.
مرة أخرى المشروعات الإسرائيلية موجودة وجاهزة، فى الإدراج وتنتظر الوقت المناسب للتنفيذ. هم واضحون، وهم فى ظنى لا يتآمرون لأن المؤامرة تحتاج إلى الكتمان والسرية.
هم واضحون منذ البداية وضوح الشمس الحارقة لكن بعضنا لا يريد أن يصدق ذلك.