توقيت القاهرة المحلي 14:42:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النظر للمستقبل وعدم الغرق في الماضي

  مصر اليوم -

النظر للمستقبل وعدم الغرق في الماضي

بقلم - عماد الدين حسين

كيف ندرب أنفسنا كمصريين وعرب على الانشغال بالمستقبل أكثر من الغرق فى قضايا الماضى؟!
سؤال أتذكره كثيرا حينما تأتى ذكرى مناسبات تاريخية مهمة من أول ثورة ١٩١٩ نهاية بثورة يناير ٢٠١١ مرورا بثورة يوليو ١٩٥٢؟
وحتى لا يختلط الأمر على البعض أسارع فأقول إن الانشغال بالمستقبل لا يعنى إهمال أو عدم الاستفادة من كل تجارب الماضى، لكن من دون التوقف عند هذا الماضى وعبادته وتقديسه، وبالتالى الإصابة بالتحجر والخروج من المستقبل بل وربما الحاضر نفسه.
من المهم أن تكون هناك دراسات تاريخية متنوعة عن القضايا الكبرى فى الماضى مثل الثورات حتى تكون نبراسا لنا فى المستقبل ودروسا نستفيد منها حتى لا تتكرر الأخطاء، وليس عيبا أن يرى كل شخص أو فريق أن هذه الثورة أو تلك هى الأحسن والأفضل، لكن المشكلة تبدأ حينما لا يريد هؤلاء مغادرة الماضى، والتعامل مع الحاضر ناهيك عن المستقبل.
سيقول البعض معترضا: لكن الجدل مثلا بشأن ثورة يوليو يعنى الجدل حول مفاهيم وأسئلة كبرى مثل العدالة الاجتماعية والتحرر الوطنى، وأن الجدل بشأن ثورة يناير يعنى نقاشات مهمة بشأن الحريات والديمقراطية؟.
وما سبق اعتراضات منطقية، لكن السؤال هو كيف يمكن أن نحول هذا الجدل إلى قوة دافعة للمضى قدما فى المستقبل بدلا من الإصرار على المناكفات بين فريقين تشبه ما يحدث بين جمهور الدرجة الثالثة لكرة القدم؟!!.
من يتابع غالبية النقاشات حول المناسبات الكبرى التى مرت بمصر طوال المائة عام الماضية سيكتشف بسهولة أنها غارقة تماما فى جدل عقيم لا يُغنى ولا يُسمن من جوع. كل طرف يبدأ النقاش ويختمه بأنه هو الأصح وخصمه هو المخطئ، وهو نفس تفكير بعض المتطرفين دينيا، الذين لا يكتفون بالاعتقاد أنهم الأصح، ولكنهم يكفرون كل من يخالفهم الرأى أحيانا.
هذا الأمر ليس قاصرا فقط على مصر ولكنه مرض منتشر عربيا بصورة لا تخطئها عين، خصوصا فى المشرق العربى أيضا.
الغارقون فى الماضى لا يريدون النظر إلى ما حدث ويحدث فى العالم أجمع، خصوصا المتقدم فمعظم الجدل هناك لم يعد يدور حول مصطلحات مثل الاشتراكية والرأسمالية، لأن الثورة التكنولوجية وتجلياتها خصوصا فى وسائل التواصل الاجتماعى والذكاء الاصطناعى وثورة الاتصالات غيرت وهمشت العديد من المصطلحات والمفاهيم.
صحيح أن الصراعات الطبقية سوف تستمر بصورة أو بأخرى لكن الآليات والتطبيقات اختلفت بصورة جذرية.
الأسس التى بنى عليها التقدم التكنولوجى وتجلياته وتطبيقاته نسفت العديد من الفرضيات التى قامت عليها التقسيمات القديمة ما بين اليمين واليسار.
من لا يصدق عليه أن يتأمل النموذج الصينى. هى دولة كبيرة جدا يحكمها الحزب الشيوعى منذ عام ١٩٤٩ بزعامة ماوتسى تونج، وكان لديهم تجربة مهمة هى «الاشتراكية ذات الخصائص الصينية»، تمييزا عن النموذج السوفييتى. وحتى عندما رحل ماو فى منتصف السبعينيات فإن خليفته وبانى نهضة الصين العظيمة دينيج هسياو بنج اختار صيغة مختلفة تماما تقوم على الإنتاج ثم الإنتاج ثم الإنتاج، وحينما هاجمه الرفاق المتشددون فى الحزب الشيوعى بأنه انحرف عن المبادئ الماركسية، قال لهم قولته المشهورة: «لا يهمنى ما هو لون القطة طالما أنها قادرة على اصطياد الفأر». الآن ومنذ عقود نرى أن التجربة الصينية صارت ملهمة للعديد من دول العالم اقتصاديا وليس سياسيا.
هناك حزب شيوعى وحيد لكنه يطبق التعددية فعليا داخله، وهناك اقتصاد حر وسوق مفتوحة استطاعت جذب استثمارات أجنبية كبيرة جدا.
وحتى هذه اللحظة فإن هذه التجربة تحرص على التعاون مع الغرب الرأسمالى خصوصا فى أسواقه الواسعة أو البحث عن تقنياته المتقدمة.
الفيصل الأساسى فى أى أيديولوجية هو قدرتها على إسعاد مواطنيها وأن ينعموا بحياة كريمة ويعيشوا فى مناخ من الحريات والإنسانية، ووقتها يمكن أن نطلق عليها ما نشاء من مسميات. المهم أن تسعد البشر وترتقى بإنسانيتهم وتخاطب المستقبل ولا تغرق فى جدل الماضى العقيم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظر للمستقبل وعدم الغرق في الماضي النظر للمستقبل وعدم الغرق في الماضي



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon