توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل نلوم المخالفين أم الشركات المجرمة؟

  مصر اليوم -

هل نلوم المخالفين أم الشركات المجرمة

بقلم - عماد الدين حسين

ما الذى يدفع أى مسلم يريد أن يؤدى الركن الخامس من الإسلام وهو الحج، بأن يلقى بنفسه فى التهلكة، ويعرض نفسه لأخطار كثيرة قد تصل إلى الموت، كما حدث مع البعض فى موسم الحج الأخير الذى انتهى قبل أيام قليلة؟!

أطرح هذا السؤال بمناسبة وفاة أكثر من ألف حاج غالبيتهم العظمى من المخالفين، أى الذين لم يحصلوا على ترخيص رسمى بالحج، ولم يدخلوا السعودية بتأشيرة حج معتمدة.
هناك أكثر من عامل يمكن أن يفسر لنا هذا اللغز الذى حير الكثيرين فى موسم الحج الأخير.
أولا: يفترض توافر شرط الاستطاعة التى لا تعنى المال فقط، بل الصحة والقدرة على تحمل السفر ومشاق الحج وتنقلاته والقدرة على الحفاظ على النفس من الأخطار المختلفة.
وثانيا: يفترض أيضا أن أى حاج لابد أن يلتزم بالقواعد والإجراءات التى تضعها الدولة المشرفة والمنظمة والمسئولة عن الحج وهى السعودية، وأولها أن يدخل الأراضى المقدسة بتأشيرة حج معتمدة إذا كان من الخارج، أو يحصل على ترخيص رسمى إذا كان من الداخل.
أعود إلى محاولة التفسير، وأعتقد أن العامل الأول أن بعض الحجاج المخالفين لا يدرك أنه مخالف، فكل ما يشغله أن يؤدى الفريضة، بل إنه فى بعض الأحيان يقوم هذا الشخص ببيع كل ما يملك من أجل إتمام هذا الركن، أو يدخر لسنوات طويلة حتى يكون قادرا على القيام بهذه الرحلة.
والتفسير الثانى والأقرب إلى المنطق هو أن عددا كبيرا من المخالفين لا يدركون أنهم مخالفون، بل هم ضحية لمجموعة من الشركات المجرمة توهمهم بأن كل الإجراءات سليمة خصوصا أن هذا الحاج يدفع للشركة كل ما تطلبه من أموال حتى لو كان مبالغا فيه.
التفسير الثالث أن عددا من الحجاج يعرف أنه مخالف، لكنه يراهن على أن الأمور سوف تسير بالشكل الذى سارت عليه فى السنوات الماضية مع حجاج آخرين. وبالتالى فإن المفاجأة الصادمة لهم هذا العام هى أن السلطات السعودية اتخذت إجراءات صارمة لمحاربة الظاهرة، ورفعت شعار «لا حج من دون ترخيص»، وطاردت المخالفين، بل وتمكنت من القبض على وترحيل حوالى ٤٠٠ ألف شخص.
أما المفاجأة الثانية فهى موجة الحرارة الشديدة والتى لامست ٥٢ درجة مئوية مما أدى الى إصابة بعضهم بضربات شمس بفعل درجات الحرارة الشديدة وأغلب الظن أن بعض هؤلاء مصاب بأمراض مزمنة، وكل هذا أدى إلى زيادة عدد الوفيات.
المؤكد أن غالبية المخالفين لا يدركون أن الشركات أو بالأحرى العصابات قد خدعتهم وأوهمتهم بأنهم حجاج شرعيون ولهم كل الحقوق من السكن إلى المواصلات والمأكل والملبس، وكما يحدث كل عام، فإن المخالفين يتفاجأون دائما بأنه تم النصب عليهم، وبالتالى لا يجدون حلا إلا افتراش الشارع، لكن الحرارة لم تكن فى صالحهم هذه المرة، فمات منهم الكثير.
التفسير الرابع أن الشركات التى أجرمت فى حق هؤلاء الحجاج كانت تدرك كل شىء، وهى على علم بأن هناك إجراءات مشددة اتخذتها السلطات السعودية لمحاربة ظاهرة المخالفين، ورغم ذلك قررت إلقاء هؤلاء الحجاج فى التهلكة عمدا. وهو الأمر الذى يجعلها تتحمل المسئولية الأساسية عن كل متوفى فى الحج خصوصا أنه من بين ٦٥٨ متوفيا مصريا طبقا لوكالة الأنباء الفرنسية كان هناك ٦٣٠ مخالفا، وهو ما يوضح أن وزر هؤلاء معلق فى رقبة هذه الشركات الجشعة.
التفسير الخامس أن العديد من الجهات المصرية من أول وزارة الأوقاف إلى أجهزة الحكومة المختلفة إلى المجتمع الأهلى لم تنجح فى عملية التوعية بحيث لا يخاطر أى شخص بالسفر طالما أنه لا يحمل تأشيرة حج، وهذه النقطة تحتاج نقاشا موسعا، لأنها تكشف عن حالة تسيب مجتمعى رهيب، بحيث إن آلاف المصريين يسافرون للحج من دون تأشيرة رسمية، الأمر الذى عرضهم لأخطار حقيقية وصلت إلى موت المئات منهم.
فى كل عام يثار موضوع الشركات المخلفة وأسميها الشركات المجرمة، لكن الشكوى كانت تتركز دائما على أن هذه الشركات لم تقم بتقديم الخدمات الكاملة للحجاج.
هذا العام الأمر اختلف، وبسبب الحرارة الشديدة مات المئات وربما الآلاف من الحجاج أغلبهم من المخالفين، وهكذا انفضحت هذه الشركات.
ومرة أخرى نسأل: هل من عقاب صارم لهؤلاء المجرمين ولكل من يحركهم ويساندهم ويشغلهم، حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نلوم المخالفين أم الشركات المجرمة هل نلوم المخالفين أم الشركات المجرمة



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon